الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايمان بالعين في المجتمع الجزائري الاصول الانثروبولوجية

عزيزو عبد الرحمان

2020 / 3 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عين الحسد (أو عين الشيطان) (Mauvais œil) وهي عبارة عن نظرة حاسدة تؤمن بها العديد من الثقافات وبقدرتها على التسبب بالإصابات أو جلب الحظ السيئ للشخص الموجهة إليه هذهِ النظرة، لأسباب عديدة قد تكون حسداً أو كراهية. وقد أدى هذا الاعتقاد العديد إلى اتخاذ الثقافات لإجراءات وقائية ضده وتعتبر التعاويذ والأعين المزينة بالزخارف ,اهم هذه الاعمال ، ويشهد التاريخ وكمية الأدلة الأثرية والأدبية على أن الاعتقاد بالعين الحسودة في منطقة البحر الأبيض المتوسط الشرقي انتشر من آلاف السنين بدءا من هسيود (Hesiod) هو شاعر إغريقى مشهور، وهو يصور عصر حكم الأرستقراطية في بلاد الإغريق ، كاليماخوس (Callimachus)، أفلاطون (Plato)، ديودوروس (Diodorus) سيكولوس (Siculus)، وكان الشعب الآشوري يؤمن بأن ذوي العيون الخضراء والزرقاء أكثر الناس قدرة على الاصابة بالعين
كانت العين المصدر الرئيسي إن لم تكن الوحيدة للأشعة المميتة التي تنطلق كالأسهم المسمومة من عين الحاسد. فقد كان هذا التفسير العلمي للعين الحسودة شائعًا في الفترة اليونانية-الرومانية وفي معظم الثقافات كان يعتقد بأن الضحايا الرئيسيين للإصابة بالعين هم الرضع والأطفال الصغار وذلك لأنهم عادةً محط أنظار وإعجاب الغرباء أو النساء المحرومين من الأطفال. وقد استكشف الراحل (آلان دندس Alan Dundes) (أستاذ في التراث الشعبي في جامعة كاليفورنيا) العديد من المعتقدات في عدة ثقافات، واستطاع العثور على القواسم المشتركة بينهم، ولخصها في أن الشر الناجم عن هذه النظرة قد تتسبب بأعراض جفاف تؤدي للذبول
أقر الدين الإسلامي بأحقية العين والإيمان بها، بناءً على ما قاله محمد -صلى الله عليه وسلم-، "العين حق" ..."[صحيح مسلم ، كتاب 26، رقم 5427]. كما أن التحصين ضد العين عند المسلمين تصرف شائع ؛ فبدلًا من التعبير بالإعجاب المباشر بطفل جميل مثلاً، من المعتاد قول " ماشاءالله" وهذا يعني "هذه إرادة الله" وفسر بعض المفسرين قوله تعالى : " وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (52) سورة القلم
التعويذات ضد العين الحسودة : هناك تعويذات وقائية شائعة في الشرق الأوسط عبارة عن أجسام مسطحة أو دائرية، تتكون من دوائر بدرجات اللون الأبيض والأزرق، وعادةً يكون ترتيبها بهذا الشكل "الأزرق الداكن ثم الأزرق الفاتح، فالأبيض، ويليه الأزرق الداكن مرة أخرى" وعين الشيطان متمركزة في الوسط، حيث توجد العين الزرقاء أو الخضراء بأشكال عديدة في "يد الخمسة" وهي تعويذة ضد العين بشكل يد لها خمسة أصابع ولذلك سميت بـ"يد الخمسة"، وفي الثقافة اليهودية تسمى يد الخمسة بـ "يد مريم" وبعض المجتمعات الأسلامية يسمونها بـ"يد فاطمة" ربما نسبة الى فاطمة بنت النبي محمد ص
يشيع استخدام الخمسة في المجوهرات والجداران في المنازل والمحلات وتستخدم كعلامة للحماية ضد العين الشريرة. وقد نُظِر أن أصوله تكمن في مصر القديمة أو قرطاج مرتبطة بالإلهة تانيت (Tanit) كما عثر باحثون أثريون على صورة اليد المفتوحة في القطع الأثرية لبلاد ما بين النهرين في تمائم الإلهة عشتار(Ishtar) أو إناننا(Inanna)
كما تفترض إحدى التفسيرات وجود صلة بين الخمسة و مانو بانتيا (أو "اليد لكل الإلهة") ، وهي تميمة معروفة لدى قدماء المصريين باسم الأصبعين في هذه التميمة ، تمثل الأصبعان إيزيس (Isis) التي ترشد الموتى إلى الحياة الآخرة وأوزوريس (Osiris) إله البعث والحساب وهو رئيس محكمة الموتى عند قدماء المصريين ويمثل الإبهام طفلهما حورس(Horus) إله الشمس. كانت تستخدم الخمسة عند الفراعنة لاستدعاء الروح المعنوية للآباء على طفلهم وحمايته
تتوسط الخمسة عادة عين تشير إلى عين حورس (Horus) ، التي تعني أن البشر لا يستطيعون الهروب من عين الضمير. الشمس والقمر هما أعين حورس في المعتقدات المصرية القديمة فهو يراقب كل شيء في الليل وفي النهار ولا ينام أبدا ـ رمزه الصقر الحيوان الذي ليس لعينيه جفون فهي لا تغمض بعدها تم الاشارة اليها باسم يد فاطمة يقصدون ( فاطمة بنت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم )ربما تم تعديل الأسطورة بعد مجي المعتقدات الاسلامية وربما ارتبط الاسم بعصر الدولة الفاطمية التي كان الاقليم تابعا لها يوما ما تظهر الفكرة ايضا عدة مرات أيضا في الأدب اليهودي الحاخامي (Jewish rabbinic literature) كما انها مشهد مألوف في الكثير من الدول (البرتغال، البرازيل، أرمينيا، ، ألبانيا،
كان العلاج من أثر العين يتم عن طريق صلاة سرية تقرأ على زيت يستخدمه المصاب أو تفجير القرنفل في الجمر وفي تقليد مشابه يقوم سكان الاقليم بتفجير البيضة في الفرن بعد تلاوة سور من القرآن عنها أو رقية الزيت ويبدو أن الاعتقاد قد تم تعديله وفقا للمعتقدات الاسلامية الوافدة الى شمال افريقيا مع استخدام البيضة رمز تجدد الحياة فمنها يخلق مخلوق آخر ، مثل القبور القديمة في شمال افريقيا التي أخذت شكل البيضة ودفن الميت فيها في وضعية الجنين في الرحم استعدادا لميلاد جديد في حياة أخرى ، شر العين قد يأتي أيضا من الاطراء المبالغ فيه لشخص ما و من تميزه وهو اعتقاد ثابت عند سكان الاقليم الى اليوم ذكره (Alan Dundes) في كتابه ((The Evil Eye) ) (Alan Dundes, 1992 , p 318))
كما تحمل الخمسة رمز الاعتراف كحامل لحسن الحظ بين المسيحيين ويطلق عليها المسيحيون الشرقيون يد مريم أو كف مريم ، أو "يد العذراء مريم .
الخرزة : Bead : هي قطعة صغيرة تزينية مشكلة من أنواع وأحجام مختلفة مثقوبة ومنظومة بخيط سميك تصنع من الزجاج، البلاستيك، أو الخشب. وتتراوح أقطار الخرز من أقل من 1 ملم إلى ما يزيد عن 1 سم.واقدم حلية معروفة هي زوج من الخرز مصنوعة من أصداف حلزون البحر (ناسريس) تعود إلى 100,000 سنة.
يستخدمها الأتراك في كل تفاصيل حياتهم، ويعتقدون منذ القدم بأنها ترد العين والحسد والنحس، في اقليم الدريعات بالحضنة الشمالية يطلق السكان اسم الخرزة على مجوهرة من الفضة تحمل شكل هرم وفي وسطها سهم يعتقدون ان عين الحسود تفقا كلما دخل السهم في الخرزة وتوضع المجوهرة على الصدر لتواجه الناس ربما يرمز السهم الداخل وسط الهرم المقلوب الى الخصب وتجدد الحياة وهو مفهوم عكس الفناء
في الاقليم حين يجهل المصاب لمن أصابه بالعين , يأخذ الشيخ قطعة كبيرة من حجر الشب (الشبة) يقرأ عليها بعض العبارات التي تتضمن عادة سورا مشهورة من القران ويمررها حول المريض سبع مرات، ربما تقديسا للرقم سبعة الممتد في عمق الحضارة البابلية والذي يرمز للآلهة السبعة لليونان ثم يرمي بها مع جمر متقد في إناء, ليتبول عليها المريض، وبانطفاء الجمر، تنطفئ العين الشريرة المجهولة ويستخدم الملح لنفس الغرض الوقاية من أذى العين الشريرة- وهناك حيوانات لها القدرة على الحماية من «العين» كالسلحفاة البرية التي تدجن وتترك لتدور في البيت, والذئب الذي تعلق أنيابه في البيت , ثم هناك ايضا: العين اليسرى للثعلب أو والبوم، وغيرها من العناصر الحيوانية التي تستعمل للوقاية من نظرات الحسد.
لون الاسود يبطل سحر العين ولذلك يعقلون لاطفالهم «خميسة سوداء اللون على الجبين او في معصم اليد، بواسطة خيط احمر، كما يلفون في ثياب رضعهم «صرة» من ثوب اسود، بها قليل من الشبة والفاسوخ والحرمل ، كما يضعون تحت اسرة نومهم سكينا او كيسا به ملح وشبة وحرمل,,, واذا وجد احد الخائفين من العين، في مرمى عيني معيان بسبب الجوار في السكن، فإنه ينثر امام عتبة باب بيته الشبة والحرمل، حتى يوقف تأثير نظرات المعيان المؤذية ويمنعها من الدخول ويحملون- للوقاية من العين- عقربا حيا في وعاء من القصب، ولسنا تدري هنا ما علاقة العقرب بالحماية ولما تم اختيار هذا الحيوان بالذات ؟
سوف نعرض ذلك لاحقا في دلالات تقديس الحيوانات في شمال افريقيا القديمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا