الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرط الفلسفة وضرورات التفلسف

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2020 / 4 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الفلسفة ليس ترفا فكريا , والفيلسوف ليس ذلك الشخص الذي ينتشي بتجريداته , بل هو ذلك الإنسان الذي يسترشد بالنظر العلمي للحياة ويفهم الأحداث وفقا لذلك وهكذا يجب أن يكون , ومن هنا يمكن القول بأن الفلسفة لا بد أن تكون منهجا للحياة الصحيحة ؛ منهجا يجعلنا قادرين على معرفة ذواتنا ومجتمعنا وعالمنا , معرفة مستمدة من الواقع ومرتكزة على معطيات المنطق والعلم وفي ذات الوقت معرفة تجعلنا مساهمين فاعلين في صناعة الأحداث وفي تغييرها أيضا , ووفق هذه الاشتراطات تصبح الفلسفة حاجة انسانية وشرطا من شروط الإحساس بانسانيتنا إذ لا يمكن أن نتبصر حياتنا ونصبح مخلوقات فاعلة ومتبصرة مالم نسترشد برؤى فلسفية لا تتعارض ومعطيات العلم وفي الوقت ذاته تنبذ ما لا يتوافق مع المنطق والفطرة السليمة .
وبناء على ما تقدم يصبح التفلسف مسؤولية تتطلب الموضوعية والشجاعة فأن تكون لك فلسفتك الخاصة فإن هذا يتطلب أن تختار مايزيدك تبصرا وفهما وواقعية وحكمة ؛ فالفيلسوف حكيم بهذا المعنى وإلا تصبح الفلسفة أوهاما وظلالات قد تعيق الفهم الصحيح للحياة , وربما تشوه العالم في وتجعله غير مناسب لنا .
ورب سائل يسأل ما الفائدة من الفلسفة في زمن العلوم , فالفلسفة كانت يوما أما جامعا لكل المعارف حينما كانت النظرات العلمية بسيطة ومتواضعة فما الذي تعالجه الفلسفة بعد أن تخصصت العلوم بكل شيء ؟
حاجتنا للفلسفة اليوم ربما تكون أكثر من حاجتنا لها في القرون السابقة لا سيما إذا عرفنا بأن تقدم العلوم وتشعبها ولد مسائل لا تقع في متناول العلم أصلا فحين يقف العلم يبدأ التفلسف فضلا على تناولها المسائل التقليدية التي عالجتها الفلسفة قديما وبذلك فوظيفة الفلسفة غير مرهونة بزمن دون غيره ولا هي مشروطة بمرحلة تاريخية , وهنا نجد بأن الفلسفة مرتبطة بالعلوم وبالحياة , فمسائل الحرية والسعادة والإرادة والوجود عامة وعلاقة المادة بالوعي مازالت موضع نقاش وتفكير فضلا على ما أفرزته العلوم المعاصرة من مسائل مستجدة .
وأفضل فهم للفلسفة وتبيان الصحيح منها من الزائف يتمثل في ربط الفلسفة بالمجتمع والتاريخ فالفيلسوف شخص تاريخي ينتمي إلى مجتمع معين ويعيش ضمن مرحلة تاريخية تتميز بقيمها ومعارفها وسلوكياتها , لذا يصح القول بأن فصل الفلسفة والمعرفة بصورة عامة عن المجتمع والتاريخ يعد تشويها لها وتلاعبا وهو ما أساء لتاريخ الفلسفة فلطالما تصور الفلاسفة وتصور قراء الفلسفة معهم أن الفلسفة فكر لا تاريخاني وهنا يمكن القول أن الفلسفة نتاج ظروف اجتماعية ومرحلية .
وأخطر شيء على الفلسفة توظيفها في خدمة أيديولوجية معينة حينها يتم تضليل الناس وخداعهم .
وتوظيف الفلسفة واستغلالها بهذا الشكل لا يكون إلا بعد فصل الفلسفة عن العلم فمن الواضح أن معطيات العلم موضوعية دائما وغير منحازة رغم أنها متطورة وسلخ الفلسفة عنها يجعلها أما متخلفة عن العلم وأما واقعة في عالم التكهنات والطوباوية غير المستندة على أسس علمية وبهذا يسهل الانزلاق في التفلسف غير العلمي وكذلك يسهل توظيف الفلسفة سياسيا وآيديولوجيا من قبل السلطات أيا كان نوعها , ومن هنا كان تعدد اختلاف الفلاسفة وتعدد مذاهبها .
فالفلسفة ليست دائما علمية للأسباب التي مرت لذلك انشطرت الرؤى الفلسفية على تيارين رئيسين نتيجة لما تقدم وهما المادية والمثالية وواضح من أسميهما مدى ارتباط كل واحد منهما بالواقع فالمادية ترتكز على المادة فيما ترتكز المثالية على عالم المثال والروح لذا يمكن معرفة أي من التيارين أقرب لمعطيات العلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح