الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الدولة الوطنية

حسن خالد

2020 / 4 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



" سوريا نموذجاً "
ما أن لاح في الأفق ، بوادر تأسيس أو تكوين الدولة الوطنية ، نهاية حقبة الإنتداب " الغربي " الآستعماري ، لتلك البلدان وخيرات مجتمعاتها / مع علمنا بأن نماذج سابقة لها سادت في فترات وحقب مختلفة قبل ذلك / حتى تنفست أبناء تلك البلدان الصُعداء وتأملت خيراً في نيل حريتها وتمتعها باستقلالها " الوطني " السياسي والآقتصادي في بناء دولتها " الوطنية " لتحكم شعوبها ومجتمعاتها " المتنوعة " بإرادتها هي ....
فالإشكال السلطوي " تاريخياً " لا يعكس حالة طارئة بقدر ما كانت تعبر عن سلسلة طويلة من التناقضات التاريخية في طبيعة السلطة التي تحاكي " صراع السلطة في إرهاصاتها " الراشدية " أيام الخلفاء " الذين قتل منهم ( 75% ) وكان ذلك نزاعاً سلطوياً ، أكثر منه " خلافاً دينياً "
حتى أن النزعة " الامبراطورية " لدولة الإسلام كانت في حكمها وتحكمها عبر سلطات لامركزية تخضع " شكلياً " لسلطة المركز " أيام الأموي إلى حدٍ ما والعباسي والمملوكي وحتى العثماني ما قبل " القوموي " فظهرت إمارات ودول تابعة للمركز في حدودها الدنيا ، فسادت جغرافيا واسعة وأقوام شتّى تحت " بوتقة الدين لله والوطن للجميع " ...
وحتى بعد ظهور " معضلة الأماكن المقدسة والمسألة الشرقية " ودخول لاعبين من الخارج لتقاسم تركة " الرجل المريض " حاولت تلك القوى إيجاد سلطات محلية تخضع لتبعية هذه القوى أو تلك ...
مما خلق حالة لدى " المتنورين من أبناء البلد " للتّذمر من تلك الحالة والدعوة لبناء الدولة الوطنية الخالصة وتخليصها من الشوائب التي علقت بها " تبعية سياسية – اقتصادية ...."
فكان التحالف ما بين " البرجوازية الوطنية " والطبقات الوسطى ( مثقفين - موظفين - ضباط وجنود ...) الحاملة للمشروع الوطني الجامع في بوتقة " دولة المواطنة " التي تنظر للمواطن كمواطن بعيداً عن الإنتماءات المختلفة .....
لكن سرعان ما تبدد ذلك الحلم وتسلطت " العنصرية القوموية " على مصير العباد والبلاد بحجج شتّى وواهية ...
وكان للصراع " العربي – الإسرائيلي " دور هام وبارز في زعزعة ذاك " العقد الاجتماعي " بين كافة المنتمين للوطن المختلفين في ( العرق والدين والمذهب ) من ( أبناء الوطن الواحد ) فكان المدّ القومي العربي أيام " ملهم القومية العربية " جمال عبد الناصر ومحاولاته في محو آثار النكبة وما تلاها من أحداث ليتسيّد المشهد السياسي العربي " ثلة قوموية " كانت في حالة وئام حيناً وفي أحيان أخرى كان الخصام يتسّيد المشهد ، بينها وبين شركاء " الوطن " من شيوعيين وليبراليين وإخوان ليتم رويداً رويداً تهميش " المختلف القومي " التي ما انفكت وعبر مسيرة الحكومات التي تدّعي " الوطنية الجامعة " تتحول لحالة صداع مزمن تعاني منها الحكومات المتعاقبة ، وكان " للتيار التقدمي العربي " بشقيه الناصري والبعثي ، الذّين تشربا من المعين " الاشتراكي الراديكالي " الدور الرئيس في تعريف أن " العربي : هو كل من يعيش على الأرض العربية ويتكلم اللغة العربية " فكانت السلطة الفاعلة في ترسيخ حدود مصطنعة ( كما يدّعي مروجوه ) فكانت لحظة الصدام ما بين السلطة والأقليات التي تقبع تحت سطوتها وسيطرتها ، فلم تكن الأقليات " المختلفة " تملك من الخيارات كثيرها نظراً لتعقيدات المشهد السياسي في نسق العلاقات الدولية ومدى التجاذب بين قطبي السياسة العالمية وتقاسم مناطق النفوذ ، بين المعسكرين " الاشتراكي " و " الرأسمالي " والحرب الباردة بينهما وسياسة استقطاب الشعوب والبلدان ، لكن سقوط القطب الاشتراكي " نسبياً " ودخول الصراع العربي – الاسرائيلي ، مرحلة جديدة للبحث عن حلول للوصول إلى نهاية النفق المظلم " الصراع " عرّت السلطات " الوطنية من ذرائع تدّعيها في تأجيل الهام والضروري للتفرغ للأهم في حياة المواطن ....
فما كان " ظاهراً " في وطنية السلطة لم يكن إلا ذّر الرماد في العيون في الشعارات " البراقة " التي تنادي بها تلك السلطات ، فلا خطط اقتصادية لمشاكل مستفحلة ولا مشاريع سياسية لنمطٍ من " العقد الاجتماعي " بين المكونات المختلفة في تركيبة " البنية المجتمعية الوطنية " ...
تالياً وبتأثير ثورة " عصر المعلومات والتقانة " و " النظام العولمي الجديد " وصلت العلاقة " المأزومة أصلاً " بين المواطن ومسيّري أمور الوطن إلى نقطة اللاعودة فكان " البركان " في لحظة الربيع العربي ، التي برهنت على أن العلاقة لم تكن في بنيتها وجوهرها " وطنية جامعة " بقدر ما هية ( عصبوية ) تتستر تحت لبوس " الدين – القومية " وظهر ذلك جلياً في كيفية تعامل " النظام الرسمي " مع الأحداث التي بدأت في تونس ولم تنتهي بعد ، لكن " الظاهرة السورية " والتعاطي في المحيط الإقليمي والعالمي " سنة- شيعة - معها بينت الشرخ في جميع الجوانب في " المنظومة القيّمية والأخلاقية والسياسية " في أبعادها الإقليمية والدولية وأظهرت العلاقة الهشة التي كانت تربط " المواطن بـ " الوطن " في صورة إنحياز تام من " مناصري الدولة للنظام " وكأن النظام السياسي هي الدولة ، وكأن الحكومة هي الدولة وكأن البرلمان هو الدولة ، وكأن الجيش أداة لحماية "السلطة " من " المواطن " لا الوطن ، مع ملاحظة أن جميع الذي ذُكر هي أدوات للدولة ينبغي أن تخدم مفهوم " الوطن والدولة والمواطن "
والمفارقة التي " أراها " عجيبة غريبة ، من ( تداعيات الثورة السورية ) هو التناغم التام ما بين ( الموالاة والمعارضة ) فيما يخص " الأقليات – المختلف " فهم ربما يختلفون في كل الأمور إلا في هذه النقطة بالذات ، لا بل يمكن القول بأن " النظام الميال للتغذّي على الطائفية " سبّاق على " المعارضة التي سرقت الثورة وتحاول جاهدة أسلمتها في بعدها المذهبي – السني لتخلق لنفسها أعداءاً دونكيشوتيين فتعاديها " ونجحت في ذلك إلى حدٍ بعيد ، فكانت داعش أعلى مراحل الإسلام السني تطرفاً وقسوةً ، حيث تشكلت ألوية وأذرع مسلحة تستنجد بتسميات " تاريخية " وكأن الصراع هو صراع " المسلمين والكفار " ولا زالت المحاولات حثيثة في الإصرار على الصيغة " القومية للدولة المستقبلية " مع أن مبادئ الثورة " المفترضة " تنادي بوطن لجميع السوريين بمختلف الإنتماءات – القومية والدينية والمذهبية ) وتراعي الإختلافات التي تتمايز بها المكونات السورية ....
لكن يبدو أن البنية والتركيبة الاجتماعية " الحاضنة " هي التي غلبت وتصدرت المشهد العام في ضرورة أن يحكم الكبير الصغير وأن " تأمر الأغلبية " لـ " تنفّذ الأقلية " وهكذا في صورة نمطية وتلويك لأفكار عفى عليها الزمن دون مراعاة بأننا نعيش في حضارة " القرن الحادي والعشرون " عصر " الحضارة الديمقراطية والقّم الانسانية ( وهو بحث آخر ) ....
لا بد للجميع من مراجعة فكرية قبل كل شيئ لطبيعة العلاقة التي تربط الانسان بالمكان في صورة " وطن ٍ " يتسع الجميع لا استثناء فيه لأحد في طمر معالم التاريخ المتنوع لمنطقة وجدت في ظل الإختلاف ، ليتيقن الجميع بأن الإختلاف قوة وأن محاولة سطوة اللون الواحد إنما هو ضعفٌ وترهل في نسيج مجتمع يدّعي " العدالة " وهو الأقرب إلى ممارسة الظلم على من يختلف معهم ....
وبات الأمر " إما أن نملك دولة الوحدة في تنوعها ، أو نخسرها في حدودها الجغرافية لتترسخ " جغرافيا جديدة "
فإما أن تكون الدولة للجميع دون إستثناء أو ينبغي إيجاد آلية أخرى في العيش المشترك ضمن دولة تراعي الخصوصيات القومية والدينية في علاقة " الوحدة في ظل التنوع " كأن تتشكل أقاليم تراعي الجغرافيا والتاريخ ، فقد ثبُت فشل الدولة " الوطنية " ( المركزية ) في منطقتنا على أقل تقدير سواءاً في نموذ جيّها ( قومية - دينية ) وبات العالم الحر يملك من السلطة القانونية والأخلاقية ما يمكنه من فرض الحدود والقيود تختلف عن تدخلاتها السابقة ، فالشرّعة الدولية ترسخت أكثر منذ " الحربين العالميتين " وباتت تملك أذرع أخطبوطية قادرة على التدخل في أي بقعة من العالم ولأن الحدود لم تعد مقدسة بقدر قداسة " الانسان " ذاته ....؟ّ!
( وجهة نظر لا تدّعي الصوابية )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا