الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات الحجر (14 ) وجها لوجه- الجزء 1

حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)

2020 / 4 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


دخل المغرب في نهاية مدة الحجز الصحي الإجباري، أغلبية المجتمع أكدت على المكوث في البيوت كوسيلة لإنهاء أزمة الكوفيد 19. أغلبهم يراقبون يوميا الإحصائيات المتعلقة بالجائحة، يعيشون على وتيرتها فرحا أو حزنا. في هاته الفترة أصبحت الشوارع أكثر فراغا وصمتا، في نفس الوقت ظلت بعض المناطق تمارس حياتها بطريقة شبه عادية وخصوصا الأسواق رغم تواجد السلطة ، مع العلم أن رجال السلطة هددوا الباعة والمتسوقين بالغرامة والسجن. ظل كذلك بعض الشباب يراوغون السلطة لمحاولة البقاء في الفضاء العام للقيام ببعض الممارسات لا يستطيعون القيام بها في منازلهم وأمام أهلهم كالتدخين، خصوصا تدخين الحشيش أو فقط للتجمع مع شبان آخرين. في هاته الفترة بدأت تتكاثر ظهور البؤر الفيروسية داخل العائلات، ظهرت عائلات مصابة بأكملها رغم مكوثها في البيت مما جعل الخوف والقلق ينتشران ويخيم نوع من البؤس والخيبة. مع مرور الأيام أصبح الجو مشحونا. أصبح يظهر على الناس نوع من الحزن والإحباط، وقع فتور في الحماس الذي ظهر في بداية الجائحة. مع مرور الوقت أصبحت الرغبة في الخروج ملحة، أصبح طموح العودة إلى الحياة السابقة غاية في حد ذاتها. التعب من القعود في البيت أصبح هو المحفز الأساسي للتشديد على المكوث في البيوت، بدون أدنى تساؤل عن خطر البيوت بكل أحجامها على مجموعة كبيرة من المغاربة. إذا كان الحجر الصحي الإجباري هو الوسيلة الاحترازية التي اعتمدتها الدول التي تعاني من الجائحة ومنهم المغرب، ألا يمكن القول أن الثقافة المجتمعية من نمط العيش، و السلوكيات والممارسات والتفكير خلقت ارتباكا في تدبير الحجر الصحي الإجباري بالمغرب؟ انطلاقا من فكرة أن الاحتراز من خطر الوباء يتطلب وعيا بالذات وبالآخر، الشيء الذي نعتبره غائبا في سلوكيات وممارسات عند الفرد المغربي، إن نمط عيش المغاربة وثقافتهم الاجتماعية تجعلنا نفكر أن الإنسان الاجتماعي المغربي لا يعي ذاته في استقلالية عن الفعل الاجتماعي والديني، كما أنه ليس واعيا بذاته كشيء مفارق للآخر ومعزول عنه، إنه يمارس مجموعة من الوظائف روض عنها من خلال تنشئته الاجتماعية الأولى أو الثانية، إن سيرورة التنشئة الاجتماعية تعتمد في أغلب الأحيان على المحاكاة والتقليد، أي أنه يكتسب وظائف تتوافق مع الطلب الاجتماعي، فكل فعل شيء يصب في "المعتاد عليه وكالمعتاد" وليس المفكر فيه. فهو لا يفكر في كيانه كوجود مستقل له حدود مسطرة اتجاهه واتجاه الآخر، من هنا فكرة التباعد كفرد ملزم لذاته للانفصال عن المجتمعي عن الآخر تشكل مشكلة كبيرة له خصوصا في تدبير كوفيد 19.لأن فكرة الحجر الصحي الإجباري تتضمن مفهوم العزل، أي عزل الذات وتغيير الممارسات الاجتماعية. في حالة الحجر الصحي الإجباري عليه أن يتواجد بفكره وليس بفكر الآخر، إن مسألة تدبير الحجر واجهت صعوبات لأن الممارسات الاحترازية هي ليست جزءا مندمجا في السلوكيات المغاربة، لأن البعد العلمي غائب، فهو لا يكون جزءا من المعاش اليومي. من هنا ظهرت تصرفات عند كثير من الفئات غير واعية بالخطر وبعجزها على حماية ذاتها في إطار العزل الإجباري داخل البيوت.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه