الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدرس السوسيولوجي المغربي :

خالد بوفريوا
صحفي

(Khalid Boufrayoua)

2020 / 3 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قبل إستهلال سبر أغوار هذا الموضوع تتساقط أسئلة صادقة من تِلْقَاءَ نفسها, كتساقط رذاذ المطر على المروج المنبسطة :
هل فعلا يوجد شيء يدعى "الدرس السوسيولوجي المغربي" ؟
أم أننا نجتر ما أنتجه الأخر في إطار التقليد الأكاديمي ؟ ثم
ما مآل الدرس السوسيولوجي اليوم في ظل فضاء زئبقي متغير ؟
لا يمكن الحديث عن الدرس السوسيولوجي و حظيرة العلوم الإجتماعية بصفة شمولية دون الإشارة _ ولو من باب التذكير _ لسياق الذي أفرز ظهوره في القرن 19 و الذي جاء كنتيجة حتمية لحاجة إجتماعية حارقة فرضت مواكبة التحولات الجذرية التي عرفها المجتمع الاوروبي بعد ان دحرج عجلة الثورة الصناعية تباعاً. الثورة التي خلخلت بنية المجتمع و خلقت نوعا من اللامعيارية الإجتماعية (l’anomie sociale) على مستوى نمط العيش و الروابط الإجتماعية و القيم وما إلى ذلك (...) . في هذا السياق التاريخي بتحديد ظهر لنا (طبيب المجتمع) بعد مخاض جد عسير من النشأة و صراع حول الإعتراف, الى دخول حيز الإستقلالية بشرف حتى تربع تحت شمس العلوم الإجتماعية و الإنسانية ضامناً لنفسه مكانا بجنب العلوم و التفرعات الشقيقة .
" السوسيولوجيا هي التي تأتي الفضيحة عن طريقها " بهذا الهمس الباسكوني, نستوعب الموضوع الحقيقي لعلم الإجتماع بعتباره معرفة مزعجة, براديغم يعري و يفسد على الناس حفلاتهم التنكرية. فالمهمة الحقة لمن حمل على عاتقه (الرسالة النقدية لسوسيولوجيا) , الفهم و التفسير لإكتساب شرعية التغيير , و أي تغيير ؟؟ إزالة كل ماهو متخشب في كياننا العقلي حسب (الجابري) و التسلح ب براديغم منهجي حاد واضعا قطيعة إبيستمولوجية بين المعرفة العلمية و ثرثرة الحس المشترك, و الإنطلاق من درجة صفرية مستأصلاً يذلك كل المسلمات العالقة و المترسبة بجزئيات كياننا العقلي و محطماً على إثرها بنيوية الأصنام الصخرية الغير مرئية التي تشكلت إنطلاقا من الإحتكاك اللحظي و المتسلسل بضمير الجمعي حسب (دوركايم) . بإقتضاب جد مختصر السوسيولوجيا لا تهادن , ثورية إن صح التعبير. لا تعرف الإستجمام بزوايا الرمادية بل تنبع من المهمشين و نحوهم بتعبير (باسكون).
إقترن الدرس السوسيولوجي المغربي خلال فترة الإستعمار بالإشتغال وفق أجندات كولونيالية واضحة المعالم , فالبعثات العلمية التي تهافتت على المغرب لم تكن بريئة ,كان أولها سنة 1904 بقيادة "بوشاتلي _ أستاذ علم الإجتماع الإسلامي ب collége de france " مِن تم أُطلق العنان لباحثين كبار على سبيل المثال لا الحصر ( إدموند دوتي ,بيلر ميشو , دفوكو ميشيل , مونتاني روبيرت ...) فخلال هذه المرحلة كان التمازج بين العلمي و الأيديولوجي هو الغاية ذاتها, فكل ما يُنجز يسهل التحكم و الهيمنة و يبني قاعدة معطيات لمعول الإستعمار. حتى غذت سنة 1956 و أعلن عن شيء يدعى (الإستقلال), لتبدأ السوسيولوجيا مرحلة مخاض جد عسيرة , بل مسار نضالي كانت غايته تأسيس درس سوسيولوجي علمي و خالص ,يفصل الفصل الإبيستيمي بين (الذات و الموضوع) و تصفية الكتابة السوسيولوجية من براثين الإستعمار الى كتابة نقدية قلقة, كل ذلك وجد له أذن صاغية إبان ميلاد معهد السوسيولوجيا بمساعدة خبراء من اليونسكو سنة 1960 و ظهور أسماء كان همها الوحيد إستنساخ "درس سوسيولوجي مغربي نقدي" ينبع مِن مَن هُم تحت ( الخطيبي عبد الكبير , جسوس محمد , المكي بنطاهر , باسكون بول .... و غيرهم الكثير ) حتى أغلق المعهد أبوابه كُره سنة 1971 لعذر أقبح من ذنب .اليوم وجب الوقوف ولو من باب _مغازلة التاريخ_ على واقع تدريس السوسيولوجيا في الجامعة المغربية, من خلال البحث في طبيعة الشروط الذاتية و الموضوعية المؤطرة للمنجز السوسيولوجي الجامعي من حيث (التدريس , اللغة , التكوين , مناهج البحث ,البنية , الأفق .....) إلخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ