الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتظار في زمن الكورونا

راغب الركابي

2020 / 4 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البداية أُقدم التهنئة الخالصة لكل من يصله كلامي هذا ، بمناسبة شهر الله رمضان المبارك ، وأدعوا الله مخلصاً ان يساعد في تخليص الأمة والناس من هذا الوباء الشنيع ، مع التأكيد من قبلنا على ان هذه السنة ليست ككل السنيَّن ، وليست أيامها كتلك الأيام ولا لياليها كتلك الليالي .

من هنا يأتي الانتظار في صف الموحدين كجزء من عقيدتهم وايمانهم وتطلعهم لغد افضل ، وحسبنا ما نقرئه في كتب التاريخ عن الفواجع والأوبئة والامراض والحروب ، وكلها مثبطات عزم وإرادة لكن الصبر و الثقة بالله وبدين الحق تجعل من كثير من المصائب تهون .

في احدى دروسه قال البرت أنشتاين وهو يعلمنا معنى الانتظار كجزء من نظرية النسبية ، مادام لها شقين موجب وسالب ، وفي الشقين هناك وجهات نظر تختلف بحسب نوع الانتظار ، ومن هنا نفهم ذلك القول التراثي بان الانتظار جزء من الاعتقاد ، وأختلف الناس في تفسير ذلك لكن السؤال الملازم للجميع هو بطبيعة الجواب نفسه عن لماذا الانتظار في الأصل ؟ ، فما يتعلق بطبيعة الانتظار من الخير والسعادة يجعل من الانتظار ممكنا ومقبولا مهما طال او بعدت علينا فيه الشُقة ، فرجاء المُنتظر ان تُحمل عنه الهموم والضيم والفقر والفاقة وقلة الحيلة والظلم ، أي إنه انتظار من اجل العدل والكرامة والحرية والعيش الرغيد والسعادة ، لهذا يصبر الناس وعيونهم تنظر إلى الغائب كي يحقق لهم ما عجزت عنه قدراتهم وعنف السنيين وسطوة الحكام ، ولهذا كان الغائب معصوما والأمل فيه ان يملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلئت ظلماً وجورا ، هكذا تقول التراثيات من الاخبار ، والنقاش هنا في أصل الانتظار وليس في طبيعته وماهيته وكيفيته ، نحن إذن نتحدث عن فكرة الانتظار لا تعاريجها الكلامية والروائية التي لا تهمنا هنا في شيء .

ولم نرد الخوض في اصل اللفظ عند أهل اللغة وأهل الاصطلاح فذاك لا محل له عندنا هنا ، لعدم الحاجة ولأن موضوعنا يتناول فكرة - نسبية الانتظار - من حيث هي ، وفي هذا المقام يهمنا التعريج على موضوعة - انتظار الناس لدواء أو لقاح لفيروس كرونا - ، فلولا هذا الانتظار لتبدلت أحوال الحياة تماماً ولقامة قيامة الناس اجمعين ، لكن انتظارهم للفرج يهون عليهم حجز الأيام والليالي وتباعد الاخوة والأصدقاء ، فكل الناس مهما تعامى البعض عيونهم وأعناقهم مشرئبة نحو التلفاز والاخبار ومماحكات الاعلام الافتراضي ،

لعل وعسى ان يأتي خبرا يهدأ تلك النفوس الجانحة .

والحق أقول لكم انا من هذه الجمهرة من الناس الذين يرتقبون كل خبر ، ويسألون الناس إلحافا لعل هناك ما يسر ، ولولا دواء الانتظار والامل بالفرج والثقة بصدق العلم وقدرة العلماء لكان الحال غير الحال ، ويعلمنا الكتاب المجيد ان نصبر مع عظم هزات الزمان ( فانا الجليس في بيتي ) ، يؤلمني حقاً ان أرى بيت الله العظيم مغلقة أبوابه ، وان مسجد النبي الأعظم دار الأمان قد سدت نوافذه ، وابكي حسرة على مقام الامام سيد الاوصياء وبنوه وقد غلقت ساحتهم وفضاءات دعاء المؤمنين بين جنباتهم ، لكننا أبداً لن نجزع طالما كان ذلك في مصلحة الناس والعباد ، وكم حزنت حين لم تقرع هذه السنة أجراس الرحمة في كنيسة المهد ، ولم تصدح الابواق عند كل كنيس في عيد الفصح ، فيا أيها الجبار المتعال نلوذ بك ، ويا واسع الرحمة نستعين بك ، ويا كبير الاحسان ، ويا حسن التجاوز نسألك بحق هذا الشهر الكريم من علينا بصبر واستقامة ، فأن في أسمك دواء وفي ذكرك شفاء ، غير حالنا إلى أحسن الحال يارحمن يارحيم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي


.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا




.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني