الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عربستان..المصادرون في أوطانهم

نزار جاف

2006 / 6 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقينا أن الصراع العربي الاسرائيلي قد طغى کثيرا على صراع مهم و حساس آخر للعرب ضد إيران"الفارسية"، ذلک الصراع الذي بات يتخذ أشکالا و إتجاهات متضاربة و غير متوازنة في خطها العام و يکاد يکون في محصلته النهائية لصالح إيران من کافة النواحي.
هذا الصراع الذي وظفته و توظفه إيران عبر سياسة ذکية و موجهة بصورة "إنتقائية" لبلوغ أهداف و غايات محددة تؤدي جميعها الى مفترق واحد ألا وهو منح التفوق و الغلبة لها على الصعيدين الفکري و السياسي.
وإذا ماکانت الثورة الاسلامية عام1979 قد أثلجت صدور العرب و المسلمين جميعا و إستبشروا بها خيرا کثيرا، فإن الحصاد المر من کل ما زرعته تلک الثورة، تؤکد حقيقة واحدة وهي إن تلک البيانات و الشعارات البراقة التي صدروها للعرب خصوصا و المسلمين عموما، لم تکن سوى"أعجاز نزل خاوية" بل وکانت "خشب مسندة"لما إکتنفتها من لغة إزدواجية تشرئب بالنفاق و الکذب، وإذا ماکان الشاه محمد رضا بهلوي في صدد إرجاع أمجاد الشاهات القاجاريين و حاول أن يبني قاعدة إقتصادية ـ سياسية متينة لإيران کانت فيما بعد سببا لإنزعاج واشنطن منه ومن ثم التخلي عنه، فإن مجئ رجال الدين في11شباط عام1979، لم يغير من المحتوى الحقيقي لما کان يريد الشاه أن يفعله، إذ حاول"ويحاولون " هؤلاء و سعوا بکل ما أوتوا من أجل إرجاع المجد الصفوي ولکن بطابع أکثر شمولية و أوسع نفوذا و أقوى شوکة.
ونظرة واحدة متفحصة على ما قدمه هؤلاء للعرب و قضيتهم المرکزية فلسطين، فإنها لم تزد على إضافة مشکلة إضافية الى تلک المشاکل الاخرى الموجودة على الساحة، بل وإنهم من خلال إنشائهم و دعمهم لحرکات إسلامية محددة و نجاحهم في إقصاء حرکة فتح مؤقتا عن الواجهة الرسمية و الوضع المزري الذي آلت إليه حکومة حماس، تؤکد إن طهران تبغي من وراء لعبتها هذه أن تجهز على کل الذي بنته حرکة فتح طوال عقود طويلة وأن تفتح بابا للقلاقل و المشاکل ينهي کل آمال المنطقة و العالم في سلام دائم و شامل يلف المنطقة، ذلک أن قادة طهران و ملالي قم يدرکون جيدا أن الإستقرار و السلام في المنطقة يعني الأيذان برحيلهم عن دفة الحکم.
لکن الذي يثير الشجن و يدفع للأسى، هو ذلک التجاهل العربي المفرط و الملفت للإنتباه لقضية الشعب العربي في عربستان و الذي مافتأ يعاني من سياسة عنصرية إستبدادية هوجاء لاتختلف البتة عن تلک السياسة التي إنتهجها الحکم الشاهنشاهي السابق بحقه، بل وقد لانغالي إذا قلنا إنها قد تکون أشد ضراوة من سابقتها إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار المسحة الدينية للنظام مما يعني منح القدسية لأعماله البربرية الانتقامية ضد الشعب العربي هناک، وإن توالي الانباء العديدة عن حملات الاعدام و الإعتقالات التعسفية وحملات المداهمة و المطاردة لکل الاحرار العرب هناک تؤکد الهوية الفعلية لهذا النظام الدموي.
إيران التي تسمي کل منطقة بإسم ساکنيها مثلما هو الامر في بلوجستان و کوردستان و آذربايجان وترکمانستان، غير إنها ترفض إطلاق کلمة"عربستان" على المنطقة العربية فيها وهو أمر لافت للنظر ويجب الإنتباه إليه مليا، ولست أرى خلف ذلک الامر إلا حقدا عنصريا دفينا يشعر به الاخوة العربستانيون الذي ينظرون بإستخفاف الى تسمية وطنهم جزافا بکلمة عنصرية تمجد للعرق الفارسي وهي"خوزستان"، والحق إن المحتوى العنصري لدولة إيران هو أمر يکاد يطغي عليها و ما الاحداث الاخيرة التي إندلعت مع الآذريين إلا دليلا على هذه الحقيقة، وإن هکذا تظاهرات عارمة ضد تلک الرسوم الکاريکاتيرية هي في مضمونها الفعلي إنعکاس لمعانات جمعية طويلة من ذلک الاستخفاف العنصري الذي جرى و يجري بحقهم، سيما إذا علمنا عن أمر تلک النکات و الطرائف العنصرية الفارسية التي تؤکد على غباء الآذريين، ولعل ماکان يتناقله الايرانيون عن الشاه الراحل قوله"لا أبدل بغلة بأربعين آذري"من الادلة الدامغة على المحتوى العنصري لهذه الفئة المسيطرة على مقاليد الامور، وهنا أجد من المفيد جدا الاشارة الى مثل فارسي يتناقله الفرس فيما بينهم بخصوص العرب وهو"کلب اصفهان يشرب ماءا مثلجا و العربي في الصحراء يأکل الجراد"، من عدا أمثال عنصرية عديدة أخرى بحقهم لا أجد متسعا لعرضها جميعا، لکي يعي العرب حقيقة و زيف کل الادعاءات التي يسوقها هذا النظام عن هويته الاسلامية المزعومة وهي ليست سوى ورقة يستخدمها لبلوغ أهدافه ولو عاش ميکافيلي لهذا الزمن لتردد في کتابة کتابه المشهور"الامير"الذي يطرح فيه أفکاره الإتنهازية وفق مبدأ"الغاية تبرر الوسيلة" و لجعل قادة طهران قدوة مثلى له في أفکاره و مبادئه.
وإذا ماکانت إيران تلعب بالکثير من الاوراق ضد الدول العربية، فإنني أرى الوقت قد أزف لکي تدعم هذه الدول قضية مشروعة و عادلة کقضية الشعب العربي في عربستان، ولو کان هناک عمق عربي لهذه القضية، فإن واقع هذه القضية سوف يشهد تقدما کبيرا للأمام وسوف يکون ذلک کفيلا بحصر طهران في زاوية ضيقة ويسلبهم الاحساس بالغطرسة و العنجهية التي کانت واضحة في رد أحمدي نجاد على أمير قطر حين قال"الخليج العربي"، خصوصا وأن کل شعوب إيران في حالة غليان من إستبداد و قمع الحکم الديني الشمولي.
بقاء إيران على وضعها الحالي، هو إبقاء للفتنة و القمع و الدسائس و المؤامرات بحق شعوب المنطقة بشکل عام و بحق شعوب إيران غير الفارسية بشکل خاص، وإذا ماکان تفتت الاتحاد السوفياتي بداية لمرحلة جديدة خلصت العالم من شرور الروس و تطلعاتهم التوسعية، فإن تحقق نفس الامر في يوغسلافيا والذي إنتهى أخيرا بإنفصال جمهورية الجبل الاسود أيضا عن صربيا خلص منطقة البلقان من العنصرية البغيضة للصرب و وضعهم في إطار لن يستطيعوا التحرک خلاله أکثر من الحد المسموح لهم، واليوم، وحين يزور واشنطن وفد من المعارضة الايرانية لبحث مشروع الدولة الفيدرالية في إيران مابعد الحکم الديني الاستبدادي، فإنني أرى أن الحل الامثل الوحيد هو بتفتيت هذه الدولة الهجينة و تخليص شعوبها من قمع و سطوة النخبة الفارسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah