الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قلة العلاقات الاجتماعية لاتعني بالضرورة بأن الإنسان معقد!

بكر محي طه
مدون حر

(Bakr Muhi Taha)

2020 / 3 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


التكنلوجيا و العلوم الحديثة وبفضل التطور جعلت العالم قرية صغيرة يكاد لا يحصل أمرٌ الا وعرفناه بلحظته بفضل وسائل التواصل الإجتماعي، وبالتاكيد فأننا سنتفاعل مع الامور بغض النظر عن ما إذا كانت مفرحة أو محزنة، وبدورنا سنقوم بمشاركة هذه الاخبار و نتحدث عنها لفترة زمنية معينة، ولكن لو توقفنا لبرهة سنجد بأن هناك أشخاص يشاركوننا نفس الافكار والتوجهات المعرفية والثقافية لكن قد لايكونون ضمن الرقعة الجغرافية عينها التي نعيش فيها، بمعنى إن الصداقة لا تبنى على اساس القرب الجغرافي وحسب أو لغرض تبادل الاحاديث والاسرار وانما لغرض التغذية النفسية والعقلية والروحية لتكتمل أبعاد الصورة الحياتية.

قد لاتجد الشخص المناسب (الصديق) في مُحيطك وهذا أمرٌ محبط لكن لو تمعنا أكثر لوجدناه من أكثر الامور حماسة لماذا؟؟؟ لأن الصديق عندما يكون من خارج بيئتك أو محيطك الجغرافي فأنهُ سيبذل جهداً أكبر في التعبير لنقل صورة أوضح عن محيطه وأفكاره، لتقدم بشكل مفهوم ومنسق اكثر للمتلقي، والعكس صحيح.

ولنفرض مثلاً إنك مهتم بالادب و الروايات الروسية، وتريد أن تعرف أكثر عن طبيعة الكتاب وظروفهم التي كتبوا بها الروايات وبشكلٍ أعمق من المتداول في الأنترنت، فبالتاكيد سيكون من الأجدرِ التواصلُ مع اشخاصٍ يعيشون ضمن تلك البيئة سواء من السكان الاصليين او المقيمين ممن يتحدثون لغتك، اذ ستكون اللغة التي ستتواصل بها عامل مهم، فقد تكون اللغة العربية أو لغة اجنبية اخرى مفهومة من قبل الطرفين أو حتى مترجم فوري، فقد اصبحت تطبيقات الترجمة تاخذ مساحة مهمة في التواصل بين الناس، وبذلك سيكون الطرفين متقاربين بالافكار والحوار.

مانشهدهُ اليوم هو التقيد والعزلة ضمن البيئة الواحدة كون أغلب الافكار ما هي إلا إستنساخ للغير أو تقليد أعمى من دونِ أدنى فهم، لكن بعض الاحيان لابأس بنقل فكرة أو مبادرات إيجابية، بشرط إخراجها بشكل يتلائم مع الواقع حتى لا تكون مشوهة أو مكررة، والاهم تخلق الايجابية في نفسية المتلقي.

اذا كنتم مختلفون أو غير تقليديي الأفكار ووجدتم أنفسكم محاطين بالعقول التقليدية أو ذات الفكرة الاوحد، فهذا لايعني بأنكم مرضى نفسيين أو مُعقدين، بالعكس هذا يدل على إن حاسة الفضول المعرفي والحياتي قوية جداً لديكم، وتنظرون من زاوية معقدة لايمكن للكثرة الكثيرة الوصول بلوغها، أو قد يكونوا كُسالى إلى حد عدم التفكير مجرد تفكير بان يفعلوا شيئاً مغايراً يستحقُ أن يشد الانظار إليهِ.

الإختلاف لا يعني بالضرورة التشوه، وإنما أحياناً قد يرمزُ الى الغرابة في التعبير عن ما يدور في عقولنا، وهذا الإختلاف في التعبير قد نجدهُ في أبسط مثال هو فن "الكولاج" والذي يعتمدُ في أساس تركيبه على جمع عناصر مختلفة ومتضادة لأجل الخروج بمنجزٍ منظم ومنسق بشكل إبتكاري، فقد نختلف في بيئتنا التي نعيش أو الدولة أو المنطقة أو العرق أو الجنس...الخ، لكن الإختلاف سيكون محصلتهُ النهائية صورة رائعة تجمع مكوناتٍ متضادة متجانسة تظهر لترضي الفضول المعرفي و الحياتي المتنوع، المهم بأننا نؤمن بما نريد فعلهُ لنزيد عزيمةً وإصرار لنصل الى ابعد مما خططنا له.

الصداقة الحقيقية ليست مجرد مُواقف أو صندوق لِكتمان الأسرار، الصداقة الحقيقية دواء لجروح الروح، وتغذية إيجابية للعقل، العقل الذي يُفكرُ بطريقةٍ فريدة لا يفهمها إلا عقل آخر يُفكر بنفس الطريقة، وإلا سنبقى غرباء في واقع لن أقول عنهُ مرْ، لكن سأقول سنبقى سُجناء التواصل التقليدي.

لم يكن العدد الكبير من الاصدقاء يفرق يوماً مع من يكون العقل متصلاً ومتوأماً، فالتخاطر الذهني اليوم أصبح واقع حال ليس مجرد تقارير مصورة، فقط أصحاب العقول ذات الافكار المتقاربة أو المتشاركة سيفهمون بعضهم البعض ولن تمنعهم لا حدود ولا لغة ولا شيء تحت مسمى "مستحيل".

وفي النهاية صداقة الأرواح أغلى وأسمى من اي نوع من الصداقات لأنها شفافة ولا يشوبها أي عداء أو مطامع شخصية، فهي تكون غذاء للروح قبل الجسد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم