الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمتان فوق صقيع العراق

كمال انمار احمد
كاتب على سبيل النجاة

(Kamal Anmar Ahmed)

2020 / 3 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يمر العراق من فترة الى اخرى بأزمات صعبة جدا،و هي مدمرة بالنسبة للبنى التحتية في الاقتصاد و الاتجاهات الهادفة الى الاصلاح و التطوير و الإعمار.و على مدار العقود السابقة واجه العراق حروبا و صراعات لا اول لها و لا اخر،كما انه واجه أعداء اقوياء صارمين،و ايضا سياسات امر واقع بغيضة.لذلك نرى ان العراق الى هذه اللحظة لم يستعد عافيته كدولة قابلة للتطوير النموذجي،او الارتقاء نحو الأفضلية في الانتاج او التحقيق السياسي في مجالات الإدارةو الاقتصاد و التعليم و التخطيط،و من المبكر جدا الحديث عن اية اصلاح جذري في اي دولة ناشئة ما لم يكن القانون التنظيمي هو المسيطر الاكبر على مجريات المجتمع،و ان لم يكن هذا قد حصل،فانتظار الاصلاح اشبه بانتظار لحظة من الخيال نملك فيها مليار دولار دون عمل،هذا مجرد خيال فضيع،يثيرنا احاسيسنا و يطلق خيالاتنا نحو أفق اوسع،لكن لا يرفع من احوالنا اي شيء،نحن نحتاج الى العمل و التنظيم السياسي لآداء العمل،نحن نحتاج الى الدعم و التخطيط و الروية المدروسة لاجل التقدم خطوة بخطوة نحو الامام،هل هذا يبدو مغالاة في الحديث عن السياسة التخطيطية الهادفة للتنظيم،كلا انها فقط روية نحو معالجة الأزمات و درأ ما يمكن درأه من الفتن التي يمكن السيطرة عليها بواسطة التفعيل المتقن لمواد القانون التي تضمن اولا سلامة الهيكل الاجتماعي من المشاكل الاجتماعية،و ثانيا تقلل من التفاقمات الازماتية الطارئة،وثالثا تسهم في المحافظة على التنظيم البنيوي لسياسات الدولة،و الحيلولة دون خرقها و العبث بها من اي جهة كانت.

ما اريد توضيحه هو ان السياسة التي لا تراعي مصالح ابناءها فان مصير مضامينها فاشل و بالتالي فان السماح الغير المبرر للتهاون مع جهات معينة ذات ايدلوجيات عابرة للقانون و البنى السياسية،يودي الى الخروج السافر و الوقح عن قرارات الدولة و قوانينها.

(((داعش و ثمن التحرير)))


أزمات العراق كما قلنا عديدة و ذات أوجه متباينة جدا.و ردود الفعل اتجاهها من قبل القادة السياسيين و غيرهم كانت ايضا ذات أوجه شديدة الاختلاف و واضحة الخلاف في المضمون و الاتجاه.و لعل هذا يبدو واضحا فعلا في محنة العراق2014،حيث بزغ للعالم العدو الإرهابي الجديد المنبثق عن الاٍرهاب السلفي المتمثل بتنظيم القاعدة،الا و هو داعش.هذا العدو الذي اجتمعت دول العالم من اجل تدميره و افشال مخططاته العابرة للحدود،و الإرهابية في المنحى و الهدف.و خلال اجتياحه للعراق،اصبحت السياسة بسبب الضعف القراراتي،و الشلل في صناعة القوة،في تخبط و عشوائية بشكل عام.و أضحت موسسات الدولة على شفى الهاوية،حيث لا ملجا من عدو لا رحمة له،و لا مفر من ضعف لا يد لنا في تغييره آنيا.

و بتعدد الاّراء و تخبط السياسات،وقعت الاخطاء و اشتدت قوة الاٍرهاب الجديد،فتم اجتياح المحافظات العراقية الغربية و تدميرها ،و العمل على اخضاع اَهلها بقوة على اتباع السياسات الإرهابية المتطرفة المتمثل بجملة من الطقوس و الشعائر التقليدية.و هكذا و بدون رد سريع و لا قرار مدروس ظل هذا التنظيم الإرهابي يرص صفوفه و ياخذ بأعناق الناس كانها لا شيء ،فوسع بذلك نفوذه و عمل على السيطرة على أراضي المحافظات هذه بكل ما يملك من العدة و العدد.

هكذا سيطر التنظيم على مساحة واسعة من الأراضي العراقية و السورية معلنا ان دولته في هاتين المنطقين هي دولة باقية و تتمدد،و بالفعل حقق هذا التنظيم نجاحا في الإجرام و التصفية الدموية للكثير من الناس،فارتكب جرائم بشعة،و ظهرت ظواهر شنيعة لم نعرف مثلها الا في الحروب العالمية.فكان هذا التنظيم حقا ذا طابع إجرامي خالص،و مما عزز هذا الطابع استناده الى نتائج مرتبطة بالنظم الدينية،فاغرى الكثير للانضمام اليه خادعا اياهم بأحلام واهية و خيالات افتراضية غير مقبولة البتة.

استمر هذا الاجرام التنظيمي حتى وقفت مراكز القوة في العراق في صف واحد من اجل التحرير،فأصبح هذا التحرير واجب مقدس لدى بعض الفئات الاجتماعية ،فضحوا من اجل ان يتم التخلص من هذا الوجه من الاٍرهاب الجديد حق تضحية.

و نحن نعلم إنّ فداحة الحرب من كل جانب تقض المضاجع و تلهب القلوب من شدة الحزن.فهي فادحة من حيث أعداد القتلى و ما ينتج عن ذلك من ترمل النساء و كثرة الأيتام.و من حيث التركيز السياسي على الجانب العسكري في مثل هذه الأزمات،فتُترك المرافق الأُخرى تعمل بشكل روتيني خالص،و تُهمل التفاصيل المتعلقة بها نتيجة لغياب الرقابة الشديدة عليها.و بالاضافة الى هذا،فان تكلفة التحرير المالية تبدو عالية جدا،فشراء السلاح و إعطاء رواتب الجنود و المنتسبين هو امر بالغ الاهمية،و قد كلّف العراق الكثير من ميزانيته لكي يتم تحرير المدن من تلك السيطرة الإرهابية المنظمة.

كل هذه النتائج المؤثرة على الاقتصاد و الاحوال الاجتماعية لابد و ان تنعكس بالسلب على الكثير من الاشياء الاخرى.فمثلا تم الاستقطاع من رواتب الموظفين،و أُعلنت حالة التقشف في رئاسة السيد العبادي.و نستطيع القول ان جل الاهتمام انصب على التحرير على حساب بعض الامور الاخرى،و لاسباب عديدة و لعل أهمها هو ذلك الغياب السياسي لصناعة القرار المدروس،حيث لا نجد أمرا صادرا من جهة العليا الا و نرى مساجلة في تمريره او اختلافا في شانه،مما يؤخر تنفيذه و يوجل مشاريع ما تضمنه.

(((مواجهة ضد فيروس)))


كان الانتهاء من العلميات العسكرية بشرى جيدة للجميع،حيث ان الامل عاد في الاصلاح و قضاء الوقت في عقد الاتفاقات و المواثيق مع الدول و الشركات من اجل اعادة الإعمار و التطوير البنيوي للعراق.و تمت الانتخابات و جاءت سلطات جديدة للحكم،و تأملنا الخير في هذا كله،رغم كل ما جاء من مقدمات سيئة و خطرة،لكن و في خوالجنا كنا نامل في ان يحدث شيء جيد من اجل النهوض ولو قليلا من اجل رؤية نحو الامام،رؤية تحكمها العقلانية و تؤطرها السياسات المعتمدة على الإجراءات العملية ذات النفع العام.

و بالفعل راينا حركة مدوية مطالبة باصلاح جذري؛ سياسي و اقتصادي و اجتماعي،هذه الحركة هي حركة تشرين المدوية.حققت هذه الحركة نهضة ثقافية و فكرية و لكنها اثبتت نتائجها الفعلية من الناحية الاجتماعية بشكل عام،فتم كسر القيود المفروضة و اتجهت أنظار الشبان الى ما يجعل من ؛ الحرية ،الديمقراطية،العدالة،المساواة،العلم،الثقافة،الفنون، شعارات ثورية صادحة بوجه أزمة الجهل و التجهيل التي خضعت لها الفئات الاجتماعية طوال عقود متوالية.هذه الحركة لم تتسبب في زحزحة الرخاء السياسي بشكل حاسم،لكنها سببت إحراجا لذلك الرخاء لدى بقية الدول الديمقراطية و المنظمات ،فعكست الكثير من وجهات النظر الدولية الى سلبيات ذلك الرخاء،و ضرورة الحد منه،و الا فان الحل سياتي عبر وسائل اخرى تبدو غير ملائمة بالنسبة للجميع.

كل هذا كان في إطار لم يضر بالاقتصاد او يتسبب في اي أزمة كبرى في العراق.و لكن لم يمهلنا فيروس covid-19كثيرا،فمن أزمة داعش الكبرى جاءت لنا أزمة مماثلة و هي أزمة فيروس كورونا الجائحة.

هذه الازمة تعد ثاني أزمة كبرى في سياسة الدولة العراقية في اقل من عقد.

و لعمري فان ما رأيناه في مواجهة هذا الفيروس يبدو متواضعا جدا،و لا ريب في ذلك.اذ ان الوزارة تفشت فيها أوبئة اجتماعية قاتلة ايضا،وقد " أشار تقرير من وكالة أنباء رويترز إلى أنه بعد سنوات من الفساد و العقوبات المفروضة من الأمم المتحدة على العراق، فإن القطاع  الطبي يعاني من إهمال شديد، خاصةً بعد فرار الآلاف من الاطباء و نقص العقارات الطبية بالإضافة إلى تخصيص نسبة 2،5% فقط من إيرادات الدولة البالغة 106،5 مليار دولاراً (95،8 مليار يورو) لميزانية القطاع الصحي"لذلك فقد اصبح من العسير السيطرة على الوباء في ظل الإمكانات الحالية مع القرارات البطيئة هذه.فالوزير يقول انه بحاجة الى 5مليون دولار،و هو لا يزال يبحث في ظل اجراءات البيروقراطية المقيتة من اجل الحصول عليها.ولو قارنا هذا الرقم. بأرقام ما رصدته دول اخرى لرأينا حجم ما نعاني من ركود اقتصادي و شلل في التعامل مع الأزمات.

بالاضافة الى كل هذا،فان التوترات السياسية لا زالت قائمة و لم تحسم ملف رئاسة الوزراء الى الان.اذ ان السياسيين لا يدركون الى الان حجم خطورة هذا الفيزوس،لا زالوا في طور فهمه،لكن الى متى و السيد الفيروس يتفشى بسرعة،دون حساب و مراقبة!

ولو امعنا النظر في اجراءات الوزارة في الحد من الانتشار الفروسي هذا،لرأينا انها غير متكافئة مع مقدار خطورته.و نحن نعذر الوزارة في هذا.كنتيجة لتراكمات يصعب أزالتها الان و في هذه الاوقات الحرجة.فرغم اجراءات خلية أزمة التي قد تبدو صارمة نوعا ما،الا ان ما تم تنفيذه منها قليل جدا،فحظر التجوال لا يبدو مطبقا بشكل كامل،كما ان غلق الحدود من البداية بوجه الوافدين لم يتم بشكل مطلق "فاستمر دخول الوافدين من إيران عبر المنافذ الحدودية والمطارات بالرغم من دعوى السلطات اغلاقها لعدة مرات، ويعتبر مراقبون تجاهل السلطات لإجراءات الوقاية من انتشار الفيروس استخفافا بأرواح العراقيين" نعم لا زال هناك من يخرق هذا الحظر و الأدلة واضحة،انها هناك تبدو اوضح!

و في مقال نشرته الحرة العراق في ال10 من هذا الشهر أكد فيه "أن مجموعة أخرى من الزائرين الإيرانيين وصلت إلى المدينة-اي كربلاء- قبل نحو 10 أيام، كما أن هناك عمالا إيرانيين يعملون في كربلاء، مستمرون بالذهاب لبلادهم والعودة للعراق أمام أنظار السلطات.

وقد "استمر دخول الوافدين من إيران عبر المنافذ الحدودية والمطارات بالرغم من دعوى السلطات اغلاقها لعدة مرات، ويعتبر مراقبون تجاهل السلطات لإجراءات الوقاية من انتشار الفيروس استخفافا بأرواح العراقيين.وصرح مصدر مطلع لموقع أمريكي، إن الأسبوع الماضي شهد وصول مجموعة من الزائرين الإيرانيين يقدر عددهم بنحو 25 شخصا إلى مدينة كربلاء".

(((اجراءات للمواجهة)))


ان الإجراءات التي أُتخذت بالفعل شكلت اهمية فقرار خلية االأزمة الوزارية العراقية المكلفة بالحد من انتشار فيروس كورونا الجديد،الذي تضمن "وقف تنقل المواطنين العراقيين بين المحافظات ابتداء من بعد غد الأحد إلى الخامس والعشرين من الشهرالجاري"كان مفيدا لكنه جاء متاخرا،و يبدو انه و لاسباب معينة لا زال هناك حركة بين المحافظات.

و كان هناك قرارات اخرى مرتبطة بالفيروس اتخذتها مجموعة من المحافظات لكن وللاسف الوقت كان عاملا مؤثرا،ف" محافظ "بابل"، حسن منديل السرياوي، أعلن في بيان، إيقاف الدخول إلى محافظة بابل والخروج منها، اعتبارًا من غد الأحد -المصادف 15 مارس-وإلى إشعار آخر".كما " وأعلن الخطوة نفسها محافظ "مسيان"، علي دواي، مؤكدا أن "خلية الأزمة في المحافظة قررت إيقاف دخول وخروج المواطنين من المحافظة اعتبارًا من الأحد ولغاية 22 من الشهر الجاري"."وقال محافظ "ذي قار"، اباذر العمر، إنه "تقرر تعطيل الدوام الرسمي وفرض حظر للتجوال لمدة 3 أيام، بعد تسجيل ثاني إصابة بالمحافظة"."وأغلقت أيضا محافظات "الديوانية" و"واسط" و"كركوك"، حدودها مع بقية المحافظات، فيما قررت "نينوى" حظر التجوال لمدة يومين.""وكانت "كربلاء" قد قررت، الأسبوع الماضي، إغلاق حدودها مع باقي المحافظات."حتى ان خلية الازمة في محافظة البصرة" ذكرت في بيان قررت-بموجبه- منع المواطنين من التبضع في سوق الجمعة حفاظا على سلامتهم  تفاديا للإصابة بالفايروس للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين"

"وعلى صعيد الدولة، اتخذت السلطات العراقية إجراءات واسعة لاحتواء الفيروس، منها تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات حتى 21 مارس الجاري، وحظر التنقل بين المحافظات، وإغلاق الأماكن العامة، كالمتنزهات والمقاهي ودور السينما والمساجد، وحظر دخول الوافدين الأجانب من 13 دولة، ومنع العراقيين من السفر إليها."

و لذلك دعت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، الجمعة-المصادف 21 من شهر فبراير-لدخول البلاد مرحلة الإنذار الصحي "ج" بسبب تفشي فيروس كورونا.تجنبا لحالات انتشار اوسع تتسبب في المزيد من الاصابات و الوفيات،و لكن الى هذا اللحظة لا يبدو ان هناك اي توجه حكومي لإعلان حالة الطوارئ ما يعكس لنا وجود مزيد من الميوعة السياسية في التعامل مع الأزمات.رغم ذلك يظل الامل قويا في طرق الوقاية و البقاء في المنزل دون الاختلاط،و كذلك امل في ايجاد الدول المتقدمة لقاح يساعد البشرية من التخلص من هذا الوباء ،و المساعدة في منع الانهيار العالمي،و منع حدوث كساد اجتماعي و اقتصادي يؤثر في طبيعة الانتاج و المخزون النفطي و تذبذب الأسعار العالمية للذهب و المعادن و المنتجات النفطية.



المصادر

انظر الى
https://www.alhurra.com/a/رغم-القرارات-الحكومية-إيرانيون-يدخلون-العراق-من-دون-قيود-/537499.html
https://www.youm7.com/story/2020/3/13/خلية-الأزمة-العراقية-تقرر-وقف-التنقل-بين-المحافظات-للحد-من/4670334
https://afaq.tv/contents/view/details?id=115400
https://www.alhurra.com/a/أزمة-كورونا-إغلاق-حدود-8-محافظات-عراقية-وإستمرار-الرحلات-الجوية-مع-إيران/538246.html
https://albasaernewspaper.com/news/iraq-news/75188
https://www.dw.com/ar/كورونا-في-العراق-القمع-والخوف-أخطر-من-الفيروس/a-52654079
https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/iraq/2020/02/21/مفوضية-العراق-تدعو-لدخول-مرحلة-الانذار-ج-بسبب-كورونا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية