الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دلائل الاثبات ودلائل النفي في جدل الإيحاد !.

صادق العلي

2020 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنويه :
1 ) لقد جمعت مصطلح ( اللإيحاد ) من مصطلحي الايمان والإلحاد لعدم وجود مصطلح في اللغة العربية يعبر عنهما مجتمعين ولسهولة تناولهما بعيداً عن التكرار الملل .
2 ) الاثبات والنفي هنا تارى للإله واخرى للدين لاني اجدهما منفصلين عن بعضهما ( الدين ليس الايمان وليس الإله ) بالرغم من ادعاء القائمين على الاديان بتمثيلهم للإله .
_____________________________________
لم تتوصل العقلية العربية بعد بكافة مستوياتها الاكاديمية والاجتماعية وحتى الفردية الى آلية بخصوص الإيحاد , بمعنى اخر العيش المشترك للمواطنين بعيداً عن تسويق الثوابت التي يعتقدون بصحتها كما يحصل في المجتمعات الغربية التي يتطلع اليها المواطن العربي على انها انموذجاً للعيش المشترك .
ايضاً لم تتوصل المجتمعات العربية الى انتاج سلوكيات او تقاليد مشتركة بين المؤمنيين وبين الملحدين خاصة بها لما تمتلكه من ارث تاريخي وتنوع عرقي وايماني يُنتج اخلاقيات واعراف تجعلها ( المجتمعات العربية ) مميزة عن غيرها وتكون بالضروري ثابتة على عكس ما نشاهده من تغير بنية المجتمع بحسب سياسيات القادة .
يقول البعض بأن التعاليم الدينية تتعارض مع اعراف وتقاليد المجتمع احياناً , الرد المنطقي لمن يقول بهذا ان التعارض هنا مقبول بحدود اختلافات الاعراق والاديان والمذاهب التي يجب ان تكون مظلة القانون الذي بدوره يحدد او يرسم ملامح التعايش المشترك إذ من المستحيل ان تكون التقاليد او الاديان اداة قتل وتهجير وبالتالي تفكيك المجتمع وتدميره وذك كون :
- التقاليد : هي نتاج سلوكيات وظروف المجتمع وهي القانون غير المكتوب ( قانون شفهي متداول عبر الاجيال ) الذي حمل على عاتقه التعايش المشترك .
- الاديان : جزء كبير منها عبارة عن منظومة انسانية واخلاقية يعتقد جزء من المجتمع بأنها نزلت من السماء .
هكذا بقيت المجتمعات العربية تتأرجح بين التأثير الديني السلبي ( صراعات ) من جهة والتطلع للمجتمعات الاخرى بوصفها مثالاً انسانياً من جهة اخرى , وعليه لابد من طرح السؤال التالي هل يمكن ان يصل العقل العربي الى مستوى المجتمعات الغربية بخصوص التعايش الديني ؟.
بالمقابل هناك طبقة في المجتمع العربي يطلق عليها اصطلاحاً ( الطبقة المثقفة ) والتي اثبتت فشلها الذريع بوصفها ( خزائن معلومات دون فاعلية ) كذلك دخولها في الصراعات بشكل عام او لاحد اطرافه تارة وخضوعها لصاحب الامر السياسي او الديني بحجة الولاء للوطن او الدين تارة اخرى , مع انني اعتقد بأن المثقف الحقيقي اكبر منها اولاً ورسالته الانسانية ترفد فكرة التعايش بشكل افضل ثانياً , الامر الاكثر تعقيداً بالنسبة للطبقة المثقفة العربية انها تطرح فكرة ( نحن لا نمتلك حلول وانما نحدد الاخطاء ) متناسين دورهم الاساسي وهو مشاركة الجميع بأنتاج مجتمع متعايش .
شخصياً اعتبر المؤمن والملحد ( على اختلاف توجهاته ) من اكثر ادوات تحطيم العقل العربي الجمعي ليس بصراعها الفكري كما يدعون فقط وانها قاما بأدخال هذا العقل في متاهة ( اثبات او نفي وجود خالق لهذا الكون ) !, فالملحد ينطلق من تصورات ونظريات وضعت في زمكان محددين وليس من المنطقي تعميمها والا اصبحت من التابوهات وهي كذلك لانها تعمل على تحطيم التصورات ( الايمانية وليس الدينية ) للانسان كون الايمان احتياج نفسي فردي بامتياز تصاحبه عند الطبقات الدنيا نقاء السريرة والرحمة والاهم من كل ذلك هو الاخلاق* وهذا ما نشاهده يوميا من تكافل اجتماعي .
ايضاً ينطلق المؤمن ( على اختلاف دينه ) من حقيقة ان الملحد بلا اخلاق وعليه ممارسة سلوكيات حيوانية كونه بلا دين متناسيا هذا المؤمن ان الاخلاق والاعراف والتقاليد هي البذرة الاساسية للاديان وللحضارات وهنا اكثر من دليل في المسيحية والاسلام ان اتت لتكمل مسيرة الاخلاق عبر العصور .
تدور نقاشات المؤمن والملحد وكأنهم في مستشفى للمجانيين لانهم يستخدمون ذات الدلائل في صراعهما وذات الطرح لأثبات ما لا يمكن اثباته ونفي ما لا يمكن نفيه مثلا :
1)تناول المشاعر الانسانية ( الخوف او الرهبة او الامل بغد افضل ... الخ ) تناول هذه المشاعر الانسانية لاثبات او نفي وجود الإله !.
2)تناول الظواهر الطبيعية والكوارث اثباتاً ونفياً بشكل مضحك !.
3)البحث اللغوي في كتب بعضهما البعض لايجاد خطأ هنا او حالة غريبة هناك واستخدامها كدليل للاثبات او للنفي .
يتمحور ادائهما بـ :
المحور الاول ) صحة فكرته وملائمتها للانسانية لكل زمكان .
المحور الثاني ) الادعاء بقبول الاخر في العلن بينما الكراهية والبغض في السر .
لا يحتاج المؤمن الى دليل كي يتأكد بأن ربه على دائما على صواب وبأن دينه هو دين الحق , فلا سبيل لتركهما الا اذا توفرت لديه قناعة شخصية خاصة به هو اكبر من ايمانه وهذه الحالة لا تحدث كثيراً , والقناعة هنا هي حالة او موقف او اي شيء يفضي الى تحريك اليقين , لانه ( المؤمن ) لا يسمع شيئاً من الاخر المختلف عقائدياً فكيف اذا كان ملحداً او مهرطقاً او زنديقا بحسب توصيفات الاديان* ؟, كذلك ينظر المتدين الى العالم وما يحيط به وما يحتويه من خلال تعاليم دينه فقط ويعمل جاهداً على مطابقتها بما يجري من احداث طبيعية او مفتعلة من قبل الانسان وعليه يحاول هذا المؤمن جاهدا تقديم ما حدث ويحدث كالدليل على ان دينه الاعرف حتى بما سيحدث !, وعليه فهو غير معني ان كانت هذه الفكرة قابلة للتصديق ام لا او هو غير معني بأي فكرة او عقيدة اخرى حتى وان ادعى بتقبلها على سبيل التعايش لانه بحكم القانون لا يمتلك حق الاعتداء على حقوق الاخرين الذين يعتنقون ديناً اخر طبعاً في الدول الغربية .
بالمقابل ينظر الملحد ( بكافة مسمياتهم وتوجهاتهم ) الى المتدين على انه مغمض العينين ومغيب العقل ولا قدرة له على الابتعاد خارج حضيرة الدين فهو لا يمتلك ما يؤهله للخوض في معترك الحياة المعرفي ولا يستطيع المساهمة فيه بالرغم من انه يمتلك الكثير من اجهزة او ادوات التي لم يتنجها دينه ولم يساهم بأنتاجها بدليل ان الانسانية وصلت الى هذه المراحل المتقدمة من الاكتشافات العلمية والطبية والتكنولوجية بفضل العقل المحض وما كانت لتحدث لولا تمرد العقل على الدين بالتحديد , بمعنى اخر انها نتاج العقل المتجدد بالافكار والتطلعات وليس العقل المتوقف منذ قرون خلت, هذا العقل حاول ويحاول ان يرتقي بقداسة الانسان وليس بقداسة ( الماورائيات ) التي يعتقد بها المؤمن ويحاول اثباتها .
نلاحظ وجود حالة واحد بوجهين مختلفين عند المؤمن وعند الملحد وهي القناعة المُسبقة لكل منهما اتجاه الاخر ولا سبيل لوجود منطقة محايدة بينهما ( طبعاً في المجتمعات العربية ) , صحيح ان الالحاد ينتشر اكثر واسرع من الاديان ولكن الطرف الاخر ( المتدين ) يزداد تطرفاً ورجوعاً الى الخلف ظناً منه بان مواجهة هذا التيار او هذا الالحاد لا يتم الا بالابتعاد عنه وعن كل ما هو جديد وعدم التعاطي معه الا بالكراهية وهذا ما يحدث بالضبط مع المتدين في المجتمعات العربية إذ يشعر بان الجميع اعدائه وكانهم اتفقوا عليه وعلى دينه , الغريب ان الجميع يعتقد بأن الجميع قد اتفقوا عليه وعلى ما يؤمن به !.
_________________________________
Ethics –manners*عند ورود مصطلح اخلاق على القارئ ان يميز بين
*استخدمت المسيحية مصطلح هرطقة وهو مصطلح يوناني ضد من تراهم ملحدين بينما استخدمت المؤسسة الاسلامية مصطلح زنديق لذات الحالة وهذا المصطلح يرجع الى مدينة زند الايرانية وهي مهد الدين الزراديشتي .
_____________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟