الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادريس البدليسي

رستم محمد حسن

2020 / 4 / 6
القضية الكردية


ادريس البدليسي :

نشأته :
هو ادريس بن حسام الدين بن علي ، عرف بالبدليسي نسبة الى مدينة بدليس ، كان يقال له ( مولانا ) و ( حكيم الدين ) ، واتخذ لنفسه لقب ( أميرك ) ليوقع به ما كان ينشره من قصائد " .
ليست هناك فكرة واضحة عن نشأته وسيرته لما قبل بروزه على مسرح الأحداث ، بيد انه من الممكن القول أنه نشأ في بيئة دينية وعلمية ، فقد كان أبوه ( حسام الدين ) من خلفاء الطريقة النوربخشية، وكتب مؤلفات عدة عن الدين والتصوف باللغة العربية، ولنا أن نستنتج بانه تأثر بأبيه ، حيث كان من الطبيعي أن يوجهه والده نحو تعلم القرآن الكريم واللغة العربية وعلوم الدين ، بل ساهم في تعليمه أيضا، ويبدو انه واصل دراسته في مدينته ثم انتقل الى ايران ليكمل تعليمه، ورغم انه لا يعرف تفصيلات دراسته ولا شيوخه الا أن تضلعه باللغات الفارسية والعربية والتركية يعطي مؤشراً بأنه أخذ عن شيوخ ذلك العصر آداب اللغات المشار اليها .
وكان والد البدليسي له باع في الانشاء والكتابات الرسمية الى جانب الدين و التصوف ، اذ كان يعمل كاتباً في ديوان الآق قوينلو، فترك أثراً في ابنه في هذا المجال أيضاً، فالبدليسي كان يمتاز بمعرفته بأصول المكاتبات الرسمية ، حيث انه كتب العديد من تلك الرسائل باسم الأمراء والملوك الذين أشتغل في بلاطاتهم في منصب الكاتب، مما اكسبه سمعة أدبية واسعة، ومن الدلائل التي تبرهن على ذلك تلك الرسالة التي كتبها باسم السلطان يعقوب بن حسن الطويل الآق قوينلي ( 1479_1490م ) ) للسلطان بايزيد الثاني ( 1481_1512م) ليهننه بانتصاره ، حيث افتتن السلطان بايزيد بأسلوبه البارع وحاول استمالته الى بلاطه .

المناصب الرسمية:
يقول ( گرد ليفسكي ) عن ادريس البدليسي انه كان ( رجل دولة) وهو قول صائب ، فقد أشغل العديد من المناصب المهمة في بلاطات دولة الآق قوينلو ، و الدولتين الصفوية والعثمانية على التوالي، حيث دخل في المناصب الحكومية لأول مرة بوصفه كاتباً خاصاً للسطان يعقوب بن حسن الطويل الآق قوينلي ، ثم تدرج في الوظائف فحصل على مناصب مهمة في عهد سلاطين الآق قوينلو الآخرين، منها منصب ( نيشانچي ) أي حامل الختم الذي كان منصباً رفيعاً في ذلك الوقت، وقد ظل في بلاط الآق قوينلو في تبريز حتى انهيار سلطتهم في آذربيجان عام 1501 على يد الشاه اسماعيل الصفوي، ويبدو انه تحول بعد ذلك الى البلاط الصفوي ، حيث شغل منصب ( مهردار ) ويعني حامل الختم أيضاً ، ولكنه لم يطل به المقام هناك، فالتجأ الى الدولة العثمانية وذلك لانه لم يتحمل سياسة الشاه اسماعيل المذهبية المتطرفة، وهناك لاقى البدليسي ترحيباً حاراً لدى السلطان بايزيد الثاني واوكل اليه الاخير مهمة كتابة تاريخ الدولة العثمانية في عام 1502م، فأتم البدليسي المهمة بنجاح وذلك في كتاب سماه ( هشت بهشت / أي : الجنات الثمان ) كما عهد اليه السلطان مناصب رسمية في الدولة أيضاً، واستمر البدليسي في تقديم خدماته للعثمانيين حتى مجي السلطان سليم الاول الى الحكم

علاقته مع سليم الاول :
برز شأنه جدا في عهد سليم الاول ، وجعله السلطان مستشاراً له واصطحبه في حملته على ايران عام 1514 ، وحملته على الشام 1516 ، وحملته على مصر عام 1517  ، وشغل منصب ( قاضي العسكر ) لمدة، وكان السلطان يستشيره ويتصل به ويستدعيه في أخطر شؤون الدولة ليأخذ رأيه في شؤونها الادارية والعسكرية والسياسية، واستفاد منه للاتصال بالزعماء والأمراء الكورد الذين قبلوا النفوذ العثماني بطريقة سلمية ، وذلك باستغلال البدليسي لمكانته الدينية والادبية لدى الكورد ، الذين كانوا يؤمنون إيماناً قوياً بالشخصيات الدينية الى درجة أن قسماً منهم لم يكن يقدم على عمل الا بعداستشارته، وكان من بين من اعترف بالحكم العثماني حكام الإمارات الكردية المهمة مثل أمارة ( بدليس ) أكبر الامارات في كردستان الغربية، وامارات ( بهدينان ، وأردلان ، وجزيرة أبن عمر ( بوتان ) وغيرها واصبحت هذه الامارات تحت الحماية العثمانية مع الاحتفاظ بنظمها الداخلية وقوانينها وعاداتها، ليكون بحق اول من ارسى نظام الفيدرالية للكورد.

مؤلفاته :
كان للبدليسي مؤلفات تاريخية وادبية ودينية عدة ، فالى جانب كتاب هشت بهشت  المذكور اعلاه (والذي كان يتألف من 80 الف بيت في تاريخ السلاطين العثمانيين الثمانية الاوائل ومؤلف من ثلاثة مجلدات) والذي يعد اول كتاب في تاريخ العثمانيين، يقال أن له كتاباً تاريخيا آخر باسم ( تاريخ ادريس البدليسي ) ، وترجم كتاب ( حياة الحيوان ) للدميري الى التركية ، وكتب أيضاً ( سليم نامه ) بالنثر والشعر عن حياة السلطان سليم الأول ولكنه لم يكملها، اضافة الى عدد من الكتب الأخرى في مجالات مختلفة منها رسالة في الطاعون وجواز الفرار منه وسماها " الإباء عن موقع الوباء " و " رسالة في النفس " ، و " الحق اليقين في الحق المبين " في الكلام .

وفاته:
بعد حياة مليئة بالنشاط شعر البدليسي باليأس والغبن نتيجة طموحاته الكثيرة ، حيث يظهر ذلك الشعور من تلك  القصيدة التي كتبها في مصر شاكياً مظلوميته الى السلطان سليم ، ومهددا أياه بالالتجاء الى الشاه اسماعيل الصفوي، وقد غضب السلطان عليه جراء ذلك وأمر بأبعاده عن مصر الى استانبول في سفينة حربية من سفن الأسطول العثماني ، حيث عاش فيها بقية حياته لا حول له ولا قوة، حتى توفي في سنة 1520م بعد وفاة السلطان سليم بفترة قصيرة ، ودفن في مقبرة أبي أيوب الأنصاري . ولايزال ضريحه واضحا للعيان في مسجد أقامته زوجته" زينب خاتون "وكان له ولدان أبو الفضل محمد ومصطفى علي الطبيب البارع . وكان جامع زينب خاتون المعروف في الآستانة من خيرات زوجته ( زينب خاتون )بالاضافة الى ان قصر "ادريس كوشكي" في ضاحية السلطان ايوب في اسطنبول كان قد دعي باسمه

المصدر الرئيسي :
كتاب كوردستان والامبراطورية العثمانية ل سعدي عثمان هروتي
بالاضافة الى:
مشاهير الكورد وكوردستان في العهد الاسلامي ل محمد امين زكي
معجم اعلام الكرد ل محمد علي الصويركي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل #العربية فادي الداهوك: ‏طلاب جامعة السوربون ونواب فرنس


.. رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية: نتهم ا




.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا