الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


hالثقافة العربية : بين وزارة الثقافة و ثقافة الوزير

بشير شريف البرغوثي
مؤلف

(Bashir Sharif Bargothe)

2020 / 3 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


حديثٌ في الثقافة :
يمكن لكل كاتب أن يشيد بإنجازاته و يمكن لأي مؤسسة أن تغالي في إنجازاتها و يمكن للحكومات أن تتخيل إنجازات غير موجودة أصلا . يحدث هذا في كل زمان و مكان و حيثما كان هناك دولة - أي دولة
في الحالة العربية يشيد الجميع بإنجازاتهم المنجزة فعلا و غير المنجزة .. مقابل حالة عدم رضا تتجلى بعد أول خمس دقائق من الحوار
هل توجد لدينا ثقافة عربية؟... لعل وضع المحتوى العربي على الشبكة الدولية لا يكاد يصل واحدا بالألف من المحتوى العام
هذا يجعل كل المواقع الثقافية العالمية لا تعترف باللغة العربية أصلا .. من الأمازون و حتى مواقع النشر الذاتي للمؤلفين .
و لو دققنا في المحتوى العربي لوجدنا فيه الكثير من التكرار أو المحتويات المترجمة عن لغات أخرى أو محتويات لا قيمة لها تمتد من الشعوذة و حتى التبعية لجهات أجنبية مرورا طبعا بالمحتويات المذهبية و الطائفية المتحجرة بما في كثير منها من مفردات تخدش الحياء الثقافي للشعوب
في ظل هذا التردي المشهود لكل ذي بصر أو بصيرة .. يتم تشكيل وزارات الثقافة العربية . يقول البعض أحيانا إن المشكلة ليست في وزارة الثقافة بل في ثقافة الوزير . و لكننا شهدنا في كل الدول العربية بين فترة و أخرى وجود مثقفين مؤهلين شغلوا منصب الوزير و لكن لم يستطيعوا إحداث تغيير نوعي في مجال عملهم
السبب الأهم أننا نتعامل مع موضوع اسمه الثقافة العربية من حيث الرؤيا و لكننا في الواقع الوظيفي نتعامل مع ثقافة قطرية تخص كل قطر على حدة من حيث الرؤية
لا يمكن أن يتسع الماعون القطري لدولة واحدة لثقافة تشمل مئات الملايين من العرب .. هنا تظهر النخبوية تليها الشللية
هنا ينقلب هرم الثقافة .. رأسا على عقب ... بما يسمح لي أن ادعي أن اي تجربة ثقافة قطرية لا يمكن أن يكون لها مستقبل واعد إلا في وطن عربي واحد . فاستريحوا من العناء القطري بتفاصيله الضيقة لأن الصورة الكلية أهم .
و حين استطاع الفنانون العرب تجاوز المؤسسات الرسمية فإنهم نجحوا في الخروج بأعمال عربية مشتركة ناجحة جدا . و لكن الكتاب و المثقفين و دور النشر لم تصل إلى هذا المستوى من التعامل فالكل يبحث عن التمويل و الجوائز و لا المال و لا الجوائز بقادرة على تأسيس ثقافة جماهيرية فاعلة .. فاستريحوا رحمكم الله .
فماذا حين ننظر في مفهوم الثقافة نفسه ؟ هل الثقافة هي اعمال أدبية و فن و رقص فقط؟ هذا غير وارد لا في الموروث العربي الأصيل و لا حتى في المفاهيم المعاصرة السائدة عالميا .. إذن من نحن؟ لا أحد يعرف !
الثقافة هي تحصيل البيانات و المعلومات و المصطلحات و المفاهيم و المعارف و العلوم و خبرات الحياة و خلاصة حكمة الشعوب من أجل غاية محددة هي تحسين نوعية حياة البشر . و تقييم سلوكهم و تقويمه.
لكن سامح الله من توهونا في تعريفات ما لها من سلطان .. ضيقت مفهوم الثقافة حتى صار مجرد معرفة شيء عن كل شيء فقط . هذه معرفة و ليست ثقافة يا سادتي
الثقافة تعني القيام على الصحة النفسية للفرد و التنشئة الإجتماعية له و التربية الوطنية للجيل و الإعداد البدني و العقلي له كي يعيش الجيل زمانه و يعالج مشاكله
تلك مهمة لا تستطيع أي وزارة مهما كانت أن تؤديها .. لأن هذه الواجبات تشمل طيفا واسعا من المؤسسات
إن كل تجربة نمر بها أو أزمة تمر بنا تكشف أن ليس لدى مجتمعنا العربي ثقافة كافية للتعامل بوعي مع المستجدات .. و حيث لا يوجد رأي عام متجانس حول مسألة ما فإنه من المستحيل وضع استراتيجية عملية لحلها
لعل البديل المؤقت هو تشكيل مجلس للثقافة الوطنية له علاقات مؤسسية مع وزارات الصحة و التنمية السياسية و الشباب و التنمية الإجتماعية و وزارة الأوقاف .
مجلس يراقب دون أن يتدخل في النشاطات نفسها و دون أن يدعم أحدا أو منتجا بعينه دون آخر .. مجلس ينظم أداء الجميع بأقصى قدر متاح من الحرية لمن يريد أن ينتج و يبدع في " سوق" حر لتبادل المعرفة و مكتسباتها.
آن لنا أن ندرك أن كل ثقافة بحاجة إلى خطاب يعبر عنها و لا يمكن لحكومة و لا حتى لدولة أن تكون خطابا.. الخطاب يتكون من خلال تفاعل جميع مكونات و عناصر المجتمع .. بل إن كل الدراسات الإعلامية مثلا تبين أن الخطاب الديني هو الأقوى يليه خطاب الإثارة و بعده الخطاب السياسي العام و قد يتبع الخطاب الرسمي ذلك و قد يقصر عن المتابعة . حتى خبراء الإعلام يراقبون تطور أي خطاب و لكنهم لا يستطيعون تغييره دفعة واحدة أو فرضا من الأعلى بل لا بد أن يتطور في بيئة حاضنة مشجعة
هي مجرد ملاحظات فالأمر أخطر من هذا التتبسيط و لكن .. لعل و عسى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يؤكد إن إسرائيل ستقف بمفردها إذا اضطرت إلى ذلك | الأ


.. جائزة شارلمان لـ-حاخام الحوار الديني-




.. نارين بيوتي وسيدرا بيوتي في مواجهة جلال عمارة.. من سيفوز؟ ??


.. فرق الطوارئ تسابق الزمن لإنقاذ الركاب.. حافلة تسقط في النهر




.. التطبيع السعودي الإسرائيلي.. ورقة بايدن الرابحة | #ملف_اليوم