الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحث في الدين (2)

داود السلمان

2020 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


واذا كان بعضهم يصف هذه بـ "الاخطاء" أي هذه الامور التي يرتكبها، بقصد، معظم رجال الدين، وبمرور التاريخ، فهي اخطاء كارثية، ففيها زهق ارواح، وسلب اموال، ومصادرة حقوق، وتضييق حريات، واتهام المفكرين بالهرطقة، والفلاسفة بالزندقة. فمن يعيد لكل هؤلاء الذين وقع عليهم الحيف، ويعيد اليهم حقوقهم، الحقوق المعنوية والعينية معا. وبحسب تعبير ديفيد هيوم " بشكل عام، الأخطاء في الدين خطيرة، بينما التي في الفلسفة سخيفة فقط". وهيوم هنا لا يعني بعبارة "سخيفة" المعنى المستهجن او يريد الانتقاص من قيمة الفلسفة، بقدر ما يريد القول: إن الاخطاء الفلسفية يمكن اصلاحها والرد على مدلولاتها كأن يكون قد التبس على الفيلسوف الامر، أو عصت عليه مسألة من المسائل ففهمها كما فهما هو. وكانت معظم الفلسفات تقوم على نقض الفلسفات التي سبقتها، بمعنى آخر إن الفيلسوف ينتقد الفيلسوف الذي سبقه كأن يبطل فلسفته ويأت بعكسها، أو يقوضها فمثلا أن فلسفة كارل ماركس هي جاءت نقيض من فلسفة هيجل، وبالتالي ظلت فلسفة هيجل كما هي وكذلك ظلت فلسفة ماركس قائمة بذاتها، بل جاءت مدارس أخرى كثيرة بعد ماركس انتقدته وحاولت ابطال فلسفته، حتى حينما كان يرى ماركس "إن الدين افيون الشعوب" فقد جاءت دراسات وبحوث واقوال كثيرة تثبت عدم صحة هذه العبارة واعتبرتها مقولة مبالغ بها وغير دقيقة.
ثم اليس فرانسيس بيكون، كان يعتقد " إن قليلا من الفلسفة يجعل الإنسان يميل إلى الإلحاد، أما التعمق والتبحر فيها فيجعلان عقل الإنسان يميل إلى الدين". وكأن بيكون هنا ينتقد ماركس على مقولته هذه، فيعتبره غير متعمق بالفلسفة، وأن هذه المقولة فيها قسوة مفرطة على المتدينين، علما أن بيكون كان فيلسوف متدينا، بعكس ماركس الموغل بالمادية، والمادية الجدلية. والفلاسفة بحسب تقييم بعض مؤرخي الفلسفة ينقسمون الى ثلاث فئات: ماديون، ملحدون، لاأدريون. ولكل من هذه الفئات الثلاثة مدارسها واتباعها، منذ الفلسفة اليونانية والى يومنها هذا، هي مدارس قائمة بذاتها.
الدين، إذن، لا يمكن الاستغناء عنه بأي حال من الاحول، ولا يمكن تبديله، اذ هو والعلم صنوان لا يفترقان، فكما نحتاج للعلم كذلك نحتاج للدين، وافضل من عبر عن هذا هو مارتن لوثر كينج بمقولته "العلم يبحث؛ الدين يفسر.. العلم يعطي الإنسان المعرفة والتي هي قوة؛ الدين يعطي الإنسان الحكمة والتي هي ضبط.. العلم يتعامل أولاً مع الحقائق؛ الدين يتعامل أولاً مع القيم.. الاثنان ليسا متضادين، بل مكملان لبعضهما البعض". فالعلم نكسب به الاولى ونعمّر به الثانية (الدنيا- الآخرة) كما الابدان تحتاج الى تقويمها وديمومتها ومقاومتها للأمراض وما يعتريها من خطوب واهوال، كذلك تحتاج النفس الى ما يقيم أودها لكي تستقر وتمعن بالأمان.
الانسان يحتاج الى قوة ودافع، على اعتباره كيان ضعيف، حتى يقاوم ما يلاقيه من صعوبات الحياة، كي يستمر ولا يتمزق شراعه بأول عاصفة تعتري طريقه في لجة الابحار، فيستسلم لها كالغريق الذي تلقفته موجة البحر فقذفته في الاعماق. هنا سيكون مصيره الغرق لا محالة، فلا من مُنجي ولا من منقذ، بعكس الذي يمتلك قوة، وقوة جبارة، لا تداهن ولا تستسلم، فهو المنتصر، هو القائد الباسل الذي تحوطه جيوش جرارة، وعساكر كثيرة، لكنه يمتلك إرادة صلبة وتحت امرته جنود كماة لا تهاب الموت، ولا تخشى العدو، فسُيكتب له النصر، وسيعود ظافرا مرفوع الهام. وهذا الذي عبّر عنه جورج برنارد شو، الكاتب المسرحي الكبير " الدين قوة عظمى.. انه القوة الدافعة الحقيقية الوحيدة في العالم".
يتبع......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال