الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التراث المُقدس

محمد أبوزيد محمد

2020 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التُراث، كلمة بمجرد أن تُكتب، أول مايُبادر ذهن بعض القراء هى صورة نافرة عالقة بالعقول، وهذا مرجعه الصخب الدائر حول قضية تجديد الخطاب الديني أو غربلة "الموروث الديني"، وقد أثارت تلك الاخيرة جدالاً كبير في الأوان الأخيرة بين ذعر من بعض العامة وخوف على الإرث وقداسته وبين إفراط من أصحاب تلك الدعوة من طريقة طرح للقضية وأسلوب أره فظ لايناسب مجتمعنا ونمطية تفكيره، التي نفسها إرث إهمال من نخبة كبيرة لم تلتفت له، وندفع ثمنه حاليا.

وليتضح لنا الأمر علينا نُشكل صورة صحيحة لمفهومه كي يتبادر لنا الخوض على صفحة بيضاء، الإرث هو ما توارثه الأجيال السالفة في نواحي عديدة لتاريخ الأمم من تراث مادي: كالأثار والكُتب والنصوص المقدسة والعلوم والفنون، ومعنوي: كالأفكار والعادات والتقاليد والأراء ولا شَك أن كلاهما متجانس مع الآخر في نقاط عدة، فإن النص الدينى في مجتمعنا له السَبق في نمطيه التفكير وتأثيره على طريقة تعامل الفرد في شتى أمور حياته، ويتضافر مع العادات والتقاليد الموروثة وفي ذلك تَكمُن مشكلة، ثمة من الإختلاط ومحاولة دعم العادات والتقاليد بنص مقدس قد يدعمها قداسة مستحيل أن تُحاول تَغِيرها، والعكس أن يلتبس بالموروث الديني عادات وتقاليد، ليصبح جزء أصيل منه ثم يتواراث على أنه كذلك ويصبح ما هو معلوم بالضرورة، فالنقاب هو عادة لأهل الحجاز فألتبس بالموروث وأصبح دين مع أنه لم يرد نص واضح وقاطع يُبرهن ذلك إلا اقوال مفسرين ويتضح لنا من تلك الأخيرة مسألة شائكة وقد ذكرتها سالفًا أن الإرث المُرتبط بالنص المُقدس يأخذ قداسته ضمنياً، وأصبح قول المُفسر للنص الُقدس ذات غلاف قداسي والإقتراب للأمر شائك، كذلك من نقل الحديث الشريف أخذ نفس النمط.

والشق الثاني هو بعض المتعرضين لنقد الموروث يتناولون الأمر بشئ من الغلظة والعداوة وكأن هناك ثأر معه وذلك يتضح في الألفاظ والعبارات فالأسلوب له تأثير كبير على المتلقي لامحالة، وأصبح بين إفراط وغلظة المقاولون بالدين ومن لهم مكاسب من تلك النصوص وبقاءها في تلك الحالة، وبين مقاولون تنوريين، ومن ثَمَّ يتشتت العقل الجمعي البسيط ولا يجد من يرفق به.

إن التجديد للإرث لا يعني هدمه، بالعكس هو مُجرد عملية إفراز لما تناقل في غفوة من الزمن دون تحقيق وفحص دقيق، ولا يُعقل أن تُجدد أمة فِكرها إلا من أصلها، فالشجرة يتم تقصيفها وتهذيـبـُها وتبقى الجذور فتـنضُج مرة أخرى، ودعوة التجديد لا تتسلط على الموروث الدينى بشكل أو بآخر، وايضا نحتاجها في جميع المجالات ليس مع الدين فحسب، ولكنه الأمر البارز والأكثر تأثير فنحنُ نَحتاج تجديد في شتى المجالات فكلاها تكوين للشخصية العربية وهي جزء من التاريخ الإنساني، والأمم التي تهدم تُراثها كليًا وتُجدد من غيرها تصبح بلا هوية، والتراث العربي حافل بما نَـفع الإنسانية جمعاء، ولأكون واضح أن كلمة عربي ما هو تراث تم تدّوينه بالعرببة وأكتسب صفتها.

ومن الطبيعي أن التجديد والتحقيق العلمي، سـيُحدد ملامح ويرسم خطوط جديدة في طريقنا لمُستقبل أفضل، وعملية نضوج لثمرة اجيال افضل وتجديد النصوص والتنقيب عن مالم يظهر لضوء الشمس مؤكد له تأثير كبير في الجانب المعنوي من عادات وتقاليد مغايرة ويبقى الأمر متوقف على إرادة من بيدهم الأمر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي