الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبحث في الدين (1)

داود السلمان

2020 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحن لسنا ضد الذين، والمثقف الحقيقي لم يكن في يوم من الايام، وقف يكافح ازاء الدين، ومن قال غير هذا هو من يريد زرع فجوة بين المثقف والدين، فجوة لا يمكن ردمها، اما: لغاية في نفسه، أو لكسب منفعة، أو هو ذاته لم يفقه فلسفة الدين ولا يدرك مغزى وهدف الدين؛ اليس الدين هو اخلاق الهية يطبقها صاحب الدين على نفسه ويتعامل بها مع الآخرين؟. اليس الدين يدعو الى الخير والسعادة والقيم النبيلة؟، وحث الناس على العمل الذي ينجي الناس من براثن الكسل والتكاسل وعدم الافراط بحياة ومصالح جميع الناس على حد سواء، الا ما يخدم مصالحهم المشتركة، التي يفضي بالتالي الى انبثاق روح المحبة والاخلاص والتفاني من اجل الكل، بغض النظر عن صالحهم وطالحهم، ابيضهم واسودهم، وهو ما تدعوه الاديان جميعها، وتشهد عليه فلسفتها وقيمها التي قامت هي نفسها بنفسها؟. هذا ما يعلمه المثقف، والمثقف المطلع، الذي يدرك الهدف السامي لقيم الدين، وما يفهمه كذلك من فلسفة نادى بها الدين، وبيّن رسالتها الانسانية منذ تاريخها، يوم كان الانسان هو اقرب الى الحيوان الاعجم منه الى الانسان العاقل، أي قبل اكتشاف النار، وتحديدا، يوم كان يسكن الكهوف ولا يعرف كيف يبني له منزلا يقيه من القر ومن الزمهرير، ورويدا رويدا حتى وصل الى ما وصل اليه اليوم من تقيات العصور الحديثة وهذا التطور العظيم. كان قد استنجد بالدين ولاذ به كما يلوذ الوليد الصغير بأمه، حينما يشعر بمخاطر جسيمة تحف به.
هذا هو الدين، بتعبير آخر، الدين ملاذ الانسان الذي يصد به المخاطر الخارجية، وبالخصوص المخاطر غير المعلنة، المخاطر المتوقعة، والمجهولة والتي لا يدرك كنهها، ومنها الموت وما بعد الموت والحياة الاخرى التي سيؤول اليها، وما يصاحبها من قضايا يجهلها، ولم يستطع عقله أن يدركها، لأنها فوق مستوى عقله ويعجز عن تفسيرها لبه.
لكن ما هو الدين الذي يريده المثقف، أو بالأحرى الدين الذي هو كان قد فهمه وغاص في اعماق فلسفته؟. هذا هو السؤال.
يرى البير كامو، الفيلسوف والكاتب الروائي "إن طريق الحياة وعرٌ وشاق بدون مساعدة الدين والفن والحب". اذن ثمة ثلاث ركائز رئيسية يمكن لنا من خلالها أن نضع اقدام النجاح في حياتنا ومسقبلنا، هي هذه المعان الثلاث، وقد جعل كامو اول ركيزة هي الدين. وأن فقدنا ركيزة واحد من هذه الركائز سوف يُكتب لنا الفشل، وما بعد الفشل الا الخسران المبين، وعلى وجه الخصوص الركيزة الاولى، التي هي الدين. لكن المشكلة هي في من يستغل الدين ويتخذه مطية يمتطيها في تحقيق مآربه واهدافه. ومثل هؤلاء هم من عناهم شوبنهاور بقوله "الطبيب يشاهد كل الضعف البشري، والمحامي كل الشر، ورجل الدين كل الغباء". يصبح غبيا، رجل الدين، بحسب الفلسفة الشوبنهاورية، حينما يستغل الآخرين ويستفزهم واحيانا يسرق اموالهم ويحتال عليهم، بل وطورا يكذب عليهم بنصوص ينسبها الى الاله وربما الى الانبياء، فلا يخجل من هذا الكذب والتدليس والمراوغة، كل ذلك من اجل مصالحه واهدافه، فهو يجعل المبررات منساقه لخدمته، لا تهمه مصلحة الناس بقدر ما تهمه مصلحة نفسه، اذ يعد نفسه أنه يتصف بالأخلاق، لكن الاخلاق بعيدة عنه كل البعد، فالذي يدلس لا يفقه قيمة الاخلاق، اليس الاخلاق هي رسالة الانبياء؟، اليس هي من دعا اليها بعد الانبياء هم الفلاسفة والعلماء واهل الاصلاح من الخيرين؟. فأين هم من اولئك. وكأن سقراط هو الطبيب الماهر وعالم النفس المتحذلق حينما كان يرى إن" قلة الدين وقلة الأدب وقلة الندم عند الخطأ وقلة قبول العتاب أمراض لا دواء لها". فهذه كالسرطان القاتل لا دواء ينفعه ولا طريقة تجدي به، لأن حالته وصلت الى ادمان الجهل، وركوب المخاطر التي لا يمكن المحيص عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال