الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكانت تفاحة آدم ..... أم تفاحة أفروديت

رماز هاني كوسه

2020 / 4 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


دائما ما نردد في أحاديثنا اليومية أن حواء هي السبب بطردنا من الجنة و حرمان البشر من نعيمها لأنها تناولت تفاحة و أطعمت ادم منها فهل فعلا كان التفاح سببا غير مباشر بطردنا ؟
رواية الطرد من الجنة ترد بطرحين مختلفين بين القرآن و العهد القديم . الرواية القرآنية نراها مختصرة و تتحدث عن مخالفة آدم و حواء لأوامر الله و تناول ثمار الشجرة المحرمة (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ* فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ* وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ* فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ....) الأعراف . فالرواية القرانية لا تذكر التفاح أبدا و كذلك لا تحمل المرأة مسؤولية الإغواء بل تنسبه للشيطان و تساوي بين آدم و حواء بالاستجابة لإغواء الشيطان و بالتالي فكل من آدم و حواء يحملان المسؤولية بشكل متساوي عن الطرد من الجنة .
الرواية التوراتية تختلف عن القرآنية فهي أوسع و أكثر تفصيلا للأحداث التي أدت للطرد . فبداية تتحدث التوراة عن أن الله زرع في وسط الجنة شجرتين هما شجرة الحياة ( حيو) و شجرة المعرفة( دعة ) "واستنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة بهيّة للنظر ولذيذة للأكل. وغرس أيضا شجرة الحياة، وشجرة معرفة الخير والشر في وسط الجنة" تك 2/9 . تتابع الرواية بعد ذلك و تشير بأن الإله طلب من آدم و حواء أن لا يأكلا من شجرة المعرفة و إلا موتا يموتان . هنا حواء تخضع لغواية الشيطان و تأكل من ثمر شجرة المعرفة و تقنع آدم بأن يأكل منها فيستجيب لها . لاحقا تنقل التوراة نصا يظهر فيه الإله محدثا نفسه قائلا (وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». فآدم و حواء بعد أن أكلا من شجرة المعرفة تفتحت عيونهم و اكتسبو المعرفة و الحكمة . فاذا تناولا من شجرة الحياة أيضا اكتسبا الحياة الابدية و الخلود و صارا كالآلهة . و هو أمر لا يريده الإله فهو لا يرغب بمنافسة لسلطانه و قدراته من أحد فيقوم باستباق هذا السيناريو و يطرد آدم و حواء من الجنة . في التوراة المسؤولية بتناول الثمار المحرمة يقع على عاتق المرأة و هي السبب في غواية الرجل بينما القران يساوي بين الطرفين . التوراة تحدد اسم الشجرة التي تناول منها آدم و حواء بين القرآن لا يحددها . و لكن أيضا هناك أمر آخر مشترك فنحن لا نعثر على ذكر للتفاحة التي سببت الطرد حسب المفهوم الشعبي .
في الواقع النصوص الدينية الإبراهيمية لا ترد على ذكر التفاح كثمرة مقدسة مثلا أو أنها لعبت دورا بقصة الطرد كما هو دارج شعبيا . و يبدو أن التفاحة تسربت للتراث الشعبي للشعوب التي تؤمن بالإبراهيميات من الأساطير الإغريقية و كانت تمثل رمزا للغواية في التراث الثقافي اليوناني كما في قصة تفاحة أفروديت. و ملخصها أن الآلهة الثلاث ( هيرا إلهة النساء و الزواج أثينا إلهة الحكمة أفروديت إلهة الجمال و الحب ) دعيت لحضور حفل زواج الإلهة ثيتس إلهة البحار من الملك أبيليوس و لم تدعى الإلهة أيريس إلهة الفتنة لحضور الحفل فغضبت و انتقمت بأن وضعت تفاحة مكافاة للأجمل بينهن . لتختلف الإلهات الثلاث هيرا و أثينا و أفروديت و يتنازعن و لحل النزاع يلجأ الإله زيوس لحكم أجمل رجل بشري و هو الأمير باريس ابن ملك طروادة . و تحاول كل واحدة إغواؤه بطريقتها . هيرا وعدته بالحياة الأبدية ، أثينا وعدته بالحكمة ، أفروديت وعدته بأجمل نساء الأرض . أمير طروادة اختار أن يمنح التفاحة لأفروديت . فكافأته أفروديت بأن أرسلته الى اسبارطة بغياب ملكها ليخطف زوجته هيلين أجمل نساء الدنيا . لتندلع بعدها حرب طروادة التي تنتهي بهزيمتها أمام اسبارطة .
سيناريو آخر لشجرة التفاح مصدره الأساطير اليونانية نراه في الهدية التي نالتها هيرا بمناسبة زواجها من زيوس . حيث أهدتها الأم جيا شجرة تفاح ذهبية . لاحقا اكتشفت هيرا أن بناتها تسرق من ثمار الشجرة الذهبية فوضعت تنينا ليحرس الشجرة منهم . و تتابع القصة مع أطلس و هيراكليس .أطلس كان يحمل السماء على كتفيه عندما سأله هيراكليس عن تفاحات هيرا الذهبية فطلب أطلس منه أن يحمل السماء بدلا عنه ليحضر التفاحات له و ذلك كان حيلة من أطلس ليتخلص من ثقل السماء على كتفيه . و بعد أن أحضرها خدعه هيراكليس و أخذ التفاحات منه و جعله يحمل السماء مجددا .
ففي الروايتين الاغريقيتين كانت التفاحة رمزا للغواية و الخداع ورمزا للفتن و إشعال الحروب . و هو الدور الذي لعبته التفاحة في المرويات الشعبية لدينا باغواء آدم و حواء للخروج من الجنة بالرغم من أن النص الديني لا يصرح عن ذلك بل يشير لدور الغواية و الخداع في خروج آدم و حواء من الجنة . فالعهد القديم تم تدوينه بالقرن الخامس قبل الميلاد على يد عزرا الكاهن قبل وصول الاساطير الإغريقية و انتشارها في المنطقة و ذلك خلال فترة انتشار الثقافة الهيللينية التي أعقبت غزوات الاسكندر المقدوني بالقرن الثالث قبل الميلاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت