الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى تتوقف الخزعبلات؟

فلورنس غزلان

2020 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في آخر زيارة لي للخليج العربي سألت شقيقتي عن المعالجة " بالحجامة" فقالت أنها موجودة وبكثرة وداخل عيادات معترف بها ومرخص لها من الدولة ويهرع إليها كثيرون، ومن يقوم بالعمل فيها أطباء مختصون بالحجامة، وبما أن " العطشان يركض نحو السراب"، قلت في نفسي لأجرب الموضوع، وفعلا أخذنا موعداً في كلينيك ، عند دخولي كان هناك طبيب مصري وممرضة هندية كمساعدة له، طلب إلي الاستلقاء على بطني وأحضر أدواته ورغم أنها كهربائية إلا أن موضوعها الرئيس هو عبارة عن " كاسات هوا" ــ هكذا كانت تعالج بها خالتي آلام الناس ــ لكنه وأثناء العلاج راح يشطب ظهري بمشرط ..وقال أنها خدوش سطحية ماتلبث أن تختفي !..المهم طلب إلي أن أقرأ الفاتحة أثناء قيامه بعملية الشفط فوق الخدوش...بَرَمت رأسي وسألته لماذا؟ وما علاقة القرآن بالمعالجة؟ فقال أن هذا النوع من العلاج موجود ومبارك من الرسول ويستحسن أن نقرأ القرآن ليتم الشفاء، طبعا القراءة تتم دون صوت...لايعرف حضرته إن كنت قرأت أو إن قرأ غيري الفاتحة أم لا!...ماهذه الزعبرة ؟ وماهذا اللعب بعقول الناس ؟ انه عملية تمرير وتسخير للقرآن من أجل تشريع بضاعتهم، ثم هل قراءة القرأن ستساعد على الشفاء من عدمه؟
النتيجة أن جروح السيد الدكتور ظلت علاماتها في ظهري وعلى ساقَّي حوالي ستة أشهر، الدنيا صيف في الإمارات طبعاً ولم أستطع خلال فترة إقامتي ارتداء تنورة أو فستان... ولم تغيرحجامته بآلامي قيد أنملة علماً أن الجلسة تكلف 500 درهم!.
اليوم مع كورونا...البعض يخترع علاج الرسول " بالعسل " وآخر ب" حبة البركة" وثالث بالدعاء والابتهال والصلاة والصوم ، وآخر وهنا الطامة الكبرى يُحَّوِر ويُغير في أسباب نزول سورة " المدثر" فيقول أنها تتنبأ بفيروس كورونا ، لن أدخل معكم في النبش ومحاولة الغش والتفسير الخاطئ الضار كلياً بالإسلام من أجل القول أن القرآن تنباً وأن الصين " الكافرة" اغتنت وأثرت وكثر عدد سكانها فجاءها عقاب من الله!!!!
ينزع عن السورة الموجهة بالأصل للرسول حين ارتجف وطلب من خديجة أن تدثره " فجاءه الوحي ليقول :" يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر....الخ، لأنه حتى تلك اللحظة لم تكن الصلاة قد عُرِفت بالإسلام ولا الطهارة والنظافة...ولم يقم محمد بنشر رسالته على الملأ فطُلب إليه أن ينهض وينشر دينه...وأن يتطهر ...كما أن باقي الآيات تنبيء الكافرين بعذاب مبين حين البعث والقيامة...وبالطبع تصبح الآيات الموجهة للرسول موجهة لنا " أن علينا التكبير والتطهير كي نحمي أنفسنا من كورونا" أما النبي ,,فقد تغير المقصود....وهكذا تحوير وتدوير لتمرير الغاية ...لأن "الغاية تبرر الوسيلة "...مع أن الوسيلة هي الغش في تفسير الآيات .
أهذا يصب في صالح الإسلام، أم يسيء إليه " أيها المؤمنون!...
فلا غرابة أنه في وقت الحجر، تخرج مظاهرة في الإسكندرية الناس جنباً إلى جنب كتفاً بكتف ...للتكبير والدعاء ...كي يساعدهم الله في الخلاص من هذا الوباء!...أهذا هو الحذر والطهارة والنظافة والعزل؟ أهكذا تورد الإبل يامسلمين؟
في الوقت نفسه تتبرع الكويت ب 40 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية، مساعدة منها في مكافحة الوباء...موقف مشرف وعظيم ..يخفي رعباً بأن الوباء لم يقتصر على " الصين الكافرة " ولا أميركا وأوربا الكافرة كذلك ...وهاهو يطال معقل النبي وداره فتقفل الكعبة والصلاة فيها...بانتظار علاج ولقاح بالتأكيد لن يخرج من معامل " طالبان أو القاعدة أو داعش " ولا من الرياض في السعودية ...ولا من بيت لحم والناصرة ...بل من مخابر " بلاد الكفر" ولا أشك أبداً أنهم سيتوصلون مهما تأخر الوقت ...وهاهم يبذلون أقصى مالديهم من إمكانيات ووقت وجهد وعِلم كي يقضوا على هذا الفيروس.
مايحصل في مشافي أوربا نرفع له قبعاتنا، ونُكبِر فيهم تضحياتهم ــ حتى الآن راح ضحية هذا المرض أربع أطباء في فرنسا ــ ، هؤلاء هم أنصاف أنبياء أو أكثر، ناهيك عن الممرضات وكل الطواقم الطبية والمخبرية...
طالما أن القرآن تنبأ ...فهل تنبأ بعلاج أم فقط بالتطهر والتكبير والصلاة؟ هذا وقاية وليس علاجاً ...فهل من آية علاجية تُشفي وتُنجي؟ ...بركاتك ياشيخ " نتشه " ...حجاب نعلقه على صدرنا كي نشفى ونبرأ ..اقرأوا القران وصلوا وسوف تشفون بسرعة...ربما أن المؤمن في صلاته سوف يساعده الأمر نفسياً على سرعة الشفاء ...إنما دون عقارات طبية " كافرة " لن يشفى...
ألن نتوقف عن الزعبرات والخزعبلات؟
ألن نتوقف عن استغلال القرآن من أجل غايات سياسية بحتة؟ هذا هو الكفر والتشويه للإسلام...
ياعلماء السلاطين وشياطين الأخوان المسلمين كفوا عن اللعب بالكبريت فأيديكم وحدها هي التي ستحترق ...لأن عيوننا لاتنام وعقولنا تعمل بشكل سليم وكل خزعبلاتكم لاتمر إلا على السُذَّج والبسطاء ومن لديهم هشاشة ثقافية وضعف في قناعاتهم.
فلورنس غزلان ــ باريس 24/03/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و