الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات من تاريخ نقابة المحامين العراقيين - دور نقابة المحامين العراقيين في نشر الوعي السياسي الوطني

احمد مجيد الحسن
كاتب

(Ahmed Majeed Alhasan)

2020 / 4 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


صفحات من تاريخ نقابة المحامين العراقيين
دور نقابة المحامين العراقيين في نشر الوعي السياسي الوطني
احمد مجيد الحسن
كان لنقابة المحامين دور ريادي متميز في نشر الوعي السياسي بين أبناء الشعب العراقي، فالمحامون هم أول من بادر الى تشكيل الاحزاب السياسية، حتى قبل تأسيس الدولة العراقية أي منذ العهد العثماني، كـالنادي الوطني العلمي للمحامي مزاحم الباججي، سنة 1911 الذي أُضيفت كلمة العلمي له لإزالة الشكوك التي كانت تحوم حوله، واشترك معه المحامون، بهجت زينل وحمدي الباججي ورزق غنام وغيرهم.
وجمعية البصرة الاصلاحية سنة 1913 في البصرة للمحامي سليمان فيضي.
وبعد قيام الحكم الوطني، ساهم المحامون في تأسيس الاحزاب الوطنية التي قارعت الاستعمار البريطاني، ووقفت ضد مخططاته، ولم يكونوا بمعزل عن معاناة الشعب وطموحه في نيل الاستقلال.
وتشهد الاحداث انهم كانوا في خضم الصراع مع الاستعمار، لاسيما الصراع السياسي منه.
ومن اجل بلورة عملهم وتوجيه نضالهم فقد عمل بعضهم مع النخب الوطنية على تأسيس تلك الأحزاب.
ونورد على سبيل المثال، حزب الاستقلال الأول الذي أسس بشكل سري في بداية تأسيس الحكم الوطني أيام الملك فيصل الأول وانحصر نشاطه ضد سلطات الاحتلال والمتعاونين معها. وكان أشهر قادته من المحامين كصادق البصام وسعد صالح واحمد زكي الخياط وغيره.
وكذلك الحزب الوطني العراقي، وكان المحامي بهجت زينل الذي صار نقيباً للمحامين سنة 1934 أحد اعضاء الهيئة المؤسسة.
وحزب الامة للمحامي داود السعدي ونصرة الفارسي وعلي محمود الشيخ علي وعبد الهادي الظاهر ومحمود خالص وناجي السويدي ومجموعة اخرى من المحامين.
وجمعية الدفاع الوطني واعضائها من المحامين إبراهيم كمال ومحمد صدقي سليمان، فضلاً عن أحزاب وطنية أخرى ساهم المحامون في تأسيسها أو الانضمام اليها.
وعلاوة على ذلك فان المحامين كمجموعة، كانوا أكثر فاعلية في السياسة من أي مجموعة أخرى، فكانوا محررين في الصحف التي تبث الوعي الوطني، وشاركوا دائماً في الانتخابات البرلمانية.
وكان المحامون ايضاً أول من نظموا أنفسهم في جمعية مهنية (نقابة المحامين)، التي أسست سنة 1933، وظلت واحدة من أقوى المجموعات المؤثرة في المجتمع كـ (المهندسين والأطباء والمعلمين) الذين لم ينظموا أنفسهم في جمعية حتى أواخر الخمسينات. وكان للمحامين الأوائل دورهم الوطني في حماية الوطن بمشاركتهم مع القوى الوطنية الاخرى الداعية الى تحرير العراق من الاحتلال، وتأسيس حكم وطني دستوري يؤمن بحقوق المواطن الاساسية وحرياته.
فكانوا من أولى الطلائع الوطنية التي شاركت بفعالية في ثورة العشرين بعد ان عملوا على توعية الشعب بمخاطر الاستعمار وضرورة محاربته للحصول على استقلال البلاد. وقد شاركوا في الثورة مشاركة فعلية وفعالة، ومثالنا في ذلك المحامي عبد الرحمن خضر الذي عمل على اصلاح ابرة المدفع الذي غنمه الثوار، فاستطاعوا على إثر ذلك من اغراق الباخرة البريطانية (فاير فلاي).
وقد كان للمحامين نشاط متميز رافق عملية اصدار القانون الاساسي – الدستور-سنة 1925 ودور بارز في المناظرات واللقاءات والتظاهرات التي رافقت عملية إصداره، وكان صوتهم مدوياً في الوقوف مع مصالح الشعب وضد المحتل البريطاني.
الدفاع عن الموقوفين والسجناء من أبناء الشعب
ولم يتخلف المحامون ولا نقابتهم بعد تأسيسها عن الدفاع عن الموقوفين والسجناء السياسيين، ولا ينسى دورهم في الدفاع عن الشيخ ضاري المحمود سنة 1928 حيث تطوع عدد كبير منهم للدفاع عنه أمام المحكمة الكبرى(الجنايات).
ونهض المحامون دائماً للدفاع عن الموقوفين السياسيين من ابناء الشعب الذين تحتجزهم السلطة والتوكل عنهم وتقديم المعونات القضائية لهم لاسيما الفقراء منهم، فشكلت في النقابة لجنة للدفاع عن المتهمين السياسيين في العراق عرفت باسم (لجنة معاونة العدالة) سنة 1952.
وكذلك موقفهم في الدفاع عن الطلبة المتظاهرين ضد زيارة الصهيوني الفرد موند سنة 1928، ودفاعهم عن كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي، وعن الصحفيين الذين احيلوا الى محاكم الجزاء طيلة العهد الملكي.
وكان المحامون المدافع الأمين عن مصالح أبناء الشعب عامة دون تخصيص فقد شاركوا مشاركة فعالة سنة 1931 في اضراب العمال لتحقيق مصالحهم، بعد ان مهدوا له، فنزلوا الى الشارع مع المضربين وأدوا دورهم في سبيل ضبطهم في إطار الشعارات الوطنية السلمية، فتعرضوا على إثر ذلك الى التوقيف، ونفي المحامي سليمان فيضي الى عانة بعد انتهاء الاضراب.
ولقد مرت على العراق في العهد الملكي احداث جسام، بين سنتي1921 و 1958 ظهر فيها دور المحامي واضحاً وجلياً في تنمية الوعي الوطني، فمعظم الاحزاب الوطنية كان مؤسسوها وأغلب اعضائها من المحامين، كالحزب الوطني والحزب الشيوعي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الشعب وحزب الاستقلال وحزب البعث وجبهة الاتحاد الوطني، من اجل توحيد الجهود في النضال ضد الحكم الموالي للأجنبي.
وكذلك في مجال المشاركة في الاحداث السياسية الكبرى في العراق، كثورة مايس سنة 1941، التي كان رئيس وزراء حكومتها رشيد عالي الكيلاني واهم وزرائها ناجي السويدي ورؤوف البحراني ومحمد علي محمود وعلي محمود الشيخ علي ويونس السبعاوي هم من المحامين الذين كان لهم الدور الأكبر فيها.
أما وثبة كانون سنة 1948، فلقد كان الكثير من المحامين اعضاءً في الأحزاب الوطنية والقومية، وساهموا في قيادة المظاهرات الجماهيرية، وتأليب الشعب ضد المطامح الاستعمارية التي جسدتها معاهدة 1948. فدفعوا ثمن ذلك توقيفاً وسجناً وابعاداَ ونفياً.
وفي انتفاضتي سنة 1952 و1956 كانت نقابة المحامين المساهم الأول والاكبر في احداثهما من خلال المظاهرات واقامة المهرجانات والمؤتمرات والندوات واصدار
وفي سنة 1953 اضرب المحامون عندما حاولت السلطات الحكومية نقل السجناء السياسيين من سجن بغداد الى سجن آخر خلافاً لرغبتهم بغداد، فاعتصم هؤلاء وأعلنوا عدم موافقتهم على هذا النقل.
فبادرت الشرطة الى إطلاق النار عليهم فوقع عدد منهم بين قتيل وجريح، وكان من بينهم عدد من المحامين وطلبة المعاهد العالية، فاستفز هذا الحادث الرأي العام بمختلف هيئاته ومنظماته.
فقرر مجلس النقابة دعوة المحامين للإضراب في 21/6/1953، الذي تم فيه الاضراب فعلاً استنكاراً للحادث، وتقرر توجيه مذكرة احتجاج الى رئيس الوزراء وارسال صور منها الى كل النقابات العربية ولجنة حقوق الانسان التابعة لهيئة الامم المتحدة ونقابة المحامين الدولية ورابطة الحقوقيين.
وفي انتفاضة الفلاحين في قضاء الشامية في لواء الديوانية (محافظة القادسية حالياً) سنة 1954 بادرت نقابة المحامين لإرسال وفد من المحامين للدفاع عن الفلاحين والطلبة الذين أوقفتهم السلطة بسبب هذه الانتفاضة.
وبسبب الظروف الامنية التي سادت العراق وازدياد المعارضة الشعبية لمشاريع الحكومة لسيرها في ركاب الدول الاستعمارية، وقيام المظاهرات احتجاجاً على الاجراءات المشددة ضد المواطنين، مستغلة فرض الاحكام العرفية التي كانت سائدة منذ سنوات، طال الاعتقال في الخمسينات عدداً كبيراً من المحامين واعضاء الاحزاب السياسية المعارضة فسارعت النقابة الى تقديم مذكرة احتجاج تطالب بإطلاق سراح الموقوفين وارجاع المنفيين، وإلغاء الاحكام العرفية واجراء انتخابات حرة نزيه، وإطلاق الحريات العامة المنصوص عليها في الدستور.
ومن اجل ذلك كله نال المحامون من عنت وتعسف السلطة السائرة في ركاب الاستعمار الشيء الكثير، فقد سيق عدد كبير منهم الى المحاكم، وصدرت بحقهم احكاما بالسجن، دفعوا فيها ثمن مواقفهم وانتمائهم الى قضايا شعبهم وأمتهم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، سجن كل من المحامين الصحفيين علي محمود الشيخ المدير المسؤول عن صحيفة صوت العراق وقاسم حمودي عن صحيفة لواء الاستقلال وعبد الرزاق شبيب عن صحيفة الأماني القومية وكامل الجادرجي عن صوت الأهالي وعزيز شريف عن صحيفة الوطن وناظم الزهاوي عن صحيفة السياسة.
والخلاصة ان نقابة المحامين شاركت وساهمت مساهمة فعالة في جميع الثورات والوثبات والانتفاضات والاحتجاجات ضد ارهاب الحكومة وقمع السلطات للحريات، التي قامت في العراق منذ تأسيسها الى اليوم.
وبعد 2003 كانت نقابة المحامين في طليعة الرافضين للعدوان الأمريكي حتى قبل حدوثه فأصدرت البيانات التي تفضح نوايا العدوان ومسايرته لمخططات الصهيونية وشركات النفط الكبرى.
وفي سنة 2011 ساهمت النقابة بزخم كبير في المظاهرات والاحتجاجات مشاركة ابناء الشعب باحتجاجاتهم على انتشار الفساد السياسي والمالي الذي عمَّ العراق.
وللاطمئنان على سلامة ونزاهة الانتخابات لعام 2018، ساهمت النقابة بفعالية في مراقبة عملية الانتخاب، ونشرت عدداً كبيراً من المحامين في جميع المراكز الانتخابية، كمبادرة عملية تنم عن احساس وطني عالٍ بدورها كصرح قانوني همه الأول مصلحة الشعب.
وفي انتفاضة تشرين سنة 2019 شاركت النقابة منذ اليوم الأول بالوجود في ساحة التحرير، وسيرت المسيرات انطلاقاً من مقرها في المنصور الى ساحة الاحتفالات في بغداد دعماً للانتفاضة، شارك فيها عدد كبير من المحامين من مختلف المحافظات، وساهمت النقابة في الدفاع عن المنتفضين الذين يتعرضون للاعتداء والاعتقال، وفتحت في مقرها في ساحة الانتفاضة سجلات لتسجيل طلبات المواطنين وشكاواهم وتثبيت حقوقهم، وقد أدى ذلك الى اطلاق سراح عدد كبير من المنتفضين الذين اعتقلوا بسبب مشاركتهم في الانتفاضة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف