الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في العراق إذا إجتمعت السياسة والدين يكون الشيطان ثالثهما

جعفر المظفر

2020 / 4 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حينما كنت أهاجم الإسلام السياسي الشيعي بالذات ومعه الكثير من المظاهر والممارسات الشيعية المتخلفة كان البعض يتصور ان ذلك يأتي مجاملة للسنة الطائفة على حسابهم. ومع إعتزازي بكل إنسان مهما كانت طائفته أو دينه او لادينه أو قوميته او شكله أو جنسه أو جهته, إلا أن ذلك الهجوم الذي إختص بنقد الظاهرة السياسية الشيعية ونقد الممارسات والعقلية الشيعية المتخلفة وتناقضها مع طبيعة الدولة الوطنية العراقية وتبعيتها لدولة مجاورة هي إيران, هذا الهجوم كان دائما يصب في صالح الشيعة قبل ان يصب في صالح غيرهم لأنه كان يستهدف تخليصهم من فقه سياسي وخطاب مذهبي وموروث ثقافي يجعلهم تابعين عملاء ومُذَّلين وجهلة ومُغَّيبين وفقراء معدمين ومشفوطين من الحاضر مُنوَّمين في الماضي.
على الصعيد العراقي ما أن تمكن الإسلام السياسي من الهيمنة على الدولة الوطنية حتى ظهرت الخصومة بين حالة الدولة وحالة السلطة, فالإسلام السياسي الشيعي من ناحيته ذا خطاب ثقافي وسياسي وفقهي نقيض لحالة الدولة الوطنية الحديثة, الأمر الذي يجعل المشروع الوطني في قلب مدفعيته ومرماه, ليصير مشروع تهديم الدولة الوطنية لا بناءها هو هدفه الأساسي, وسيبقيه الأمر نفسه فاعلا في مساحة الصراع على السلطة وغير قادر أو متحمس على مغادرتها إلى مساحة بناء الدولة.
ونتيجة إمتداداته الفقهية العابرة لخطاب الدولة الوطنية فهو يصير بالنتيجة أكثر قربى مع المشروع السياسي الفارسي المنسجم مع الدولة العميقة والعامل لبنائها كمركز أممي أو إقليمي, وبهذا تكون التبعية نتيجة طبيعية لخطاب سياسي متخاصم مع حالة الدولة الوطنية ولا يملك مقومات وجوده وشرعيته بمعزل عن هذه الخصومة.
على الجهة الأخرى كلا الإسلاميْن السياسيين التركي والإيراني, يتميزان بوحدة خطاب ثقافي وسياسي مع مفهوم الدولتين العثمانية والفارسية, بما يجعلهما مشروعين قوميين ووطنيين يحملان قدرا كبيرا من حالات الإنسجام بين حالة السلطة وحالة الدولة. وستجعلهما حالة التوافق والإنسجام هذه أكثر قدرة وحماس على التنافس في مساحة بناء الدولة والحفاظ على كيانها وسيادتها الوطنية مثلما تجعلهما قادرتين على ترتيب علاقة السلطة بالدولة بحيث تأتي الأولى في خدمة الثانية وليس العكس, كما هو الأمر في الحالة العراقية حيث صارت الدولة في خدمة السلطة, وهي إشكالية أدت بطبيعة إلى تهديم العراق لا إلى بنائه.
وما كان مقدرا للإخوان المسلمين العراقيين لو قدر لهم الهيمنة على السلطة غير أن يسيروا على ذات الطريق التي تخلقه التفعيلة المذهبية المعاكسة. وإن لنا في تجربة حكم الإخوان في مصر, التي لم يقدر لها أن تستمر لأكثر من عام, بعد أن تصدى لها أحرار مصر وتقدميوها في مظاهرات رافضة, وأسقطوها بعد ذلك بالتعاون مع جيشهم الباسل, خير دليل على أن الإسلام السياسي السني يحمل ذات التناقض مع مفهوم الدولة الوطنية.
ومثلما قزَّمَ الإسلام السياسي الشيعي العراق وجعله تابعا لإيران فقد كان مقدرا لشقيقه الإسلام السني أن يصير بؤرة إرهابية قاعدية أو داعشية, أو تابعا لتركيا وحتى إلى قطر.
في المقابل على السنة العراقيين أن يخرجوا من الورطة الطائفية لأنهم سيخسرون أنفسهم في معركة : الفوز فيها خسارة. وكل أولئك الذين يعلنون أنهم المدافعون الأشداء عن الطائفة السنية هم في الحقيقة أعداء لها.
كل ما يجب ان يفعله السنة والشيعة لكي يربحوا المعركة في النهاية هو أن يكونوا عراقيين, وبعدها فيلختارا
الذي يريداه على صعيد ديني ومذهبي على شرط أن لا تكون له علاقة بالسياسة.
في العراق إذا إجتمعت السياسة والدين يكون الشيطان ثالثهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah