الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلى.. أم المصريين

إكرام يوسف

2020 / 3 / 20
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


يهل ما يسمونه "عيد الأم" هذه المرة، وقطاع كبير من أمهات مصر، غير مهيأ للاحتفال! وربما يجفل الكثيرات منه لمجرد سماع التهنئة وعبارة "كل عام وأنت بخير"!!.. فأي خير، وعشرات الآلاف من الأمهات، محرومات من مجرد الاطمئنان على فلذات أكبادهن، ناهيك عن رؤيتهم وسماع عبارات التهنئة من أفواههم!! أي خير وأبناؤنا بين شهيد، ومصاب، ومختف قسريا، ومنفي، وقابع في زنزانة؛ لا لجرم ارتكبوه، سوى عشق الوطن والعدل والحرية!
لست هنا بصدد الحديث عن أبنائنا ـ الذين يدفعون ثمن قولة الحق في وجه سلطان جائر ـ لكنني أردت أن أشهد شهادة حق بخصوص أم من جيلي، صارت أيقونة لأمهات مصر، أفخر أنني من ضمن العديد من أصدقائها المحبين، على مدى أربعة قرون؛ نتفق ونختلف في الرؤى، ويظل الاحترام والمحبة والود والإخلاص والصدق، هي عنوان العلاقة، مثلما هو الحال مع كل من عرفوها!!
الأستاذة الدكتورة ليلى مصطفى سويف ـ أو لولو كما يحلو لي أن أناديها ـ أستاذة علم الرياضيات البحتة في كلية العلوم جامعة القاهرة، احدى نوابغ علماء مصر، لها مكانتها الدولية المرموقة بين علماء الرياضيات في العالم، كما كان لوالدها ووالدتها ـ الأستاذ الدكتور مصطفى سويف مؤسس علم السلوكية في جامعات مصر مصر، والأستاذة الدكتورة فاطمة موسى، أستاذة الأدب الانجليزي رحمهما الله ـ مكانتهما الدولية واحترامهما بين أساتذة جامعات العالم.. أسرة ترفع رأس الوطن، وتفخر بها الدول المحترمة!
كانت ليلى سويف منذ أولى سنواتها الجامعية ـ وكنت بين شهودها ـ واضحة النبوغ، ولا أبالغ عندما أقول العبقرية!! وهو ما أدركه ـ كما سمعت ـ كل من درس لها منذ المرحلة الثانوية!! وكان من الممكن أن تصل الى أعلى المناصب ـ وزيرة على الأقل!! ـ إن اختارت التركيز على الرياضيات البحتة، والترقي في المناصب التي تستحقها عن جدارة!! وكانت ستضمن الكثير من جوائز الدولة وحفلات التكريم في كل مناسبة! ويتفق معي كثير ممن تابعوا مسيرة ليلى العلمية، أنها كانت لتفوز بجائزة دولية توازي نوبل ـ لا توجد جائزة نوبل للرياضيات، ولكن هناك جائزة دولية أخرى سمعت اسمها من قبل، ونسيته ـ لولا أنها اختارت أن تكون في صدارة المدافعين عن الحريات وعن العدل وحقوق الإنسان!!
كانت حياة ليلى منذ طفولتها وصباها وشبابها، مستريحة كما يقولون؛ ولم يكن أبواها يعانيان شظف العش أو يلاقيان الأمرين في سبيل تدبير لقمة العيش أو نفقات دراستها واخوتها!! ولم تكن تعاني من أي نوع من أنواع كبت الحريات في البيت أو المجتمع؛ ومن ثم لم يكن دفاعها عن العدل والحرية، دفاعا عن مصلحة شخصية، أو تطلعا لمكاسب خاصة، وإنما هو الأيمان بمبدأ وقضية، تتجاوز المصالح الشخصية الضيقة! وهي سمة حبا الله بها من اصطفاهم من البشر لتطبيق سنته في تغيير المجتمعات، واختص المخلصين من الأنبياء والصالحين والمناضلين، بنفوس ليست كبقية البشر، فلا يقتصر اهتمامهم على الترقي بين المنصب، وتكوين الثروات،، وتربية الأبناء والاستمتاع بمباهج الحياة التي يسهل عليهم التمتع بها من دون عناء يذكر.
اختارت ليلى طريق النضال من أجل تحقيق حياة أفضل، لا لنفسها وأسرتها فحسب ـ وكان ذلك يسيرا ـ وإنما حياة أفضل لوطن بأكمله، لا يعيش فيه أبناؤها حياة أفضل من غيرهم لمجرد امتلاكها وأهلها فرصا أفضل من أهالي مجايليهم!! فكان طبيعيا أن تختار الاقتران بواحد من مناضلي جيل السبعينيات: أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد!! لتبدأ ملحمة النضال وطريق الآلام، وتبقى صامدة شامخة رافعة الرأس، لا تنحني مهما كانت المخاطر! من سجن زوجها بعد تعرضه للتعذيب البشع خمس سنوات، ليخرج من السجن حاملا ليسانس الحقوق ـ بعد أن دخله حاملا بكالوريوس العلوم السياسيةـ ويختار لنفسه طريق النضال الحقوقي، حتى أخر نفس لفظه، بعد أن أورث ابنه علاء وابنته سناء سداد نصيبهم من فاتورة حرية الوطن! ويبقى علاء في السجن خمس سنوات كاملة محروما من طفله، بسبب مظاهرة سلمية لم تستمر سوى خمس دقائق، ليخرج محكوما عليه بقضاء ساعات الليل في المراقبة داخل قسم الشرطة، وبعد ستة أشهر نفاجأ بالقبض عليه من داخل القسم، لينقل الى السجن تحت التحقيق لشهور طويلة ليس معروفا أجلها، بتهمة غير مفهومة ولا معقولة ولا منطقية!!
وتظل ليلى ثابتة كالوتد، لا تهتز ولا تنحني، تلملم شتات أبنائها وترعى حفيدها، تطالب بالحريات لكل سجناء الرأي، بصرف النظر عن اتفاقها أو اختلافها مع انتمائاتهم الفكرية!.. ولا تتأخر لحظة عن طلبتها ومحاضراتها وأبحاثها!!
لست أهنئها بعيد الأم، فلا عيد وفلذة الكبد خلف القضبان!! ولكن أرشحها للقب أم المصريين، أو الأم المثالية لمصر على المستوى الشعبي!
فخورة أنك صاحبتي يا صاحبتي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقه
على سالم ( 2020 / 3 / 21 - 00:57 )
الذى يحكم مصر المنتهكه هم عصابه من المجرمين والقتله والساديين الاشرار , انهم بلطجيه ولصوص وسفله اوباش , انهم انجاس وعربجيه ومعدومى المبدأ والضمير والشرف , انهم جميعا لعنه مغلظه وحشرات مؤذيه هائمه حلت على مصر الحزينه

اخر الافلام

.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي


.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه




.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر