الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعتقاد بعدالة الطبيعة (فرضية من نوع أخر)

علي عبد الرحيم صالح

2020 / 3 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


وجد عالم الاجتماع "كلايد كلاهون" عبر دراساته الأنثروبولوجية أن الإنسان محكوم بالاعتقاد أنه جزء من الطبيعة، وخاضع لها، وأنها مثل الأم ترعاه أو تعاقبه على أفعاله، لاسيما أذا تمرد على سلطتها أو تجاوز على أبنائها. لذا من قال أن الطبيعة لا تنتقم لنفسها!! ورغم تقدم الإنسان وتمدنه ورقيه الحضاري، فأن معتقداته وارتباطاته مع الطبيعة ما زالت موجودة، إذ توجد مجموعة من الأحزاب والجمعيات التي تؤمن بقوة الطبيعة وتحاول حمايتها (الأرض)، فهي ترى أن الطبيعة تمتلك قوة سببية، وتترك عواقب بعيدة المدى، وتكون خارجه عن إرادة الإنسان، وتفترض أن الكوارث والزلازل والفيضانات والأمراض عقوبات تقوم بها الطبيعة من أجل تأديب الجماعات المعتدية، وكبح شرورها وظلمها وخطاياها بحق الجماعات المستضعفة. لذا تعتقد هذه الجماعات بعدالة الطبيعة، وتشير إلى أن الناس والجماعات تنال ما تستحق، وأن العدالة تطبقها الطبيعة عندما يعجز القانون أو المؤسسات العقابية على تحقيقها، وبهذا يعزو الأفراد الأمراض والكوارث إلى النتائج غير العادلة التي سببت الظلم للضحايا.
وينطلق الاعتقاد بعدالة الطبيعة بسبب حاجة الناس الأساسية لرؤية العالم كمكان أمن، تكافئ فيه الجماعات على أعمالها الصالحة، وتعاقب على أعمالها السيئة، لأن من دون هذا الاعتقاد أو الوهم سيصاب الناس بالقلق والإرباك والإحباط وعدم الأمان، ومن دونه سوف يرون العالم غير مستقر وعشوائي، وبهذا يرى أنصار الطبيعة أن الإنسان على اتصال دائم معها، وأنها تراقب، وتقيم الأحداث، وتنتصر للجماعات المظلومة عبر الأوبئة، وقلة الأمطار، والمجاعات، وارتفاع درجات الحرارة ..وغيرها من دون أن يشعر بذلك.
ومن أجل إرضاء الطبيعة أو تقليل غضبها يقوم أنصارها ببعض الطقوس والشعائر (مثل الصلاة والأدعية)، وتقديم القرابين بهدف الاعتذار إليها، وطلب مسامحتها، ومساعدتها، وعندما لا يجدون استجابة سريعة للمصائب التي تواجههم فأنهم يدركون أن الطبيعة سوف لا تسامحهم، وان البلاء محقق ولا مفر منه.
إن رغم تلاشي فرضية الاعتقاد بقوة الطبيعة وعدالتها عبر السنوات السابقة إلا أنها عادت للظهور بقوة خلال الأشهر الماضية، لأن ضعف البشرية أمام وباء كورونا وعجز العلم عن إيجاد لقاح فاعل للتخلص منه، عاد إلى أحياء هذه المعتقدات، والأيمان أن ما حدث عبارة عن غضب الطبيعة على أبنائها البشر، مما يحتم عليهم التكفير عن آثامهم، ومراجعة أفعالهم، والبحث عن فرص جديدة يجددون فيها روابط الحب والسلام مع أمهم الأرض، عسى أن تسامحهم الطبيعة على ما فعلوه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو