الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغم الوجود

عزالدين جباري
(AZEDDINE JABBARY)

2020 / 3 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ماذا عسى تكون فائدة كل هذا العسر الذي يتجرعه الكائن الآدمي منذ انبثاق وعيه في هذا الوجود؟ ماذا يمكن أن يدعى هذا الوجود الذي يرزح بثقل على النفوس، وتحار في فك لغزه الأحلام والعقول؟
إنه الوجود اللغم!
مُلغَمون و نحن نحارب أعداء الدين كي نثبت أن الله لا يبعث بالخرافة.
ملغمون و نحن نجابه التاريخ بالذهول.. كيف لا يفعل الإيمان فعله في القرون الأولى الفاضلات، وتدور فيها رحى القتال طاحنة بأيدي المؤمنين؟
كيف يبغي بعضهم على بعض والإيمان طَرٌ لا يزال في القلوب؟
كيف ينجح الشيطان فورا وينزغ في القلوب الشهوات ودماء الرسول الكريم المعظم لم تبرد بعد في جثماته الشريف؟
أي لغم هذا !وأي عسر لمن جاء قبل الفتح، ويوم الفتح، وبعد الفتح، وبعد البعد بقرون!
هَبْ أني تخلصت من ديني واتبعتُ العقل والشهوات.. هل حياة مهدَّد فيها بالمرض، والموت، والظلم، والتخطف في أي حين جديرة بأن أخلص فيها لغيري من البشر؟ فأنا الغَيْرُ، والغير أنا، وأنا ذاك الخلق الضعيف.. أعرفك وتعرفني، لن أنصاع لقانونك، ولن تنصاع لي، فمن يضع الموازين القسط في عقلي ووجداني..؟
أيها المادي الكئيب لا تحاول ! فخرافة حقوق الإنسان انكشفت، ودجل النزعة الإنسوية لغم سافر.. أنا لن أغادر لغما كي أصنع غيره.
ولنعد للبدء،هل يقدر الكائن الهش أن يحمل عن نفسه الألم والخوف وعدم اليقين؟
و كيف يذب عن دينه الذي غطى فيه المتشابه على محكمه، ولم يَصِر بأيدي الخَلْف إلا بصائص من نور تَوَّهها هدير صليل السيوف؟
وكيف يصنع مع أُخَرٍ متشابهات لا يعلمها بزعم القدماء إلا آحاد من العلماء؟ و لو صَحَّ لهم ما تمخض عن عقولهم من نتاج ادّعوه، لِمَ إذا محنة هؤلاء الأكثرين؟
أليس قد عرفنا اللحظةَ محنة الغزالي؟ لقد أدركه العسر، وأدرك مرتقاه، وأناخ على كلكله، لكن ولات حين مناص.. لم يدرك الغزالي عصر النقد، و لا زمن الثورات المعلوماتية، إذا لكنا أعملنا في خطابه التفكيك.. و لم يدرك الرجل ما أحرزه الإنسان الظلوم من ثورة في مجالات الطب، إذا لأدركنا سِرَّ ما اعتراه من قنوط.
و لِطَيْف الغزالي أن يحيا فينا ويقول : " وما ينفع التفكيك؟ وما ينفع التشريح وكشف الرنين؟
إن معرفة الأسباب التي تلي المسببات لا ينشأ عنها بالضرورة قانون يطرد، و هَبْ أننا علمنا بقوانين أي شيء متحرك، أو حي، فَمَنْ وَهَبَ قانون الحركة؟ و من وهب مبدأ الحياة؟ أين كانت صور الحركة ومعانيها؟ و أين كانت طاقة الحياة و مباديها؟
إن الفكرة تسبق الخبر، والعالم كله أخبار، ومنتهى علم العلماء قراءة الخبر، وصياغة الملاحظات، و لا قدرة للمتفحص المحدود على استجلاء اللامحدود من المحدود، إذ هو جزء من الخبر. بل إن مما تحار في دركه العقول كيف تحول المحدود من محدوديته الصُّم الغُفْل إلى التوتر والنزوع نحو المطلق و اللاحد؟

هناك فجوة لا يملؤها العلم المادي الصِّرف.
فإذا كنت خَلقا ضعيفا، و لا أقف على أرضية صلبة، فما أحدده لنفسي لا أملك أن احدده لغيري، و ما أحدده اليوم قد يبدو عَواره في الغد.
وعليه فالحد الذي قد أضعه بنفسي، أو يضعه غيري هو حد نسبي ! فكيف أُطْلِقُ جازما القطعَ بالنفي ؟ و لِمَ أجزم بالنفي كلَّ ما قرره الدين، أو أنشأ القول فيه وهم أحد من المفكرين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة