الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلامة المجتمعات من الانهيار

عادل صوما

2020 / 3 / 5
المجتمع المدني


ورد في الانباء أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يسعى إلى إجراء تعديلات دستورية منها حصر تعريف الزواج على العلاقة التقليدية بين الرجل والمرأة، ما يستبعد شرعنة زواج المثليين في روسيا، وتتضمن حزمة التعديلات إقرارا بإيمان الروس بالرب.
كما شملت حملة بوتن ضد الليبرالية الغربية المفرطة المترهلة حظراً على نشر أي دعاية "للمثلية الجنسية" بين الشباب الروس، أدانته كالعادة جماعات من الليبراليين والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لم تستهجن حتى زواج أم من ابنتها.
لاحظت منذ سنوات مغزى الصور البصرية التي تعمّد الرئيس بوتن ارسالها لشعبه، من خلال ظهوره في احتفالات الديانة المسيحية أو طقوسها، ومنها طقوس احتفال الروس بالغطاس التي أداها في مياه موسكو المثلجة في كانون الثاني، بنزوله إلى مغطس بما يستر عورته فقط وصليب كبير على صدره، كما تعمّد بوتن ظهور شخصيات دينية بجانبه في مناسبات ليست دينية مثل افتتاح جسر القرم العملاق.
كان مغزى الصور واضحاً بالنسبة لي، رغم ارتباطها بشخص يحكم بلد علماني، له تاريخ مع الشيوعية التي أغلقت الكنائس. مغزى الصور بالنسبة لي شخصيا جسّد مثلاً يقول "لا يفل الحديد سوى الحديد"، وتفسيره في السياق الوقوف في وجه الراديكالية العقائدية المتشددة التي أبدلت الجهاد العسكري بوسائل أخرى، أغربها تأييد ما هو ضد عقيدتهم بشكل لا تهاون أو تسامح فيه مثل زواج المثليين، لعلمهم تماماً أن مثل هذا الامر يمهد لزعزعة أسس المجتمعات، ومن ثمة سهولة السيطرة عليها مستقبلا بعد إشاعة الفوضى في دول فقدت أساساتها التي بُنيت عليها منذ قرون.
كما اقترح بوتن أيضا تعديلاً دستورياً حول بعض "الحقائق التاريخية" لحماية "الإنجاز العظيم الذي حققه الشعب في دفاعه عن الوطن".
هذا التعديل يؤكد ويرسّخ قيمة الوطن أمام تيارات كثيرة في عصرنا تؤمن وتروج أن "الوطن مجرد تراب لا قيمة له"، أو أن الوطن مجرد شركة مساهمة يمكن المتاجرة بأصوله خصوصاً الانتماء، وقوته خصوصاً الناعمة، وحضارته وتاريخه فلا لزوم لها، تماشياً مع أساطير عقائدية، أو مع العولمة الكاذبة، ما يقوّض الأوطان على المدى الطويل، بشكل أقصى من القنابل الذرية، لأنه تدمير يستحيل إصلاحه، ويمهد للرعاع أياً كانوا بحكم الأوطان الخراب.
واضح أن الرئيس بوتن على دراية تامة بأساليب التخريب هذه لأنه أدرج حظر التخلي عن أي أراض روسية تحت طائلة القانون ضمن حزمة التعديلات الدستورية. وانتقد العالم السياسي، غريغوري جولوسوف، هذه التغيرات ووصفها بأنها "سياسية"، وبرر خطوات بوتن لحماية الوطن بكلمات غير مقنعة لمواطني إمبراطورية قُوضت مرتين خلال القرن الماضي بكلمات مثل: "يشير الدستور الذي لدينا إلى أن الدولة يجب أن تكون خالية من الأيديولوجية. لذلك أعتقد أن هذه التغييرات غير ملائمة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
محمد البدري ( 2020 / 3 / 5 - 12:18 )
اعتقد ان ما يزمع بوتن اتخاذه من اجراءات واضعا الصور البصرية لهو دليل ضعف وعجز في محاولة تقوية مجتمع بغلقه امام رياح التغيير التي لا تتوقف.
كان مجتمعه السوفيتي محاطا باسوار حديدة ورغم ذلك سقط وانهار، فهل يعتقد ان المسيحية ستحميه وتحمي وطنه؟
غلق الانترنت والانعزال شرط تحقق سياساته لان عولمة المعلومات ستكون له كالسهم في كعب آخيل.
شكر مؤجل اجدها فرصة الا لتوجيه لك علي مقالك عن فيلم غزل البنات.
تحياتي ومحبتي

اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري


.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان




.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو


.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في باريس بفرنسا