الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات وشذرات حول الإيديولوجيا السياسية الصهيونية مع محاولة في التحليل الإبستمولوجي للنص القرآني

محمد عبد الشفيع عيسى

2020 / 4 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


أو
مساهمة في تفكيك العناصر العَقْدية والتاريخية للإيديولوجية السياسية الصهيونية

بدلا من المقدمة

يرجع اهتمامنا بالمسائل المتعلقة بالقضية الفلسطينية، و بالنضال العربي ضد الصهيونية، إلى زمن ممتد نسبيا حين شبابنا الباكر، في الستينات ثم السبعينات من القرن المنصرم.
فقد كنت كتبت نص الورقة المقدمة باسم الوفد المصري، وفد "منظمة الشباب الاشتراكي"، إلى "مهرجان الشباب العالمي" بالعاصمة البلغارية "صوفيا"، في أغسطس 1968، عن "المشكلة الفلسطينية". وكتبت بحثا بعنوان "القدرة النووية الإسرائيلية وأثرها في الصراع العربي الصهيوني" ضمن أعمال السنة التمهيدية للماجستير في العلوم السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة القاهرة، والتي انخرطت فيها بوقت متأخر لظرف قاهر معروف، وذلك في عام 1976، ثم تم نشره في مجلة "الشورى" التي كانت تصدر من طرابلس ليبيا و كان يرأس تحريرها جمعه الفزّاني، وذلك في عدد إبريل 1977( ص ص 39-62).
ثم إذا بي خلال الفترة من 1995 إلى عام 2000 أنجز عدة دراسات ومقالات بحثية متتابعة، قُدِّمت إلى مؤتمرات وندوات متخصصة أو إلى مراكز ومعاهد بحثية ذات صلة، أو نشرت في دوريات عربية متنوعة ذات باع وذراع؛ وقد تم تجميعها في كتاب صادر عن "مركز الحضارة العربية" بالقاهرة في يناير 2001 بعنوان "العرب وإسرائيل: ميزان القوى ومستقبل المواجهة".
و قد ظل الاهتمام موصولا بغير انقطاع تقريبا، ليظهر في ثنايا عديد الدراسات و المقالات البحثية المنشورة، أو أعمال مكرسة لذلك، مثل (الشرق أوسطية إذ تعود مجدد: المسارات البديلة للعلاقات الاقتصادية بين العرب وإسرائيل، منشور في "المستقبل العربي"، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، يوليو تموز 2018، ص ص 129-136) – وكذلك (الإيديولوجيا حين تصطنع الهوية وتفارق الحقيقة: الصهيونية كمثال دال، منشور كاملا في "الأخبار" البيروتية، 27 أغسطس آب 2018، ومنشور بتصرف في "الشروق" القاهرية في 13 أغسطس 2018)- وأيضا (أين موقع مصر الآن من الجغرافيا السياسية لمناطق النفوذ الإقليمي، في "الأخبار" البيروتية، 15 نوفمبر تشرين الثاني 2018- ومنشور بتصرف في "الشروق" القاهرية، في 23 نوفمبر 2018).. وغير ذلك.
وها انا وقد نقبت في بعض أوراقي العائدة إلى عشرين سنة ويزيد، أو خمس عشرة سنة، وعشر سنوات، أجد مسودات غير منشورة، بل و غير محررة تحريرا وغير موثقة توثيقا كاملا، فقمت بالقدر اليسير جدا من جهد التحرير، لأعمل على تحويلها-في حيز الإمكان ضمن الظرف الزمني الاستعجالي الراهن وموجبات التعجل الموضوعي القاهر- إلى أوراق قابلة للقراءة. وإني أضعها الآن بين أيدي القرّاء الكرام، راجيا من زملائي و تلامذتي أن يصححوا ما يجدون مما هو مستوجب للتصحيح، أو يضيفوا ويحذفوا ما شاء لهم العلم بالأمر أن ضيفوا او يحذفوا.
وإنّي أترك هذه الأوراق راجيا أن يكون فيها شيء من الفائدة أو بضعة من النفع للباحثين وجمهور القرّاء الكرام، بعد ما تجشّمت من عناء في حفظها ثم التفتيش عنها، وأخيرا تحريرها التحرير الطفيف الذي ترون، لآمل أن اكون قد أصبت حين فكرت في نشرها على العموم.
هذه الأوراق، التي بعضها "قصاصات"، كتبت إحداها في عام 1992، وهذا أبعد تاريخ يعود إليه كتابة هذه المجموعة من الأوراق (المهملة)، وكنت كتبتها متعجلا حين الإقامة أستاذا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في "جامعة الفاتح"، طرابس ليبيا.
ثم وجدتني قد كتبت ضُمّة غزيرة نسبيا، حين عملت خبيرا في "المجلس الأعلى للتخطيط" بدولة الكويت، وذلك عام 2006.
وأخيرا، عثرت على أوراق كتبتها أثناء وجودي في بيروت لدى "مركز دراسات الوحدة العربية"، بمناسبة عملي كأستاذ باحث، ثم مدير لتحرير منشورات المركز، وذلك في عام 2009 ( و2010).
وقد حرصت أن أدوّن على رأس كل ورقة تاريخ كتابتها، توخِّيا للمستطاع من الدقّة، لمن يشاء التوثيق أو الرجوع لأي سبب، بادئا بالنصوص و مثنّيا بملحق ببعض النصوص القرآنية ذات الصلة بالموضوع.
وسوف أكون ممتنّا لمن يقرأ فيستكمل النقص أو يسد الثغرات. وبالله التوفيق.

النصوص
(حسب التسلسل الزمني للكتابة)


في (طرابلس ليبيا)
عن البعد التاريخى – الدينى لأسطورة (أرض إسرائيل)

طبقاً للرواية التوراتية والروايات المتواترة في بعض الإسلاميات وغيرها عموما (مع اختلاف في بعض الجوانب):

00 ابراهيم عَبَرَ من وادى الفرات إلى فلسطين ، ومن نسله أتى أنبياء اليهود ومنهم إسرائيل (الاسم الثانى للنبي يعقوب) ثم ذهب ابراهيم إلى مصر وأقام بها فترة (لعلها زمن الهكسوس) وتزوج منها (هاجر).

00 وبعدها ذهب أبو أنبياء بنى إسرائيل إلى أرض الجزيرة العربية ومع هاجر واسماعيل وبنى الكعبة (بمدينة مكة الحالية) وذلك حينما أن عاد إلى المنطقة بعد سنين للاطمئنان على أهله ورجع مرة أخرى .. وساعده اسماعيل فى البناء) .

00 وقد تربى يُوسف فى مصر ثم تولى وزارتها، و إلى مصر جاء أبوه وإخوته زمن وزارته وتناسل أهلوه كجماعة اجتماعية عاملة – فيما يبدو - فى بناء الأهرامات ومدن الفرعون. جاء من نسله مُوسى الذى تربى فى قصر الفرعون ، ثم ذهب إلى أرض مَدين (سيناء الحالية ووادى الأردن) وأقام فيها لفترة (10 سنوات) وعاد إلى مصر .. وقابل مع أخيه هارون الفرعون ، مطالباً بخروج بنى اسرائيل من مصر خلاصاً من اضطهاد الحاكم. ورفض الفرعون ، فخرج اليهود بليل ، وتعقبهم الفرعون حتى البحر.

00 نجا موسى بأبناء طائفته ، بينما غرق الفرعون وجنوده ، وخلّدت التوراة هذا الحدث فى سفر كامل يسمى "الخروج" .
.. (يرى "فرويد" فى كتابه عن "موسى نبيّ التوحيد" أنه مصري لحماً ودماً، ومن أتباع ديانة إخناتون وأنه فى الأغلب أمير مصرى .

00 جاء أنبياء بنى إسرائيل بعد موسى وأقاموا فى فترة ما مملكة لهم فى فلسطين ، خاصة داود ثم سليمان الذى بعث إلى ملكة سبأ باليمن يطلب طاعتها بالدخول فى دين يهود . وقد هاجم حكام بابل مملكة اليهود غير مرّة، حتى قام (نبوخذ نصّر) بهزيمتهم شر هزيمة وحدث (السبى البابلى) وأعقبه التشريد والنفى فى (الدياسبورا) ..حتى الآن ..!

00 أقام اليهود فى مصر حوالى أربعمائة سنة، ودامت مملكتهم فى فلسطين أكثر من مائتى عام .

00 فلا غرو إذن أن يشمل حلم بنى اسرائيل لاقامة مملكة صهيون على (أرض إسرائيل) ، كافة الأجزاء التى وطأتها الأقدام المقدسة لأنبيائهم ولشعب الله المختار (أو المحتار) (بالحاء وليس الخاء ..!) – وهذه الأجزاء هى : أرض الفرات وبابل (العراق الحالى) والشام وفلسطين ، ووادى الأردن ، والحجاز ومكة ، ومصراييم (مصر) واليمن كذلك ، وربما ليبيا والنوبة (الحدود المختلطة لمملكة الفراعنة). ويشيع هنا القول المنسوب إلى الواية التوراتية (...من الفرات إلى النيل ، دولتك يا إسرائيل.) ..!

من عام 2006 (مدينة الكويت/ السالمية)

25-8-2006

هوامش حول التاريخ اليهودي والصهيوني و (الإسرائيلي):
نحو تأويل تاريخى للنص القرآني


• اليهود – فى الرؤية التاريخية للقرآن – هم أتباع موسى.

• أما ابراهيم وإسحق ويعقوب فليسوا (هوداً) ولكن مسلمون .

• وأن اليهودية هى الموسوية، وكتابها التوراة التى نزلت على موسى .

• أما الرواية التاريخية التى روّجها اليهود نقلاً عن نسخة التوراة بين أيديهم فتقوم على أنهم هم "العبريون"، أبناء ابراهيم الذى عَبَر ..!


وتأكيدا لما سبق نجد في النص القرآني ما يلي:
من سورة البقرة :
" أمْ حسبتم أن ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط هود بل هم مسلمون " ..إلخ
وإذن فإن ابراهيم وسلالته فهم حنفاء أو مسلمون ..!
وبالنسبة للقرآن فإن التوراة هى كتاب مُنزل على موسى، وهى كتاب اليهود بمثل ما أن الإنجيل نزل على عيسى.
و إن التوراة المتداولة، بأسفارها المتعددة، قدمت (تاريخاً) للكون ولليهود ، أو "رؤية تاريخية" مليئة بالأساطير . وقد استحوذت هذه الرؤية على ابراهيم (الذى اعتبرته العبراني الأول) وكذلك على نسله إسحق ويعقوب ويوسف والأسباط، ثم استحوذت على موسى، و استحوذت على سليمان وداود) .. ولكن التأريخ القرآني يجعل اليهودية مرادفة للموسوية. و اليهود من ثم، وفق تفسير معين محتمل للتأريخ القرآني، هم في الأصل، أتباع موسى فى مصر الذين عبروا نهر النيل وعاشوا فى كل من شبه الجزيرة وسيناء، كما عاشوا لفترات قصيرة فى فلسطين .

ويعني ذلك، من بين ما يعني، أننا نحن – العرب المسلمين – تبنّينا الرؤية التاريخية التوراتية وكأنها رؤية حقيقية أو محايدة . وحاولنا التوفيق بين الرؤية التوارتية والرؤية القرآنية فتقبلنا الجزء الأول من الرؤية التوارتية، و عدّلناه بالقول إن ابراهيم أبو كل من العرب واليهود، وأن العرب أولاد ابراهيم من هاجر، واليهود أولاد ابراهيم من سارة .. ونحن وهم أبناء عمومة ..!

أى أن العرب أبناء اسماعيل ، واليهود أبناء إسحق ويعقوب وأن يوسف ابن يعقوب الذى عاش فى مصر، جاءت ذريته (يهودية ..!) (كيف لا ندرى ؟ رغم أن التوراة لم تكن نزلت بعد ..!) وأن موسى من أبناء (الشعب) الذى جاء من صلب يوسف (!!) (كيف أيضا لا ندرى ..).
أما وفق القرآن ، فإن ابراهيم أقام قواعد البيت (الحرام) الكعبة في شبه الجزيرة، هو و ابنه اسماعيل ( ليعتبر من ثم نبيّ العرب بحّق)، وقد أنجب أبناء آخرين –أنبياء -مثلهم فى ذلك مثل إسماعيل، إسحق ومن بعده يعقوب ثم يوسف ..
ويوسف هذا النبى القادم من بدو فلسطين عاش فى مصر وتولى ماليتها ، ليحقق الربط مع ابراهيم (نبي العرب).
وبناء على ما سبق، يمكن لنا تأويل كلمة "عبرو" التى يبدو أنها وردت فى الكتابات الهيروغليفية من تراث مرنبتاح ، خليفة رمسيس الثاني، على أنها تدل على عبور موسى وأتباعه اليهود لنهر النيل . أما الرواية التوراتية – التى تستهدف تأصيل نوع من الوجود التاريخى لليهود فى المنطقة العربية من الفرات إلى النيل ..! – فقد رؤّجت للقول بأن العبريين هم الذين يعودون إلى ابراهيم الذى عبر الفرات ..! أو انهم اتباع موسى؛ و بعد (الخروج) من مصر تشتتوا خلال سيناء فذهب جزء منهم إلى فلسطين وجزء آخر إلى شبه الجزيرة وإلى اليمن وبقى بعضهم فى مصر نفسها، كما ذهب جزء منهم للعيش فى كنف الدولة العربية الإسلامية فى الأندلس. وقد ذهب اليهود من بعد، مع المسلمين، إلى المغرب لينعموا برعاية الدولة الإسلامية المغاربية ...!

من هنا نفهم سر تمسّك اليهود، وفق البناء الأسطوري السابق، بشبه جزيرة سيناء، فهى الأرض المصرية التى ترتبط بها بعض ذكرياتهم كيهود ، بينما لا توجد لهم ذك رريات على نفس النسق فى فلسطين . ورغم كل جهودهم فى فى التنقيب الأركيولوجي بعد 1948 فإنهم لم يجدوا أى أثر يدل على علاقتهم التاريخية بفلسطين ..! وإنما جاء اختيار الحركة الصهيونية لفلسطين ، لمحض اعتبارات سياسية ، باعتبارها أكثر ملاءمة فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، للاستيطان الصهيونى . وكانت الحركة الصهيونية في بداياتها قد طرحت عدة بدائل للملاذ اليهودي منها : العريش ، أوغندا ، الأرجنتين ، فلسطين . ثم استقر قرارهم على فلسطين بالذات لأسباب (براجماتية) بحتة، ثم عملت الصهيونية على محاولة إيجاد الذرائع الإيديولوجية لذلك، استناداً إلى أسطورة (أرض الميعاد)..! وهى أسطورة – أو أحد الأساطير – التوراتية ، التى ليس لها سند تاريخي ، شأنها شأن ما يتعلق بابراهيم والعبور واليهود والأنبياء والرسل .. على نحو ما أشرنا.

نستنتج مما سبق أن الحركة الصهيونية هى فى حقيقتها مجرد حركة استعمارية استيطانية ، تمثل أحد مظاهر الاستعمار الاستيطانى فى العصور الحديثة. ولنتذكر هنا مثلا أن الآباء المؤسسين لكيانهم السياسى إسرائيل ليسوا متدينين أصلاً، وإنما علمانيون ..! فلم تقم حركتهم السياسية على مجرد إيمان برؤية توراتية ، وإنما على رغبة وإرادة قوية لا تلين فى الوصول إلى فلسطين والاستيطان بها واقامة (وطن ملاذ) لهم فيها بالذات ..!

ملاحظة:
الرؤية التاريخية للقرآن تضع وشائج بين الديانات الثلاثة من خلال ابراهيم، و بين أتباعهم حنفاء مسلمين (كما يظهر من سورة البقرة) .
وهى تؤكد العلاقة العضوية، حتى بالمعنى الحيوي ، بين الإبراهيمية "الحقيقية" و المسيحية، من خلال "زكريا" و "يحيى". و فى سورة مريم (ذكْر رحمة ربك زكريا .... فهب لى من ذلك وليّا ... يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله ربّ رضيا . يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميّا. يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبّيا .)
ويذكر القرآن أيضا عن مريم وزكريا: ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً)
يتضح من مطلع سورة مريم أن زكريا من سلالة يعقوب من ابراهيم – وكذلك بالتبعية مريم، فهي (ومن ثم ابنها عيسى المسيح) يمتّان بصلة الرحم القصوى إلى ابراهيم مرة أخرى .
فكأن الإبراهيمية و العرب والمسلمين وآل مريم، يرتبطون ارتباطاً عضوياً بوشيجة النسب وحرمة الدم، و يرتبطون أيضا بوشيجة روحية وثقافية عميقة : فالقرآن يعتبر الإيمان بكل ما أنزل من قبل الاسلام جزء من تمام الديانة المحمدية (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) ثم أنه-طبقا للتراث الإسلامي وكتب السيرة- توجد إشارات، مسيحية بالذات، إلى مجىء النبى محمد الرسول . و اليهودية – يهودية موسى - فهى نبتة مصرية ، ترعرعت بالتضاد مع الفرعون . و لكن التوراة من جانبها لم تتضمن وشيجة تربط بين اليهود ومريم وعيسى ، فقد اعتبر عيسى خارجاً عن ملة اليهودية واستحق القتل لدى فريق من اليهود على الأقل.


12-8-2006
في سورة المائدة : (لعن الله الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم). من ذلك يكون النص القرآني اعتبر "بني إسرائيل" أوسع من "اليهود"، رغم أن الصهيونية وحّدت بين المفهومين فيما يبدو. موسى-وفق القرآن- طالب فرعون بأن يٌخرج معه (بنى إسرائيل) من مصر، فهم إذن موجودون فى مصر قبل ظهور الديانة اليهودية. أى أنهم جماعة بشرية وليسوا أتباع ديانة معينة، وإنما أصبحوا –أو جزء منهم- هم اليهود بواسطة موسى.
ولكن لماذا اختار زعماء الحركة الصهيونية – بعد اختلاف – مسمّى (إسرائيل) لكيانهم السياسى بالذات ؟ رغم أننا لا نعرف من أسمائهم فى أوروبا مثل ذلك، كما أنه اسم متداول بكثرة كثيرة فى القرآن بالذات .
أفيكون اختيارهم للاسم مبعثه زرع فكرة التماهي بين مفهوم بنى إسرائيل (الذين هم أبناء ابراهيم من يعقوب ..) وبين اليهود، علماً بأن العرب يعتبرون أنفسهم أبناء اسماعيل ، فربما يعتبر العرب إذن أن بنى إسرائيل المعاصرين (..!!) أبناء عمومتهم. و إن لفظ بني اسرائيل يجعل من (إسرائيل) معتاداً من الناحية السيكولوجية من جانب المسلمين بالذات .. وقد أراد الزعماء الصهاينة زرع فكرة التماهي بين اليهود وبنى إسرائيل ، فى محاولة لجعل اليهودية السياسية (الصهيونية) مقبولة فى قلب الأرض العربية و العالم الإسلامى ..!
إذا كان القرآن ذكر فى سورة المائدة ( آية رقم 78) أنه (لعن الله الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) فإن هذا يحمل معنى أن داود (و اليهود أو "يهودا") لا ينتمي إلى "إسرائيل"، وقد ثنّى القرآن على داود ب "عيسى ابن مريم".
إذن، من التحليل المعرفي -الإبستمولوجي (على حد تعبير محمد أركون)- للنص القرآني، يمكن القول إن "بنى إسرائيل" مفهوم ينصب على الجماعة البشرية (العرق- تجاوزاً) أما اليهود فهو مفهوم (دينى) أى ينصرف إلى أبناء أو أتْباع دين معين .
وقد أرادت الحركة الصهيونية أن توحّد بين اليهود و اليهودية من جهة ، وبين إسرائيل وبنى إسرائيل من جهة أخرى، أى أن تجعل من الدين قومية ، أو أساساً لقومية (عنصرية – عرقية) .. وهذا هو جوهر الصهيونية أو اليهودية السياسية : اعتبار أتباع الدين اليهودى جماعة بشرية قومية تسعى إلى التحرر السياسى وتقرير المصير القومى بالسعى إلى الاستيطان فى وطن قومى لليهود ، وتم التوافق صهيونياً فى النهاية على أن يكون هذا الوطن هو فلسطين ..!.

29-8-2006
استكمال
مما يؤكد فكرتنا عن أن القرآن لم يماهِ أو يوحد بين مفهوميْ الإسرائيلى و اليهودي، أن القرآن (فى سورة المائدة وغيرها) يذكر ويكرّر أن الله أنزل أنبياء كثيرين على بنى إسرائيل ، وأنهم لم يصدقوهم ، ويتكلم القرآن كثيراً عن أفاعيل بنى إسرائيل مع أنبيائهم ، ولكن القرآن لم يذكر أن هؤلاء الأنبياء جاءوا بديانة معينة ، فضلاً عن أن تكون هذه الديانة هى اليهودية بالذات، وبذلك يظهر أن بنى إسرائيل، فى مفهوم النص القرآني، هم جماعة بشرية معينة وليسوا أتباع دين بعينه.
و لقد جاءت وقائع التاريخ لتُظهر المسعى الصهيوني للدمج والتماهى بين المفهومين، البشرى (أو العرقى – "القومى") والدينى . فنتيجة لتزايد الوزن النسبى للعنصر السكانى العربى داخل حدود فلسطين 1948 ولرغبة الحركة الصهيونية فى استبعاد هذا اعلنصر من المعادلة السياسية للكيان الصهيونى ، أخذت الحركة الصهيونية منذ أعوام تدعو صراحة إلى ضرورة الحفاظ على مفهوم (الدولة اليهودية). و سبق أن ذكر الرئيسى الأمريكى الأسبق جورج بوش الإبن، مثلا، هذا التعبير أكثر من مرة فى سياق دعوته إلى (حل الدولتين) أى دولة فلسطينية ودولة يهودية أو إسرائيلية . فبذلك يُستدعى مفهوم التماهى بين الكيان الصهيونى والمفهوم الدينى لليهودية . والمقصود الصهيونى من ذلك إعادة تأسيس الكيان السياسى الصهيونى على الدمج العضوى بين "الإسرائيلى" – البشرى ، واليهودى –ديناً، بعد أن هدد التكاثر السكانى العربى داخل الكيان الصهيونى الطابع اليهودى لإسرائيل .
لذلك تعترض الحركة الصهيونية فى أقسامها الغالبة ، وخاصة ما يعرف باليمين الصهيونى. على (الدولة ثنائية القومية) أى الدولة القائمة على قوميتين عربية( حقيقية) و (إسرائيلية -موهومة).
ومن جهة أخرى تسعى الصهيونية إلى اختيار أخفّ الضررين تجاه فلسطينيي الداخل ممن قد يطلق عليهم (عرب 1948) وذلك بتطبيق مفهوم (الأسرلة) أى دمج العرب كأفراد فى الدولة (الإسرائيلية) دون الاعتراف بهم كجماعة قومية داخل نفس الدولة . (علماً بأن بعض أجنحة الحركة الصهيونية يفكر فى نقلهم إلى الضفة الغربية وغزة-ب "الترانسفير" فى وقت ما، و لو مقابل تفكيك بعض المستوطنات فى الضفة الغربية. أما بالنسبة لفسطينيي الضفة وغزة ، فالحل المطروح من أقسام واسعة في الحركة الصهيونية هو القبول بكيان فلسطينى لا يتمتع بصفة السيادة الكاملة كدولة وفق مفهوم حق تقرير المصير القومى . .إنه كيان ناقص السيادة ؛ ليس هذا فقط بل خاضع للكيان الصهيونى وتابع له عسكرياً بالذات ، وأمنيأً : على الأقل ... و اقتصادياً وسياسياً بالطبع.
و كما سبق أن اشرنا، فإن بعض أجنحة اليمين الصهيونى تطرح حلاّ أسوأ، هو الترحيل أو التهجير (الترانسفير) وفق مفهوم "الخيار الأردنى"، أما فلسطينيو الشتات فإن الحل المطروح من قبل الحركة الصهيونية بالنسبة إليهم يقوم على جانبين:
أ‌- نفى ومقاومة (حق العودة للفلسطنين) وهو ما ثبتّه للأسف بعض الفلسطينيين في لحظة ما فيما سمى (وثيقة جنيف) عام 2007 بالاتفاق مع بعض الإسرائيليين.
ب– التوطين حيث هم، سواء فى الدول العربية الرئيسية المستقبِلة للاجئين وخاصة: الأردن و لبنان وسوريا، أم في الدول الأجنبية .

أيضا: 29-8-2006

زيف الإدعاء الصهيونى، أبسط الحجج :
يقوم الادعاء الصهيونى الأساسي على أن اليهود – أبناء أو أتباع الديانة اليهودية – يشكلون جماعة بشرية متميزة قومياً، رغم توزعهم على مختلف مناطق العالم الجغرافية وانبثاثهم فى كافة التكوينات الاجتماعية والقومية فى العالم .

ويمكن الرد على هذا الادّعاء بوسائل متعددة ، و لكن من أبسط الحجج ما يلى :
1- إن اليهود المنتشرين فى دول العالم المختلفة ليسوا ورثة مباشرين لليهود الذين يفترض أنهم خرجوا فيما سمى بالشتات أو (الدياسبورا) . فقد مرّت على ذلك – حتى بافتراض التسليم بالواقعة التاريخية للخروج والشتات اليهودية –آلاف السنين ، تبدلت فيها أحوال اليهود أنفسهم من خلال العيش المشترك في أكناف أمم وشعوب العالم المختلفة.
2- من جهة أخرى، اعتنق كثير ممن يعتبرون يهوداً الآن، الديانة اليهودية، مع عدم وجود رابطة بشرية –سلالية أو "شبه قومية" من أي نوع و بأية درجة– مع اليهود فى الأجزاء الأخرى من العالم، وعدم وجود أية "شبهة" لدليل حول النسب المباشر مع اليهود الذين خرجوا من فلسطين منذ آلاف السنين حسب ادعاء نظرية (الشتات). وأوضح الأمثلة على ذلك يهود أوروبا الشرقية حول البحر الأسود، أو بحر الخزر قديماً، و الذين تم اعتناقهم للديانة اليهودية في الماضي على إثر تحول (ملك الخزر) إلى اليهودية.
في ضوء ذلك يمكن أن يتضح أن الاشتراك فى الديانة بالنسبة لليهود لا يمثل أساساً تاريخياً للتكوين الاجتماعى لأية قومية يهودية مزعومة.

و لكن إذا كان المضمون الأساسى للدعوى الإيديولوجية الصهيونية زائفاً false فما تفسير ظهورها ؟
يرجع ذلك إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والسيكولوجية للأقليات اليهودية فى القارة الأوروبية، فى إطار الظروف العامة للمجتمعات الأوروبية سواء فى مرحلة التحول من الإقطاع إلى الرأسمالية، خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، أو فى مرحلة التحول من الرأسمالية إلى الامبريالية في القرن التاسع عشر، خاصة أواخره وأوائل القرن العشرين. وقد حدث ذلك في إطار تفاقم ظاهرة "الجيتو" اليهودى المنعزل، و اضطهاد اليهود فى أوروبا الشرقية والغربية، و ظهور النزعة المسماه "معاداة السامية". وبدون الدخول في تفصيلات كثيرة ، فإن الظروف التى عاشتها الأقليات اليهودية فى أوروبا الشرقية والغربية قد وضعتها أمام خيار ذى حدين متناقضين : إما الإندماج فى المجتمعات القومية الأوروبية، وإما الانفصال و (الخروج) لبناء كيان سياسى خارج أوروبا. و بفعل الإطار العنصرى و الاستعمارى الذى تفاقم فى مرحلة الأمبريالية، تنامت قوة الفكرة السياسية -فى أوساط اليهود- القائمة على رفض الإندماج القومى الأوروبى والذهاب نحو الخارج بدعوى تشكيل وطن قومى خاص لليهود. ذلك هو فحوى الإيديولوجيا الصهيونية التى برزت كتلوين خاص من تلوينات الإيديولوجيا الرأسمالية الاستعمارية العنصرية .

29-8-2006 أيضا
ملاحظـــــــــــــــــــــــــــة مستوحاة مما سبق
قامت الحركة الصهيونية بــــ "اختطاف" المصطلح الإسلامى – القرآنى (إسرائيل) و (بنى إسرائيل) فى محاولة مفضوحة (غير مفضوحة حتى الآن بالأحرى) لإخفاء شرعية مدّعاة على المشروع الصهيونى بإقامة كيان سياسى يهودى فى قلب المنطقة العربية الإسلامية.
فى تفسير آخر يمكن اعتبار ما قامت به الحركة الصهيونية نوعاً من التعبير عن التوجه العدائى المبكر، شديد العدائية بالأحرى، تجاه العالم العربي – الإسلامي، باستخدام نوع من "العنف الرمزى – اللفظي" إزاء هذا العالم، باستخدام مصطلح عربى-إسلامى ، وتوجيهه ضد مستخدميه الأصليين بما يشبه فعلاً من أفعال الاغتصاب القسرى لتملك (رأس المال الرمزى) للعالم العربى – الإسلامى .
أو أنه نوع من أعمال "الإغاظة" تجسيداً لإحدى الصور المتطرفة "للعدوان الفكرى" المصاحب للعدوان العينى أو الجسدى الموجه ضد (الوجود البشرى) للشعب العربى الفلسطينى على أرضه التاريخية ووطنه (القومى) العتيد .


30-8-2006
لعل الحركة الصهيونية عام 1948 قدرت أنه يتم استدعاء الصور الذهنية التالية –دلالات و مدلولات – كرد فعل على اسم إسرائيل ، و (بنى إسرائيل) لدى العرب و المسلمين، وربما المسيحيين الشرقيين أيضا:
1) القداسة : فإسرائيل هو نبيّ الله يعقوب .
2) المودّة : فيعقوب هو والد يوسف النبى (المحبوب) لدى العرب وخاصة المصريين منهم، لدوره، حسب المأثور الديني عموم او القصص القرآنى خصوصا، فى مواجهة سنوات الجفاف السبع، ولموقفه النبيل إزاء مسلك زوجة مسئول "المالية" (العزيز) – زليخا، حسب المسمّى التوراتي .
3) الخوف والخشية : بنو إسرائيل خرجوا من مصر رغم إرادة الفرعون الذى أُغرق، بينما انتصر موسى بفعل قوته وانحياز الرب إلى جانبه .
4) الالتزام : فإن الحديث عن (وعد) أعطاه الله لبنى اسرائيل، مما قد يوحي لدى البعض بفكرة عودة بنى إسرائيل إلى فلسطين ..!
5) التبجيل : ففى القرآن حديث عن بنى إسرائيل موجه إليهم في سياقات بعينها وليس على وجه التعميم (وأن الله فضلكم على العالمين) ، وربما يعتبر البعض أن في مثل ذلك إيماء رمزياً إلى فكرة (شعب الله المختار) .
6) الجفاء : ففى القرآن أن نبى إسرائيل عصوا أنبياءهم بل وقتلوا بعضهم مما يولد شعوراً لدى المسلمين بغلظة بنى إسرائيل وقساوة قلوبهم. و هذا يكون مطلوبا من وجهة نظر الحركة الصهيونية فى إطار بناء علاقة التعامل النفسى مع العرب والمسلمين .

من عام 2009 ( بيروت)

12-9-2009

فى الرد على " الحق التاريخى – الدينى لليهود فى فلسطين"

أولا : لم يكن اليهود – تاريخياً – يسيطرون على فلسطين: لا لمدة زمنية طويلة ولا على فلسطين الحالية كلها، بما يسمح بترتيب الحق التاريخى الذى تدعى به الصهيونية . فقد وجد بها كنعانيون قبل ظهور العبرانيين أو بنى إسرائيل مع إبراهيم القادم من العراق .

ثانيا: لا صلة مباشرة أو ضرورية بين العبرانيين وبنى إسرائيل ، من جهة ، واليهود من جهة أخرى .
فاليهود( كما يظهر من أوراقنا فيما سبق) هم الذين اعتنقوا ديانة موسى ، أما بنو إسرائيل أو العبرانيون فهم قوم (سامىّ) – "أفرو آسيوي" بتعبير أصح – يمثلهم آباء روحيون معروفون، أولهم و أكثرهم شهرة إبراهيم ، وأبناؤه يعقوب واسحق، و يوسف بن يعقوب. كل هؤلاء من جهة أولى (حسب الرواية التوراتية المتداولة). ومن جهة ثانية : ابراهيم و ابن اسماعيل (حسب الرواية التاريخية الحنيفية والإسلامية والعربية). فكأن ابراهيم أبو العبرانيين والعبرانية ، تفرع منه نسلان: نسل عربى يمثله اسماعيل وأبناؤه ، ونسل إسرائيلي يرجع إلى يعقوب وأبنائه، الذين وفدوا على الكنعانيين فى منطقة الشام .
ثالثا: بافتراض أن اليهود بالمعنى المحدد، أى كجماعة دينية موسوية (ليست هى الجماعة البشرية المسماة بنى اسرائيل) كان لهم وجود سياسى فى منطقة أو أكثر من فلسطين التاريخية، ولفترات معينة تطول أو تقصر ، فليس هناك صلة عضوية أو "عنصرية" -إذا صح هذا التعبير،"بشرية" بمعنى أدق، بين اليهود القدامى وأؤلئك اليهود الحاليين. فبعد قيام نبوخذ نصّر البابلى بهدم اليهكل و أسر اليهود، وخروجهم خارج فلسطين، اختلط اليهود بالشعوب الأخرى (وإن كان على نطاق محدد بفعل "عقلية الجيتو") ، كما اعتنق العديد من الجماعات الديانة اليهودية مثل القبيلة المسماة بالزرقاء أو الذهبية حول "بحر الخزر"؛ وإلى هذه القبيلة ينتمي يهود أوروبا الشرقية وروسيا. فليسوا قادمين أو خارجين من فلسطين .

رابعا: من السهل الردّ على ما يُزعم من ورود حق لليهود فى فلسطين فى التوراة أو بعض الكتب اليهودية، إذْ تم تحريف التوراة والكتب اليهودية، بالتغيير في كثير أو قليل. وحتى لو افترضنا صحتها، فإن هذا يرتب حقّا روحياً لأداء الطقوس، وليس حقّاً سياسياً بإقامة سلطة سياسية.

خامسا: بافتراض الاعتراف بشرعية حق سياسى لليهود فى فلسطين – رغم بطلان مثل هذه الشرعية أصلاً بسبب ما ذكرنا فى النقاط السابقة- فإن هذا لا يمكن أن يترتب عليه تبرير ما وقع من عدوان الحركة الصهيونية إزاء الشعب الفلسطينى الذى عاش على أرضه لآلاف متواصلة من السنين.

سادسا: القانون الدولى لا يجيز، وفق قواعد توارث الدول، إقامة دولة عن طريق المجىء "بشعب" من الخارج –ليس هو الشعب فى الحقيقة ولكن أفراد ومجموعات متناثرة من شتّى بقاع الأرض – واستئصال الشعب المقيم لكى يتم "زرع" الشعب المفروض من الخارج. بل ولا يجيز القانون الدولى أن تستأثر جماعة من الناس بأرض تركوها منذ آلاف السنين، على حساب الشعب المقيم.

أيضا في 12-9-2009
وفى جميع الأحوال، إن (الحق التاريخى – الدينى لليهود فى فلسطين) هو اتجاه سياسى معين، يسمى بالإتجاه الصهيونى . تلك هى النظرية الصهيونية التى لم تنشأ بين اليهود إلا فى آخر القرن التاسع عشر مع المؤتمر اليهودى الأول الذى عقده هرتزل عام 1897 وإن كانت له مقدماته . هذه النظرية تقوم على رفض اندماج اليهود فى مجتمعاتها ، وتجميع اليهود من مختلف الأمم، والذهاب بهم إلى أرض أخرى، اقترح بعضهم أن تكون فلسطين أو سيناء، أو العريش تحديداً، وربما أوغندا أو الأرجنتين..!
وإذن فإن مقولة الحق اليهودى مقولة الحركة الصهيونية، وهى غير متفق عليها بين جميع اليهود.


أيضا 12-9-2009

إن التفارق بين (بنى إسرائيل) و (اليهود) يبدو من حدثين رمزيين كبيرين: فبنو إسرائيل أتوا من العراق وهناك نشأوا ، وجاءوا إلى منطقة الشام الحالية . أما اليهود فجاءوا من مصر ، بإتجاه سيناء ومنها إلى هوامش (فلسطين – الأردن) الحالية. بنو إسرائيل نشأوا، أو جاءوا، مع إبراهيم ونسله حتى يوسف . أما اليهود فنشأوا مع موسى؛ وقصارى ما ذهبوا إليه زمن موسى هو الاقتراب من حدود فلسطين الحالية عند أرض مدين، ولم يدخلها يهود موسى لأن فى فلسطين (قوماً جبارين) كما أشار القرآن . ويبدو أنهم بعد موسى ، بدأوا بنوع من التوافد إلى فلسطين، ثم أخيرا خلقوا لأنفسهم تاريخاً خاصاً، أو قاموا باختلاق تاريخ، يعود بهم إلى نسل إبراهيم من بنى إسرائيل. وكان هذا الاختلاق هو الدعامة "الإيديولوجية" للمشروع السياسى (اليهودى) فى فلسطين، وهو مشروع عرفنا من التاريخ أنه متقطع ومؤقت، ومبعثر جغرافياً، وغير مستمر.
ولكن الحقيقة التاريخية تبقى ماثلة بأنه لا رابط مباشرا وثيقا بين موسى (المصري وطنا فعليا) و من معه، من جهة أولى، وبين بنى إسرائيل وأسلافهم، من جهة ثانية. أو أنه، على أقل تقدير، لم يتم إقامة الدليل التاريخي أو الأركيولوجي للعلاقة بين الطرفين حتى الآن.
وتجىء المفارقة التاريخية المذهلة من أن مملكة اليهود الفلسطينية المؤقتة، ذات الجذور الموسوية – المصرية (المصرية سواء بالفعل أوردّ الفعل)، جاءت نهايتها القاصمة على يد البابلى (العراقى) نبوخذ نصّر .
من أرض آباء إسرائيل الأصلية (العراق) جاءت نهاية مملكة اليهود ذات الجذور (السيناوية – المصرية) ..!.
وكما اختلق اليهود القدامى تاريخاً لهم يربطهم قسراً بإسرائيل وأبيه إبراهيم وابنه (يوسف)، لمجرد إشباع مشروع سياسى، مما ينمّ عن كون الاختلاق المذكور مجرد (إيديولوجيا – يوتوبيّة) حسب تعريف كارل مانهايم؛ فكذلك جاء المشروع السياسى المعاصر لليهودية، المشروع الصهيونى ، ليقوم على اختلاق تاريخ وهمى يربط يهود الحاضر (المشتتين) بيهود قضوا منذ آلاف السنين، ثم ربط هؤلاء وأولئك ، ببنى إسرائيل الذين لا صلة ثابتة لهم بهم تاريخياً. ومن هنا جاءت التسمية الماكرة الخادعة للمشروع السياسى الصهيوني، مشروع بناء كيان سياسي، باسم (إسرائيل) أو ("دولة" إسرائيل") ..!

فكان التاريخ يعيد نفسه. وسوف يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى، من خلال نهاية المشروع السياسى الصهيونى، الذى استمد نَفَساً للحياة من الصلح مع مصر (هل يعيد التاريخ نفسه هنا ايضا حيث كان اليهود الموسويون قادمين من مصر "بالخروج" ؟) و إن هذا المشروع الصهيونى يمكن أن ينتهى نهاية قاصمة من إتجاه العراق ، أو ربما (العراق – إيران) ، وربما ترتد مصر على نفس المشروع ، لتكون نهاية المشروع اليهودى – السياسى ، أى المشروع الصهيونى ، على يد تحالف (عراقى – مصرى) بالذات ...
ومن يدرى ..!


13-9-2009
(بعد الاستيقاظ من النوم في الصباح مباشرة ، وقد أخذت الكلمات الأولى فى هذه الصفحة من "الحلم" الذي
كنت أحلم به ساعتها)

فلسطين لا ناقة لها ولا جمل فى المشروع السياسى الصهيونى ، وإنما المشروع الصهيونى مربوط بطرفىْ الحبل المشدود بين مصر والعراق ، إذا نظرنا حقاً إلى التأسيس الإيديولوجى للصهيونية بمقتضى "نظرية" الحق التاريخى – السياسى لليهود . فالثأر الحقيقى الذى ينطلق منه توهم الحق المزعوم، أو "الاستحقاق"، هو الثأر ضد واقعتىْ "الخروج" و "الأسر": "الخروج" من مصر، و الأسر البابلى و لم يكن لفلسطين نصيب من هذا وذاك، بالمعنى الضيّق على كل حال .
لذلك يتعين القول إن اختيار فلسطين من جانب الحركة الصهيونية فى نهاية الأمر لم يكن نابعاً من الفكرة العقائدية الصهيونية فى حد ذاتها ، كفكرة عقائدية على أسس تاريخية –دينية، وإنما كان نابعاً من اعتبارات بناء الحركة الصهيونية كمشروع سياسي، مشروع بناء (دولة) لليهود وكفى . بهذا المعنى تعود فلسطين بالنسبة لليهود كمجرد "نقطة ارتكاز" للسيطرة السياسية على منطقة أوسع .
من هنا نفهم سر "حق العودة" الذى صكّه "بن جوريون" عام 1951 من خلال الكنيست، والقاضى بحق جميع يهود العالم فى (العودة) المزعومة إلى فلسطين . ففلسطين ضمن حدود مشروع التقسيم لعام 1947 أو في حدود (إسرائيل) يوم إعلانها (دولة) فى 15 مايو 1948 ، أو حتى فى الحدود "الموسعة" بعد حرب الخامس من يونيو-حزيران1967 ، وخاصة بعد الانسحاب من سيناء عام 1979- لا تكفى لاستيعاب يهود العالم .
إن "فلسطين التاريخية" نفسها ليست أكثر من "خيار المضطرّ"، أو بالتعبير الاقتصادي في مجال "تقييم المشروعات"، هو "ثاني أفضل بديل" Second-best alternative. اما الخيار أو البديل الأفضل فهو السيطرة على امتداد "منطقة الثأر التاريخي-الديني"، من العراق إلى مصر، فهي وحدها التي تجمع بين التطابق مع الوهم التاريخي-الديني وبين مقتضيات المصلحة المتمثلة في إعاشة أكثر من اثنى عشر مليونا من اليهود في العالم، قابلين للزيادة عبر الزمن.
هذا التحليل يلقي الضوء على ثلاثة نقاط:
أولا سرّ التمسك بالقدس الموحدة (..!) عاصمة ل (الشعب اليهودي..!)- فالقدس، من الناحية الجغرافية والسياسية والعسكرية، ليست عاصمة مُثلَى لإسرائيل، في حدود 1948 الموسعة بشيء من حدود 1967؛ ففيها قسم شرقيّ يستوعب (قنبلة ديموجرافية موقوتة)، ممثلة فى الفلسطينين. ومن هنا يجىء الإصرار على تفريغ القدس الشرقية من أهلها الفلسطينيين بشتّى السبل، ثم أنها مكشوفة الظهر تماماً من ناحية "الضفة الغربية" بما يجعلها غير قابلة للدفاع من الناحية العسكرية، ومن هنا يجىء إحاطة القدس بسياج يهودى خالص من توسيع الاستيطان فى ضواحى القدس، "وتوسيع المدينة" نفسها بحكم القانون، وعزل الوجود الفلسطينى، إن بقيَ منه شىء .
إن القدس بهذا المعنى هى "ثانى أفضل بديل" كعاصمة لإسرائيل، و لكنّها الخيار الأمثل optimal option إذا كانت عاصمة "لمنطقة المصلحة والثأر" – بين الفرات والنيل.
هنا تصبح القدس "واسطة العقْد" حقاً. فهى تقع فى المنطقة المتوسطة بين حدّ نهر الفرات حال الدخول من تركيا إلى سوريا، وحدّ نهر النيل – فرع دمياط في مصر.. و من يدري؟ لعلّ أحد خبراء الخرائط يدلّنا على أن القدس تقع فى منتصف المسافة بين الفرات السورى وفرع دمياط ..!.
ويمكن، من ثم، الأخذ فى الاعتبار أن سوريا كلها والأردن وجزء من السعودية الحالية وجزء من العراق محاذٍ للفرات، بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء وما يليها حتى فرع دمياط الذى يُعتقد أن اليهود "خرجوا" من خلاله مع موسى، و على إثرهم الفرعون (رمسيس الثانى ربما) إن تلك هى "المنطقة المثلى" للمشروع السياسى الصهيوني، هى منطقة "الخيار الأمثل" وليس "ثانى أفضل بديل" .
ومن هنا أيضا نفهم سرً الإصرار اليهودى – الصهيونى على السيطرة على مرتفعات الجولان السورية، فهي، من جهة أولى، تمثل "منطقة استحكامات خلفية" للدفاع عن القدس مكشوفة الظهر. أما فى حال السيطرة اليهودية على المنطقة المذكورة، من الجهة الثانية، فإن الجولان تبقى فى يد "إسرائيل النواة" كذراع دفاعية متينة .
ونفهم أيضا سر الانسحاب اليهودى من شبه جزيرة سيناء، فهى منطقة صحراوية عارية، يصعب، إن لم يكن مستحيلاً، الدفاع عنها إن تم احتلالها، إلا إذا كان ذلك بواسطة "الردع النووي" ، ولذلك تمت إقامة "مفاعل ديمونة" ومرافق التسلح النووى فى صحراء النقب، بالقرب من سيناء بالذات، لمراقبتها والسيطرة عليها من بعد، فى المشروع الصهيونى المستقبلى المزعوم .
بالإضافة إلى هضبة الجولان، ومرافق النقب، هناك حد نهر الأردن كجسر دفاعى إسرائيلى ، مما يستدعى سيطرة اسرائيلية على غوّرالأردن فى أية تسوية محتملة للأراضى، فيما يزعمون.
هذه هي النقاط الدفاعية الثلاثة إذن: التمسك بالسيطرة على هضبة الجولان عسكرياِ، وفي تصورهم أنه حتى لو تم الانسحاب منها فستتم إقامة ترتيبات من جانب واحد – هو الجانب السورى – لعدم تحولها إلى حزام دفاعى فعال أو حزام هجومي سوري محتمل .. مثلما حدث مع سيناء حيث تم نزع سلاحها من جانب واحد هو الجانب المصري، لضمان عدم تحولها إلى منطقة دفاع فعال أو منطقة هجوم مصرى محتمل .
ويمثل كل من النهر والغور خطاً دفاعياً قوياً، مثله مثل خط البحر، الذى تحميه قوة بحرية اسرائيلية، تشمل غواصات نووية "ألمانية الصنع"، وإن قام"حزب الله" فى حرب صيف 2006 بهزّ (أسطورة) البحرية الإسرائيلية .
ثانياً لما كان من الصعب على إسرائيل تطبيق "التجربة" أو (البروفة) الفلسطينية على منطقة "التوسع" أو "الامتداد الصهيونى الطبيعى" من حد الفرات إلى فرع دمياط ؛ أْيْ لمّا كان من الصعب هنا تطبيق أسلوب التهجير القسرى والمذابح البشرية بهدف تحقيق ما يسمى باللغة الرائجة هذه الأيام "التطهير العرقي"، حتى فى ظل وجود استحكامات الجولان ومرافق النقب النووية وغور الأردن- فإن المرغوب والممكن يجتمعان مع فرض نوع من "السيطرة الإمبريالية" ، من خلال توقيع لون من "الوصاية السياسية" و "تقسيم العمل الاقتصادى" ، انطلاقاً من تفوق عسكرى حاسم .
وتتمثل مقدمات الوصاية السياسية بالفعل فى محاولات التدخل الإسرائيلي فى شئون السياسة العربية ككل، وخاصة فى شئون "منطقة الخطر – الهشة" أى لبنان، حيث يجتمع الخطر الجدّيّ على إسرائيل (بوجود حزب الله المسلح) والهشاشة الجغرافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية
أما تقسيم العمل الاقتصادي فهو لبّ مشروع "الشرق الوسط الكبير" لشيمون بيريز: حيث تكون إسرائيل مركز العلم والتكنولوجيا المتقدمة، ويقدم العرب البشر والمال .
و أما التفوق العسكرى الإسرائيلي الحاسم فقد كان ينازعه تاريخياً كل من مصر والعراق. ولكن تم العمل على التفوق إسرائيليا في مواجهة مصر بعد حرب أكتوبر 1973، عن طريق عدم تكافؤ التسليح من جهة أولى، وفرض قيود على حرية العمل العسكرى المصري المحتمل في سيناء بمقتضى معاهدة الصلح، من جهة ثانية.
وأما العراق فقد تمت تصفيته عسكريا واحتلاله مباشرة، ثم إدارته بواسطة حكومة عميلة عقب الغزو، و إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً .
ولكن، مع انتهاء الخطر العسكري المصري و العراقي، عند نقطة زمنية معينة، قضت مفارقات الجدل التاريخي بظهور القوة العسكرية الإيرانية، مع شبح نووى مخيف لإسرائيل. ومن هنا نفهم سر التوجس بله الرعب الإسرائيلي من (الخطر الإيراني) ومن امتداداته العسكرية في الحزام الفلسطيني، من حماس إلى حزب الله، وامتداداته السياسية من خلال التحالف الإيراني – السوري. فذلك إذن مكمن الخطر الوحيد الباقي ، و الذي يجب تصفيته بأيّ ثمن ، وذلك عن طريق :
- ضربة إجهاضية للقوة العسكرية والمرافق النووية الإيرانية .
- ضربة ساحقة لحزب الله، إن لم يكن بحرب إسرائيلية فبأيدي بعض اللبنانيين أنفسهم سياسياً.
- محاولة القضاء على "حماس"، إن لم يكن بحرب غزة 2009، فبأيدى بعض الفلسطينين وبعض العرب.

ثالثا – موقع المشروع السياسى الصهيونى فى المخطط الغربى للسيطرة على المنطقة العربية – الإسلامية المركزية المسماة الشرق الأوسط.
ليس المشروع الصهيونى متطابقاً تماماً مع المشروع الغربي – الأمريكي للسيطرة على المنطقة العربية، و المنطقة العربية –الإسلامية المركزية، ولكن هناك نقاط تطابق (مثل الموقف المتطابق من القضاء على التحدى العراقى السابق) ، ونقاط تلامس (مثل الموقف من مواجهة التحدى الإيرانى الراهن) .
بيْد أنّ المشروعين متمايزان نسبياً. ذلك أن السيطرة الإسرائيلية على المنطقة القائمة بين الفرات السورى وفرع دمياط مسألة حياة أو موت للمشروع الصهيونى كمنطقة نفوذ بالمعنى الواسع أى influence zone على غرار التصور الهتلري للعلاقة الألمانية مع منطقة أوراسيا قبيل وأثناء الحرب العالمية الثانية، وكان يقال مثلا على لسان هتلر من هذا المنطلق: (التصدير أو الموت) .... أما بالنسبة للغرب فهناك سلة خيارات يمكن التعامل بواسطتها مع المنطقة المذكورة؛ وأحد هذه الخيارات استخدام إسرائيل نفسها "كمخلب قط" و "فزاعة" . وبمقتضى هذا الدور المزدوج (مخلب القط والفزاعة) تلعب إسرائيل دورها الكبير المنتظر دائما فى الاستراتيجية الغربية، وهو الحيلولة دون السير على طريق المشروع القومى للوحدة العربية، عن طريق أداء دور الحاجز أو الفاصل البشرى المانع للالتحام مثلا بين المشرق و الشمال العربى لإفريقيا (مصر والسودان والمغرب الكبير) .


18-9-2009
شذرات حولل التاريخ اليهودى فى المنطقة


إذا اعتبرنا القص القرآنى مصدراً من مصادر "التأريخ" ولو كمؤشر تقريبى، وليس بالضرورة كاستعادة "فوتوغرافية" للوقائع، فإن من الممكن القول إن اليهود لم يكن لهم وجود تاريخى طويل الأمد فى فلسطين .
فى القرآن يظهر اليهود فى شبه الجزيرة العربية، من حول يثرب، وربما فى اليمن بعد إخضاع الملك سليمان ل "امرأة" سبأ.
في القرآن ايضا، يظهر اليهود فى مصر، من خلال أتباع موسى ، الذين يغلب أن يكونوا من سلالة يوسف ، سليل النبيّ إبراهيم (من خلال اسحق ثم يعقوب) الذي هو أيضا أبو السلالة العربية من خلال إسماعيل .
فكأن إبراهيم فى القرآن "أب مشترك" لكل من العرب والعبريين، الذين عاشوا معاً فى شبه الجزيرة العربية، ولكن مع غالبية فيها للعرب وأقلية للعبريين انحصرت فى وجود قبلى محدود (قبيلة خيبر وبنو القينقاع و بنو النضير) .
وربما يكون الحق مع كمال صليبى و متابعيه – مثل زياد منّي- ومع فاضل الربيعي، فى القول إن اليهود إنما عاشوا فى شبه الجزيرة العربية، في اليمن بالذات، وليس فى فلسطين . و استدلالا غير مباشر من القرآن، قد يكون إسحق ويعقوب من سكان شبه الجزيرة عند تخومها مع الأردن الحالية وشبه جزيرة سيناء؛ إذ يشير القرآن إلى أن إخوة يوسف وأبوهم جاءوا من (البدو)، ولكنه لم يذكر موضعهم. بيد أن التوراة تشير إلى قدومهم من حيث تقع فلسطين الحالية ، وأن موسى خرج باليهود من مصر إلى سيناء ودعا اليهود إلى دخول فلسطين فخافوا وقالوا له (إن بها قوماً جبارين)، وقالوا (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا قاعدون) .
وفى جميع الأحوال فإن إسحق ويعقوب لم يقيما مُلْكاً سياسياً ، وإنما كانا نبيين فقط ، وكذلك كان إسماعيل، بل وإبراهيم أيضا . ولكن ما هو ثابت فى القرآن أن المُلْك السياسي قد أقامه داود وسليمان. ويتفق هذا مع القول بأن الوجود السياسى لليهود فى فلسطين اقتصر على (مملكة داود) والتى استمرت فى عهد ولده سليمان ، وبذلك تكون فترة داود-سليمان هى فترة الوجود السياسى اليهودي الحصري فى فلسطين .
وبالطبع لم يكن لليهود وجود سياسى فى مصر، فهم – حسب القرآن دائما– من أتباع يوسف بن يعقوب ، ومنهم جاء موسى ، فيما يغلب عليه القول، وكانوا فئة ذات وضع أدنى اجتماعياً، ويبدو أنهم كانوا فى عمومهم عمالاً ، وربما اشترك بعضهم فى الأعمال الشاقة الإنشائية لدى فراعنة مصر الكبار .. ويقول موسى لفرعون فى القرآن (عبّدتم بنى إسرائيل) أى جعلتموهم عبيداً أو أشباه للعبيد.
وهناك من يقول بعدم وجود علاقة لموسى اصلاً بسلالة يوسف القادمة – ربما – من فلسطين؛ إذ يذكر "سيجموند فرويد" أنه أحد أفراد الأسرة الحاكمة، أما الباحث سيد القمنى فيرى أنه هو "إخناتون" . وخلاصة مثل هذا القول إذن أن موسى لا يعود إلى فلسطين ولكن إلى مصر .
وعلى كل حال، فالثابت من القرآن أن موسى لم يقم ملكا سياسياً ليهوده لا فى مصر ولا فى سيناء، وكان أقرب إلى زعيم لجماعة مضطهدة من الرُّحّل ، قضوا سنوات للتيه فى سيناء بعد إخراجهم مصر، ولم يدخلوا فلسطين .
وهكذا يقف القرآن ليشير بالدليل، ولو السلبي، إلى عدم وجود كيان سياسى يهودى لا فى مصر و لا فى فلسطين ، سوى فى مرحلة "داود – سليمان" .
وكذلك لم يتأكد من الآثار الفرعونية الكثيرة، رسماً ونقشاً وتماثيل وهياكل ولغةً مكتوبة، وجود أية علاقة وثيقة للمصريين مع من يمكن الافتراض بأنهم إسرائيليون أو يهود أو عبريون، عدا عن إشارة أو إشارات عابرة من آثار خليفة رمسيس الثانى (مرنبتاح) عن أنه طارد بعض "العبرو" وقضى عليهم .
وفى الآثار البابلية لا يوجد لهم ذكر سوى كأسرى حرب (أذلّاء) خلال فترة "السبْي" الذى قام به بنو خذ نصّر، فلم يكن هناك ذكر لوجود سياسى لهم فى العراق، وأن الحاكم البابلى قضى على شراذم ما تبقى من تهديد تمثله بعض العناصر القبلية العبرية فى (الشام) .
كذا لا يوجد فى الآثار الفينيقية بلبنان الحالية ما يشير إلى وجود سياسى يهودى ولا إلى علاقة لهم مستقرة على مدى زمنى ممتدّ بالمنطقة .

30-9-2009
بنو إسرائيل من أقوام قديمة سادت ثم بادت

من خلال الرواية التوراتية المتداولة حتى لدى المسلمين، ودع عنك في "الإسرائيليات" المنبثّة في شرائح من التراث الإسلامي، ومن خلال بعض الإشارات القليلة في القرآن أيضا، فإن بنى إسرائيل يرجع نسبهم إلى ابراهيم الذى "عبر" النهر أو الأنهار من "أور" في العراق إلى الشام الحالية، و إلى مصر. كان إبراهيم متزوجاً من "سارة" ولكنه فى مصر أُهْدِيَ إمرأة أخرى (هاجر) – اسم عربى الحروف كما هو ظاهر، وعربّى المعنى أيضا، مما له دلالة لا تخفى فى ضوء ما يلى من أحداث .
رجع إبراهيم إلى العراق ، وفى طريق عودته أخذ امرأته المصرية و (هاجر) بها و بولده منها – اسماعيل – إلى شبه الجزيرة العربية، عند مكة الحالية. وهناك وضع مع ابنه اسماعيل أساس الكعبة (قواعد البيت) ، كقبلة للمؤمنين بالله، الحنفاء .وهناك نشأ (بنو إسماعيل) العرب ، من نسل اسماعيل. ولكن سارة أنجبت من بعد عُقم ، وعلى كِبَر من إبراهيم، يعقوب، وله اسم آخر :إسرائيل، ومن نسل يعقوب أتى بنو إسرائيل .
آقام بنو اسرائيل كبدو متنقّلين (فى القرآن عن يعقوب وأبنائه : وجئتم من البدو) بدو رُحّل فى المنطقة المكونة للمشرق العربى الحالى؛ فانتقلوا من تخوم العراق – حيث منشأ أبيهم ابراهيم –إلى سوريا الكبرى، ويقول القرآن إنهم رحلوا أخيراً، مع يعقوب وبنيه، إلى حيث وُجِد يوسف، ابن يعقوب، أى إلى مصر .
استقر بنو إسرائيل فى مصر؛ وكبدو رحّل أصلاً فقد كان وضعهم الاجتماعى أدنى من وضع المزارعين القارّين، أى المصريين الأقحاح. و ربما استعملهم (أو استعبدهم) حاكم مصر، أو ملك مصر، ثم فرعونها؛ ومن بين الأساليب لذلك ، فيما يذكر القرآن، إحياء المواليد الإناث وقتل المواليد الذكور .
فى عهد أحد أحفاد يوسف، فيما يظهر، وهو موسى ، اصطفى الله – فى القرآن دائما – نبيّا له، وهو موسى بالذات . نشأ موسى ، وفق القرآن، فى قوم مضطهدين ولكن متوحدين كأقلية، كما يبدو من تصرفه فى نصرة أحد أبناء قومه (شيعته)، حيث قام بقتل الذي (هو من عدوّه)، أي "المصريّ".
هاجر موسى إلى موطن "مدين" على تخوم سيناء، وفى طريق عودته من (مدين) بعد ثمانى أو عشر سنوات، تلقى الرسالة عند جبل طور سيناء، ثم رجع إلى مصر وتحدى الفرعون بالرسالة التوحيدية التى آمن بها، أو تعاطف معها، بعض أبناء قوم فرعون نفسه (زوجته ، رجل من قوم فرعون لم يسمّه القرآن) و دع عنك"الحكيم" لقمان (الذي قال لابنه قولا مأثورا في القرآن، على نقيض الطامع المتلهّي "قارون".
تحدى الفرعون موسى بدوره ، فقام موسى بجمع قومه من مصر و"ارتحلوا" برغمه فى عملية (الخروج) من مصر، حيث ذهبوا إلى سيناء. فى سيناء غاب عنهم موسى ، وأناب هارون ، فعبدوا العجل وتاهوا أربعين سنة فى غياهب سيناء، ثم حاول أن يرتحل بهم فى اتجاه ما وراء سيناء (مما يسمّى سوريا الكبرى بما فيها فلسطين الحالية) ففرض قومه ذلك لأن فيها (قوما جبارين). ولكن خليفته النبيّ يوشع ذهب، من بعده، مع بعضهم إلى فلسطين .
لم يكن كل أتباع موسى مؤمنين حقاً برسالته، بل خالفوه كما هو واضح من عبادة العجل المصرى (أبيس) فى سيناء، وغير ذلك . وإذن، لم يكن كل بني إسرائيل (الخارجين) من مصر ، موسويين حقاً أو يهوداً.
وإذ أقام بعضهم منذ يوشع فى منطقة "سوريا الكبرى" الحالية، فإنه يبدو أن جزء كبيرا من بنى إسرائيل فى موطنهم أو "منفاهم" الارتحاليّ الجديد، أمنوا بديانة موسى – التى سميت فيما بعد "اليهودية"- ولكن لابد أن جزءً آخر حافظ على عقيدة أبى إسرائيل، أي إبراهيم، والتقوا مع "الحنفاء" العرب الذين انتشروا في شبه الجزيرة العربية، وفي الحجاز خاصة، ومثلهم (ورقة ابن نوفل) الذى يرد اسمه كثيراً فى سيرة محمد (صلعم) . و جزء آخر من بني إسرائيل، ظل على تردده حتى آمن برسالة عيسى فيما بعد، أى أصبح "نصرانياً" .
ولكن "العصب اليهودى" لبنى اسرائيل فى "سوريا الكبرى" استطاع فى لحظة معيّنة أن يحقق قوة سياسية، تمركزت فى جزء من فلسطين الحالية، بقيادة داود وسليمان، فى المملكة الموحدة لمملكتيْ يهودا وإسرائيل زهاء سبعين عاماً، ثم تجزأت وانهارت، على وقع ضربات أبناء بابل الآشوريين، ووقع الأسْر الأول ثم الأسر الثاني، حيث "تشتت" شمل (القطاع اليهودى – السياسى) من بنى اسرائيل، وذهبوا إلى (الشتات) فى أصقاع الأرض، لينتهي أثرهم السياسى فى المنطقة السورية الكبرى أو الفلسطينية.بيْد أن وجوداً بشرياً لبنى إسرائيل من القطاع اليهودى استمر فى شبة الجزيرة العربية، خاصة حول يثرب (بنو القينقاع وبنو النضير) وفى اليمن على عهد البعثة المحمدية .
وبينما ذاب يهود يثرب وما حولها فى فيضان الإسلام، بقي يهود قليلون فى اليمن، وفى فلسطين نفسها، وفى مصر، بل وفى المغرب الذى أتو إليه أخيراً قادمين من الأندلس بعد سقوطها ، بعد أن كانت ملاذاً آمنا لهم. وفى حين اندمج باقى أبناء إسرائيل مع العرب على امتداد الوطن العربى الحالى، فقد عاش القطاع اليهودي منهم فى "جيوب" منعزلة اجتماعياً، انعزالاً نسبياً لا ينفي التداخل "البشرى " بينهم وبين بني أوطانهم على امتداد المنطقة العربية الحالية، وربما تلاشت تدريجيا السمات المميزة سلاليا لبعض العناصر القبلية اليهودية التى كونت بنى إسرائيل القدامى، أي اختفى بنو إسرائيل كقوم. وزاد على ذلك اندماج نسبى لليهود فى تجمعات بعيدة عن موطن بنى إسرائيل الأصلى وموطن اليهودية : المصرى – السوري – "شبه الجرزي"- اليمني.
لم يبقى إذن سوى أتباع ديانة، عزلوا أنفسهم أو عُزلوا ، في قوقعة الانتماء الدينى الأقلّوي. وفى القوقعة تولدت أنماط حياة اجتماعية "جيتوية" فى كل بلد وجدوا به، على حده، حتى فى بلاد الخزر، ضمن أوروبا الشرقية الحالية، والتى وجدت بها اليهودية دون يهود قادمين من خارجها أصلاً .
هكذا باد، اندثر، بنو إسرائيل كقوم محدد، و بقي يهود متناثرون، لا يجمعهم إلا الانتماء الديني القديم فحسب.
و إن اندثار بنى إسرائيل من المنطقة العربية الحالية يمثل تجسيداً لسُنّة اجتماعية تاريخية معتادة، شأنهم فى ذلك شأن أقوام أخرى ورد ذكرها فى القرآن، كأقوام سادت ثم بادت ، ونذكر هنا : عاد وثمود (أنظر إلى العناصر القبلية الثمودية فى سيناء مثلاً).
وعلى النقيض من اندثار بني إسرائيل وعاد وثمود، فإن هناك الأقوام الكثيرة التى كونت الأمة العربية الحالية، إذ بقيت و حافظت على خصائصها رغم كونها قديمة متزامنة في قدمها مع بني إسرائيل وعاد وثمود. ونذكر من هذه العناصر القديمة والباقية امتداداتها فى العرب الحاليين ، كلا من قوم سبأ، وعرب شبه الجزيرة أنفسهم، والمصريين من الأصلاب القديمة قبل الوجود العربي، والسوريين الحاليين والعراقيين أبناء العمومة الآرامية والسوريانية، و المغاربة من "الأمازيغ".


ملحق من النص القرآني: حول النبي إبراهيم وبني إسرائيل واليهود

30-31/8/2006

من سورة البقرة :
(وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم)
"آية 127"

(ربنا واجعلنا مسلميْن لك ومن ذريتنا أمةً مسلمةً لك وأرنا مناسكنا وتبْ علينا إنك أنت التواب الرحيم) "أية 128"

(ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) "أية 129"

(ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين) "أية 130"

(إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) "أية131"

(ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابَنِىّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون) "أية 132"

أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموتُ إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون)
"أية 133"

تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون)
"أية 134"

وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا ، قلْ بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين)
"أية 135"

(قولوا آمناً بالله وما أُنزل إلينا وما أُنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيّون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون)
"أية 136"

ثم آيات رقم (137) – (138) – (139)
ثم (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى ، قلْ أأنتم أعلم أم الله ، ومن أظلم ممن كتم شهادةً عنده من الله وما لله بغافل عما تعْملون)
"أية 140"

فى سورة الصافّات :

عن إبراهيم ....
(.. وقال إنى ذاهب إلى ربىّ سيهدين (99) – ربّ هبْ لى من الصالحين (100) فبشرناه بغلام حليم (101) فلما بلغ معه السعى قال يابنىّ إنى أرى فى المنام أنّى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين (102) فلما أسلما وتلّه للجبين (103) وناديناه أنْ يا إبراهيم (104) قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين (105) إن هذا لهو البلاء المبين (106) وفديناه بذبح عظيم (107) .

(لم يذكر القرآن اسم ابن ابراهيم فى هذه الآيات)

من سورة البقرة أيضا

(ألم تر إلى الملأ من بنى إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبيًّ لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل فى سبيل الله ....الخ)
"أية 246"
تتحدث هذه الآية القرآنية عن بنى إسرائيل، فريق منهم جاء بعد موسى .
هذا يعنى ، بمفهوم المخالفة ، أن بنى اسرائيل وجدوا من قبل موسى .
ولعل الملك المقصود هو داود ، ويدل عليه ما ورد فى الآية 251 (من سورة البقرة) إلحاقاً للآيات السابقة عليها .
(فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت و آتاه الله المُلْك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين)

من سورة آل عمران:
مطلع السورة :
ألف لام ميم (1) الله لا إله إلا هو الحى القيوم (2) نزّل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل (3) .

من الآية (3) يتضح أن محدد الديانة (وهو الكتاب) نزل على النبى محمد فى توافق مع الكتب القائمة والمنزلة من قبل وهما التوراة والإنجيل .
ويعنى هذا أن القرآن يحدد الدين بمثل أن الإنجيل والتوراة فعل ذلك فى الديانتين السابقتين على دين محمد (الإسلام). لذلك فإن الدين اليهودى تحدّد بنزول التوراة (على النبى موسى) .
اليهودية إذن مرادفة للموسوية – ويختلف مدلول (اليهود) من ثم عن مدلول (بنى إسرائيل) الذين سبق أن استنتجنا من سورة البقرة أنهم سابقون على موسى، أى على اليهودية .

ولننظر: (ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً . بل كان حنيفاً مسلماً . وما كان من المشركين .)
(آل عمران)

وإذن فإنه حينما جاء موسى باليهودية اصبح جانب من بني إسرائيل هم اليهود، وأحياناً يكتفى بالقول (بنو إسرائيل) معرّفين ضمناً على أن من بينهم اليهود (من بنى إسرائيل ).

ونلاحظ هنا أنه لم يتحدث القرآن أبداً عن اليهود الذين عاشوا فى فترة البعثة فى شبه الجزيرة على أنهم بنو إسرائيل، بل اليهود فقط .. فاليهود هنا هم اليهود ..!



23-9-2006
سورة يونس
في سورة يونس عرض وافٍ عن موسى وبنى إسرائيل، وفيها )فما آمن لموسى إلا ذرّية من قومه على خوف من فرعون وملئه أن يفتنهم و إن فرعون لعالٍ في الأرض وإنه لمن المسرفين): آية رقم 83.
قوم موسى هم بنو إسرائيل ، أى أنه أصله يعود إلى جماعة عريضة هى بنو إسرائيل، و لكن لم يؤمن باليهودية إلا قليل منهم.
ولكن يبدو من سورة يونس أنه أخذ معه (حين الخروج) بنى إسرائيل دون تفرقة بين من آمن معه ومن لم يؤمن، وهذا يدل على أن (تمرد) موسى على الفرعون كان يعود إلى سبيين: أحدهما قديم ويتمثل في ظلم "فرعون موسى" لبنى إسرائيل فى مصر. ونقول "فرعون موسى"هنا لأنه عمّق ظلمهم نظراً لدونيّة موقعهم الاجتماعى حيث كان بعض الفراعنة (يذبحون أبناءهم ويحيون بناتهم) .
وثانيهما سبب جديد، هو الدين الذى نزل على موسى وهو فى سيناء قادما من مدين التى هرب إليها بعد أن قتل أحد المصريين . فموسى أُمر من الله بالدعوة إلى دينه الجديد، دعوة الفرعون نفسه ثم دعوة قومه . ولعل الفرعون نفسه آمن بدين موسى ساعة الغرق ...!

18-9-2009
هوامش إضافية
يذكر القرآن فى سورة مريم أن عيسى المسيح بعث لبنى إسرئيل ، ولم يقل "اليهود"، فهل معنى ذلك أن فلسطين حين جاء المسيح لم يكن فيها يهود فقط ، فى الدين ، ولكن بنو إسرائيل ، بالمعنى البشرى ؟ وما دلالة ذلك العقائدية والتاريخية ؟

وفي سورة البقرة:
(أم تقولون إن ابراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى ؟)
(يعلق الجابرى على ذلك بين قوسين :"وقد عاشوا قبل نزول التوراة والإنجيل" ( أنظر: محمد عابد الجابري، فهم القرآن الحكيم، القسم الثالث، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2009، ص 26)
وصيغة هذه الآية للاستنكار.
هناك آية مكملة للمعنى ، يذكر فيها القرآن عن موسى أنه.. وما آمن به إلا نفر من قومه.. ولعل المستفاد من ذلك أن جزء فقط من بنى إسرائيل آمن بديانة موسى، أي بالديانة اليهودية كما أنزلت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية