الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الشيب : كنت مع حسين إسعيدة

عبد الرزاق السويراوي

2020 / 4 / 17
الادب والفن


في مطلع عام ١٩٨٥ كنت مسؤول قلم السرية وقد إندمجنا مع لواء مغاوير في قاطع الشيب ضمن فرقة ١٨ /الفيلق الرابع في العمارة، وكانت سريتنا قريبة من التلول الچذابة وأيضاً ما يسمى بالثغرة أو الفتحة ، وهي على خط تماس في قبال القطعات الإيرانية. وفي سرية أخرى وضمن قاطع للجيش الشعبي كان الفنان الريفي الكبير ( حسين إسعيده أبو إسمهان ).. وكان أحد الضباط برتبة نقيب من أهالي الموصل ،وهو آمر سرية المغاوير كان هذا الضابط يعشق صوت حسين إسعيدة فكان بين فترة وأخرى يكلفني بإحضار ( ابو أسمهان ) من سريته الى سريتنا فتكون جلستنا في مقر السرية و ليلاً كالعادة ، وتضم آمر سريتنا والنقيب المذكور ، آمر سرية المغاوير وأنا .. كنت أتصل بمسؤول قلم اللواء أبو رمزي وهو صديقي فيتصل بدوره بالفنان حسين إسعيدة فيبعث الآمر سيارته العسكرية لتأتي بــ أبو أسمهان وتبدأ الجلسة في هدأة ليل منطقة الشيب في العمارة مع الظلام الحالك بإستثاء ضوء الفانوس داخل الموضع..وقد جلسنا أكثر من خمس مرات تقريباً..أكيد ليس هناك فرقة موسيقية ولا أي آلة طرب معينة ،وإنما كان أبو أسمهان ، حين يشرع بالغناء ، هو الكل بالكل كما يقال ، فهو العازف وهو المغني ونحن مَن نستمع ،أنا وآمر سريتنا وآمر سرية المغاوير.حسين إسعيدة كانت أصابعه وبفنية متميزة ينقر على( تنكة ) الدهن الفارغة ويبدأ بأنينه الموجع بأبوذيات فيها لوعة فراق أهلنا لقرابة ٢٨ يوماً ، فيضفي وسط هدأة الليل وظلامه على جو الموضع نوعاً من التناغم العجيب مع صوته الشجي الحزين بكلماته المعبرة وبلحنه الذي يقطر حزناً في ثنايا كل كلمة جنوبية أصيلة تنطلق من حنجرته ، ثم يعقب ببستات أكثر حزناً من الأبوذيات مع أقداح الشاي الثخين التي يوزعها علينا مراسل الآمر وهو صبي صغير كان يخاف من الظلام نظرا لصغر سنه. وعلى ذكر( الچاي ) فإن ابو اسمهان كان يهمس بأذني ( أبو ضياء بعد أخوك ، ما بيهه مجال چتال إحويچم ،حته لو إگليّص ؟ ) أضحك بصوت عالٍ فأقول له ( لا خويه ابو اسمهان ما عدنه ميانه ويه النقيب آمر سرية المغاوير ) فيسارع هو بالقول حين أكركر بضحكتي( خاب خويه ابو ضياء شهرتنه ).. طبعاً ابو اسمهان الله يرحمه ولأكثر من مرة بعد حضوره معنا ، كان يستفيد من هذه الجلسات بنموذج إجازة ، يمنحه له آمر سرية المغاوير بسبعة أيام وهو نموذج رسمي ومختوم من قلم سرية المغاوير وحين يكمله ويلتحق فإن وجبته في النزول أيضاً تشمله وبذلك بإمكانه أن ينزل في الشهر مرتين..
رحم الله الفنان الطيب القلب والخلوق جداً حسين إسعيدة ( ابو أسمهان )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم وثائقي عن الانتهاكات بحق العاملين في المجال الصحي بغزة


.. بعد فنانة دنماركية وفنان فرنسي.. رسامة ألمانية تطل باتهام جد




.. -ما فينا نلوم المنتج دائما-... هذا ما قاله الممثل طوني عيسى


.. تابعوا العرض الكوميدي The Blue Comedy Show للممثل فادي رعيدي




.. وزيرة التنمية المحلية ووزير الثقافة ومحافظ القاهرة يزورون مو