الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألشيخية - ألبابية والبهائية - 3- ألبابية - قرة ألعين

كامل علي

2020 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قرة ألعين:
لايمكننا فهم مراحل تطور الدين البابي من دون التطرق لأمرأة شغلت المجتمع العراقي في السنوات الاخيرة من ولاية الوالي العثماني نجيب باشا إضافة للمجتمع الإيراني بالحديث عن إمرأة عجيبة تدعى " قرة العين " إذ هي اسفرت عن وجهها، وارتقت المنبر، وخطبت وجادلت، فكان ذلك اول حدث من نوعه في تاريخ العراق.، وربما في تاريخ الشرق كله.
ولدت قرة العين في قزوين عام 1814 م، وقد سميت ب " زرين تاج " وهو اسم فارسي بمعنى " التاج الذهبي " لأنّها كانت ذات شعر أشقر، وكانت اسرتها من الاسر الدينية المعروفة في قزوين بذات جاه ومكانة تدعى ب " آل البرغاني "، وقد برز فيها علماء مجتهدون لهم شأن كان منهم الملا محمد صالح الذي هو والد قرة العين، والملا محمد تقي الذي هو احد اعمامها، وكان الملا محمد تقي هذا كبير علماء قزوين في ذلك الوقت.
تميزت قرة العين بجمالها الفتان وذكائها المفرط، وقد بدأ نبوغها بالظهور منذ صباها الباكر وقيل انها كانت تحضر دروس عمها وابيها التي كانا يلقيانها على الطلبة، فكان يوضع لها ستار لتستمع الى الدروس من ورائه، وسرعان ما اخذت تشارك في المجادلات الكلامية والفقهية التي تثار بين رجال اسرتها.
كان اهل قزوين في ذلك الحين كأهل كربلاء منقسمين الى فريقين متنازعين، شيخيين وخصوم الشيخيين. وقد نشات قرة العين في هذا الجو المفعم بالجدل حيث كان عمها الكبير الملا محمد تقي من خصوم الشيخيين بينما كان عمها الآخر الملا علي من الشيخيين.
عندما بلغت قرة العين الرابعة عشرسنة تقريبا من عمرها زفت الى ابن عمها الملا محمد بن الملا محمد تقي، ولم تمض على ذلك سوى مدة قصيرة حتى قرر الزوج الهجرة الى العراق لطلب العلم، فسافرا معا الى كربلاء.مكث الزوجان في كربلاء ثلاث عشرة سنة تقريبا رزقا فيها بولدين هما ابراهيم واسماعيل، والظاهر ان حياتهما في كربلاء لم تخل من خصام ومنافرة، فهي اخذت تميل الى السيد كاظم الرشتي الذي كان يرأس الشيخيين يومذاك بعد وفاة المؤسس الشيخ احمد الاحسائي، بينما كان زوجها يميل الى " البلاسري " اي خصوم الشيخيين.
وربما كان الخصام بين الزوجين في بدايته بسيطا ثم صار يشتد ويتعقد مع الايام. عاد الزوجان الى قزوين في عام 1841 م ، ورزقا هناك بولد ثالث سمياه "اسحاق" وكانت عودتهما ايذانا بإستئناف الخصام والمناقرة بينهما من جديد. فقد اصدر والد زوجها فتوى اعلن فيها تكفير الشيخيين بينما هي ازدادت من جانبها ولعا بالعقائد الشيخية وتعلقا بالسيد كاظم الرشتي.
وشرعت قرة العين تكاتب الرشتي تستفسر منه عن بعض المعاني الغامضة في كتاباته، ثم قررت اخيرا ان تترك زوجها واولادها وتهاجر الى كربلاء لتكون قريبة من الرشتي وتنضم الى حوزته العلمية. وفي عام 1843 م سافرت قرة العين الى كربلاء، وكانت حينئذ في التاسعة والعشرين من عمرها وفي قمة نضوجها، وحين وصلت الى كربلاء فوجئت بان الرشتي الذي جاءت من اجله كان قد توفى قبل ايام قليلة فاصيبت بخيبة الامل وشاركت في مأتمه.
اعتناقها الدعوة البابية:
تجمع المصادر البابية والبهائية على ان قرة العين كانت من اوائل الذين اعتنقوا الدعوة البابية حيث اصبحت من " حروف الحي " الثمانية عشر، وانها اعتنقت الدعوة يوم كان الباب لا يزال في شيراز يدعو الى نفسه سرا.
ألمرحلة الاولى من حياة قرة العين وعقيدتها:
تشير القرائن الى ان الدعوة البابية اخذت تكتسب الاتباع في كربلاء تدريجيا، وكانوا كلهم من الشيخيين، غير انهم كانوا يلتزمون التقية والتكتم، والظاهر ان قرة العين كانت كغيرها من الاتباع تلتزم التقية حين اعتنقت الدعوة البابية، وكانت في تلك المرحلة من حياتها تلقي الدروس الدينية في منزلها في غرفة صغيرة وراء باب عليه ستار. كانت قرة العين تملك صوتا جهوريا ومقدرة كبيرة على الكلام والجدال.
في شهر آب من عام 1846 انتقلت قرة العين مع حاشيتها الى الكاظمية بسبب حدوث خلاف بينها وبين كبير الشيخيين المرزا محمد جوهر، وأخذت تلقي الدروس في الكاظمية على نفس المنوال وزادت على ذلك فصارت تصعد المنبر احيانا فتذهل السامعين بقوة حجتها وحسن إلقائها.
ان سفور قرة العين (كانت تكشف وجهها والكفين) تلقاء صحبها اثار خلافا بين رجال الدين وعندما سألوا تلاميذها عن ذلك أجابوا بأن الوجه والكفين لم تكن عورة في نظر الدين الاسلامي.
ألمرحلة الثانية من حياة قرة العين عقيدتها:
مكثت قرة العين في الكاظمية زهاء ستة اشهر، ثم عادت الى كربلاء في شهر شباط من عام 1847 م بمناسبة زيارة الاربعين وبعودتها الى كربلاء دخلت مرحلة جديدة من حياتها، فهي اخذت تترك طريقة التقية والتكتم وتعلن دعوتها جهارا،
وكان ذلك سببا في حدوث انشقاق بين البابيين، وكان الملا احمد الخراساني من المناوئين لقرة العين وكتب كتابا ينتقدها ويشتمها ويسميها " بنت طالح ". أما الملا باقر وصحبه فكانوا من المؤيدين لقرة العين.
أهم نقاط الخلاف بين الفريقين:
1- ان قرة العين كانت تعتقد بان الوقت قد حان لرفع حجاب التقية والاجهار بالدعوة، بينما كان الملا احمد الخرساني يعتقد ان الباب امره بالتزام التقية.
2- كان الملا احمد يعتبر كتب الشيخ احمد الاحسائي والسيد كاظم الرشتي خالدة، أما قرة العين واصحابها فيعتبرون تلك الكتب منسوخة حيث ذهب زمانها بظهور الباب.
3- المقصود بظهور الامام الغائب في رأي قرة العين هو ظهور الباب، أما رجعة الأئمة فالمراد بها ظهور السابقين في الدعوة اي الذين اعتنقوا الدعوة البابية قبل غيرهم: فالملا حسين البشروئي هو في مقام رسول الله، والملا علي البسطامي في مقام امير المؤمنين (علي بن ابي طاب) وقرة العين في مقام فاطمة الزهراء، والملا حسن السجستاني في مقام الحسن، والسيد حسين اليزدي في مقام الحسين، والملا باقر في مقام الامام باقر .... الى آخره. ان هذا هو ما كان ينسبه الملا احمد الى قرة العين واصحابها، بينما كان مؤيدوا قرة العين يتبرأون من ذلك.
4- كان الملا احمد ينسب الى قرة العين انها تمنع من إقامة العزاء على الحسين او زيارة قبور الائمة بحجة ان الائمة لا يجوز نسبة الصفات البشرية اليهم كالموت والعطش، فلا معنى لذكر عطش الحسين او قتله.
5- كانت قرة العين واصحابها يحرمون التدخين ويعدون ذلك من التعاليم الجديدة التي جاء بها الباب، اما الملا احمد فكان يدخن مدعيا انه يفعل ذلك امام الناس من باب التقية.
أضطرت قرة العين ازاء تلك الخصومة العنيفة التي شنها عليها الملا احمد وأصحابه ان تغادر كربلاء، فرحلت الى بغداد، وبدأت تلقي دروسها من وراء ستار، وقد استمع الى دروسها والي بغداد العثماني نجيب باشا والمفتي ابي الثناء الآلوسي واعجبا بعلمها وفطنتها. كانت قرة العين في معظم دروسها تنادي بحلول اليوم الذي تُجدد فيه الشريعة وتُنسخ التقاليد البالية، لكن خصومها في كربلاء لم يسكتوا عنها، فأخذوا يبذلون جهودهم لتحريض الحكومة ضدها.
نتيجة التحريض والعلاقات الشخصية مع الوالي العثماني لبعض الشيوخ المناوئين لها أضطر الوالي ان يكتب الى اسطنبول في شأن قرة العين ثم امر بحبسها في بيت المفتي الآلوسي ريثما يأتي الجواب من اسطنبول.
وقد أشار الآلوسي في بعض كتاباته الى قرة العين وكان مما ذكره: " وهي ممن قلدت الباب بعد موت الرشتي، ثم خالفته في عدة اشياء منها التكاليف فقيل انها كانت تقول بحل الفروج ورفع التكاليف بالكلية. وأنا لم احس منها بشيء من ذلك مع انها حبست في بيتي شهرين ، والذي تحقق عندي ان البابية والقرية- يقصد اتباع قرة العين - طائفة واحدة يعتقدون في الائمة نحو إعتقاد الكشفية – يقصد الشيخية – فيهم ويزعمون إنتهاء التكليف بالصلوات الخمس وأن الوحي غير منقطع فقد يوحى للكامل لكن لا وحي تشريع بل وحي تعليم لما شُرع قبل ونحو ذلك، وهو رأي بعض المتصوفة... وأعظم اسباب ضلالهم النظر في كلام الرشتي وشيخه الأحسائي مع عدم فهم مقاصدهما منه وحملهما على ما هو بعيد عن الدين المحمدي بمراحل ولذا أكفرهم أصحاب هذين الرجلين ( يقصد اصحاب الشيخ احمد الاحسائي والسيد كاظم الرشتي ) ايضا على ما سمعته بأذني من كبارهم.....".

- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث – الجزء الثاني من سنة 1831 الى سنة 1872.....الدكتور علي الوردي – استاذ متمرس بجامعة بغداد.
- التشيع والشيعة ...... احمد كسروي – طهران – 1364 هجرية.
- عقيدة الشيعة ..... علي الحائري – كربلا 1384 هجرية.
- أحمد الاحسائي ( سيرة الشيخ احمد الاحسائي ) تحقيق حسين محفوظ – بغداد 1957.
- احقاق الحق .... موسى الاسكوئي – النجف 1965.
- الكواكب الدرية...... عبدالحسين آوارة – ترجمة احمد فائق رشد – القاهرة 1924.
- مطالع الأنوار .........محمد زرندي – ترجمة عبدالجليل سعد – القاهرة 1940.
- E. G. Browne ( A Year Among The Persians) Cambridge 1927 - P. 65.
- البابيون والبهائيون في حاضرهم وماضيهم ....... عبدالرزاق الحسني – صيدا 1957.
- مفتاح باب الابواب... محمد مهدي خان – القاهرة 1321 هجرية.
- عقائد الشيخية .... الملا احمد الخرساني.
- مختصر التحفة الاثني عشرية .... محمود شكري الآلوسي.
- (رسالة أمرية ) في ذيل الرسالة التسع عشرية -.... آغا مصطفى البغدادي – القاهرة 1338 هجرية.
- أعلام النساء ..... عمر رضا كحالة – دمشق – 1959.
- الحقائق الدينية في الرد على العقيدة البهائية .... محمد باقي الجلالي – النجف.
للبحث صلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج