الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كُردولوجيا ج2

حسن خالد

2020 / 4 / 8
القضية الكردية


ويقتضي الإنصاف هنا أن نؤكد بأن روسيا كانت المهد الأول للكردولوجيا بمفهومها العلمي المنهجي و تحتل مكان الصدارة في هذا الميدان وإلى عهد قريب ، ولازالت المكاتب في الكثير من عواصم الدول الغربية عموما مكاناً لأمهات الكنوز والمخطوطات الدفينة .
فما قدمه الكردولوجيون الروس والسوفييت من بحوث ودراسات عن ( لغة وأدب وتأريخ وثقافة وجغرافية الكرد ) بمثابة أعمال علمية ديموغرافية و جيوبوليتيكية عن كردستان تتسم بالعمق و الموضوعية من حيث النوع و يبلغ أضعاف ما قدمه المستشرقون الغربيون من حيث الكم ، وقد بذل الكردولوجيون الروس الأوائل ( لاحقاً السوفييت ) كـ ( بيتر ليرخ , الكسندر زابا , يوسف اوربيللي وآخرون جهودا" كبيرة لاستجلاء تأريخنا وثقافتنا ودراسة تراثنا واجتهدوا في التحليل ولفتوا الأنظار الى قضايا حيوية, لم يسبق لأحد في الكشف عنها وتفسيرها ، فالكردولوجي (( فلاديمير مينورسكي ))* وبحثه الموسوم ( اصل الكرد) الذي القاه في المؤتمر الاستشرافي العالمي المنعقد في بروكسل عام 1938 وتم لاحقاً نشر البحث ضمن كتاب يضم بحوث المؤتمر المذكور في عام ( 1940)
وكذلك الكردولوجي : ((باسيلي نيكيتين))* في كتابه (الكرد : دراسة سوسيولوجية وتاريخية ). وإننا ندين لهؤلاء الرواد بالكثير في مجال إثراء تراثنا الثقافي والغوص في منابعه الاصيلة وإلقاء الأضواء على جوانبه المختلفة , يدفعهم الى ذلك حب العلم والمعرفة والاعجاب بالشعب الكردي وخصاله الحميدة , التي تركت أعمق الأثر في نفوسهم .
وأعتقد ان الجهد الذي بذله " الكردولوجي " الكسندر زابا , لا يدانيه أي جهد آخر , فقد حفظ لنا جزءاً مهماً من تراثنا الثقافي الذي شكّل القاعدة الاساسية لدراسة هذا التراث على نحو منهجي من قبل الجيلين الثاني والثالث من الكردولوجيين الروس ولاحقاً السوفييت .
لقد عمل الكردولوجي الروسي (( الكسندر زابا )) بصفته قنصل روسيا القيصرية في مدينتي ارضروم وسميرنا ( أزمير حالياً ) طيلة ثلاث وثلاثون عاما ) 33عاماً ) ( 1836 – 1869 ) , حيث قام بتكليف من أكاديمية العلوم الروسية , بدراسة اللغة الكردية ولهجاتها وجمع مواد و نصوص تتعلق بأدب وفولكلور و لغة وتاريخ الكُرد وكذلك مراجعة العديد من المخطوطات الكردية .
في هذا السياق يرى الكاتب والباحث الكُردي : ((جلال زنكبادي))* " إن جذور الاستشراق ضاربة في عصور التاريخ القديم ، إبان الحروب الناشبة بين الإمبراطوريتين اليونانية والفارسية ، حيث كانت كردستان – آنذاك – مسرحاً لحرب هوجاء ، ويرى بإمكانية اعتبار القائد اليوناني زينفون 430 /354 ق.م الذي أورد ذكر الكردوخيين في كتابه ( رجعة العشرة آلاف ) مع المؤرخيْن : هيرودوت 484 /425 ق.م ، وسترابون 64 /23 ق.م اللذين أوردا – أيضاً – معلومات حول الكرد ، من أقدم المستشرقين بشكل من الاشكال "
ويمكن اعتبار أنّ ( الكردولوجيون ) هم الرحالة والمتخصصون الاستشراقيون (الاكاديميون) والضباط والحكام السياسيون الذين عملوا في كردستان وتعاملوا وتعايشوا مع الكرد ، ولو حاولنا دراسة الخلفية الثقافية والوظيفية لهؤلاء ممن كتبوا في الـ )كردولوجيا) بشكل عام أو ممن كتبوا بشكل تخصصي لوجدنا فيهم ( القنصل ) الممثل لبلاده " باسيلي " و( الضابط السياسي ) الذي جاء ليحكم المدينة والقسيس ) الذي جاء ليبشر بالمسيحية أو يرعى شؤوناً طائفية و( الاكاديمي ) الذي جاء ليجري بحثاً علمياً عن جانب من جوانب الحياة الكردية... وهي في مجملها ومضمونها تُظهر الغرض من الدراسات الاستشراقية وضمناً الكردولوجية " فهي تمثل حركة متواصلة الحلقات يحاول فيها الغرب التعرّف على الشرق علمياً وفكرياً وأدبياً ، ومن ثم استغلاله اقتصادياً وثقافياً واستراتيجياً وجعله منطقة نفوذ له يسيطر بها على العالم بأسره ..." ( للمزيد راجع : ص 18، معجم أسماء المستشرقين )*
وكل هؤلاء ملكوا خلفية استشراقية عامة ونظرية مسبقة عن المنطقة وبالتالي لا يمكن تجريد هؤلاء من الصفة الاستشراقية
نافلة القول : تعتبر الدراسات والأبحاث " الكردولوجية " مصدرا ثرياً لا يمكن تجاهله أو القفز فوقه للباحثين الذين يرغبون في خوض أغوار ما خفيّ من معلومات عن " الأمة الكردية تاريخياً " ولا تقتصر فقط على دراسات وأبحاث المدرسة الكردولوجية الروسية – السوفيتية – على ريادتها - إنما تزخر المكتبات الغربية عموماً بتلك الدراسات في روما وباريس وبرلين ولندن وأمستردام وغيرها ، وتنتظر من ينفض عنها غبار النسيان والإندثار لترى النور مجدداً بعد ردح من الزمن " العامد " .
ملاحظة : تُعد صفحة الأستاذ والأخ "Dildar Mitani " وكذلك صفحة الأستاذ جلال زنكآبادي من الصفحات الهامة و الغنية لمن يرغب بتتبع الدراسات والأبحاث " الكردولوجية " .
=========================================

* للمزيد : يمكن مراجعة كتاب " معجم اسماء المستشرقين " إعداد د. يحيى مراد ، منشورات دار الكتب العلمية ، بيروت ، د.ت
* فلاديمير مينورسكي 1877- 1966تخصص في دراسة الإيرانولوجيا والكردولوجيا ، هو أحد كبار المستشرقين العالميين الذين أولوا القضية الكردية اهتماماً فائقاً و تعتبر أعماله مرجعاً لا غنى عنه ، وهو صاحب الراي القائل بان اصل الكرد يرجع للميديين . أي ان الكرد احفاد الميديين.
*باسيلي نيكيتين 1885 - 1960 الذي شغل منصب قنصل روسيا في إيران، يرسم في كتابه القيم هذا لوحة شبه شاملة للشعب الكردي، ولأحواله وظروفه في تلك الفترة. صحيح ان بعض المعلومات والروايات والاحصاءات التي يتضمّنها الكتاب باتت قديمة، الا ان الكتاب يحتفظ بأهميته الاستثنائية .
*جلال زنكآبادي : ولد عام 1951شاعر وباحث دقيق في متابعة الدراسات والأبحاث الكردولوجية ومترجم ماهر ، ولازال العطاء مستمراً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هيومن رايتس ووتش تدين تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان


.. طلاب في جامعة كاليفورنيا يتظاهرون دعمًا للفلسطينيين.. شاهد م




.. بعد تطويق قوات الدعم السريع لها.. الأمم المتحدة تحذر من أي ه


.. شاهد - مئات الإسرائيليين يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو




.. بعد أن فاجأ الجميع بعزمه الاستقالة.. أنصار سانشيز يتظاهرون ل