الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش كورونية / 2

اسماعيل شاكر الرفاعي

2020 / 3 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هوامش كوروناوية

حين أخبرت صديقي قبل ان يولد بسخف هذه الصيغة التي يسمونها الحياة ، وان عليه رفضها والامتناع عن الانزلاق اليها ، قهقه بصوت مسموع ، وهو يدق بسبابته جدار بطن أمه من الداخل ، ويقول :
" انني احب تجربة هذه السخافة التي يسمونها الحياة " .

ولكن صديقي حين ولد : صرخ مرعوباً من هذا الجحيم الذي يعيشه الإنسان ، وأول تساؤل اطلقه : وجهه بشجاعة الى " هذا ( الذي ) أوجد كل هذه : الهيصة ،
من اجل ارضاء غروره وهو يرى كل ما خلق من : بشر وحجر وشجر ، يتوجهون اليه بالطاعة والاستسلام التام ،
ومن اجل ان يرى فيهم : قدرته وعظمته وهو يقول للشيء بطريقة سحرية : " كن فيكون " ...

وفي اول لقاء ضمنا ، عبر صديقي المتبرم الزعلان ، عن هذه الصيغة السخيفة المملوءة بالخوف والوحشة قائلاً : " هذا الخالق غريب الأطوار " همسها ذات مساء ونحن نقرع كؤوس شرابنا السحري ، واكمل : " هذا الخالق لا يحب مخلوقاته ، ولا حتى يشبهها ، فهي تعيش بألفة وحميمية مع ابنائها وأحفادها ، اما هو فقد تعالى عليها وانفصل عنها ، ولم يكشف عن ذاته اليها ، وتركها تعيش في خصام مستمر حول صفاته وافعاله " ثم طلب مني مشاركته في مناقشة منطق العلاقة وما تتضمنه من تناقض كبير : بين خالق هذا الكون الذي لا حد له ، وبين انفصاله عنه وتنكره لمخلوقاته وعشقه الغريب الشاذ لمجموعة واحدة منها فقط " ...

اليم تلقيت منه رسالة إلكترونية ، وهو يضرب بقدميه المتقرحتين في متاهته الجديدة . لم تكن رسالته تحمل شيئاً من تبرمه وقلقه المعتاد بل كانت حمولتها تخلو من نزوعه العاطفي القديم الذي كانت تضيع في ضبابية انفعالاته : رؤاه العلمية . قال لي ان جائحة ( كورونا ) : " اهانت طرفي معادلة الوجود : الخالق ومخلوقاته ، فهم في عيني اليوم : بلا قوة ، ومن غير خيال ، وأجبن من ان يشاركوا البشرية بتقديم حل لإيقاف اذى هذه الجائحة . وجبنهم واضح جداً هنا : فهم لم يبحثوا في ميدان الطب ويدققوا في عالم الأدوية وما تضم صيدليته من علاجات شافية بل راحوا يكتبون لأنفسهم : أدعية مختلفة المتون والمقاصد ، ذات إيقاع سحري ، يخاطبون بها جهات سماوية وأخرى تحت الارض : ان تحميهم وتحمي امتهم فقط ، الم تلاحظ هذه الخصوصية الطافحة في ادعيتم ؟ فهم لا يريدون مشاركة البشرية في بحثها عن دواء واحد ينفع في علاج الإنسان ، أكان أمريكياً ام صينياً ام عربياً ام أوربياً بل اخترعوا لأنفسهم فقط علاجاً خاصاً ، علاجاً لا يشفي مريضاً لانه شاذ عن روح العصر الذي لا يمكن مواجهة ألداء الواحد فيه الا بدواء واحد .. يا لأنانيتهم ، ويا لسحرية تصوراتهم ، وسحرية الحلول التي يكتشفونها لمشاكلهم .. يا لتخلفهم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي