الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا ...حتى لا تتحجر قلوبنا

علي أحماد

2020 / 4 / 26
المجتمع المدني


تحامل العالم بشدة على كبار السن مع ظهور فيروس كورونا المستجد باعتبارهم شريحة هشة يسهل عليه الفتك بها ، وانتصر بذلك لنظرية " البقاء للأقوى " . والحق أني صدمت لكثرة عددهم بدور الرعاية في أروبا ، والخوف أن يزيد عددهم في المغرب وواقع الحال يؤكد انتشار دور العجزة والمسنين بأغلب الأقاليم . أنا لست ضدها أبدا ، بل أعتبرها ملجأ آمنا يوفر الدفء الاجتماعي ويضمن الرعاية خصوصا لفئة (من الرجال والنساء ) لم يرزقوا بالأولاد ووجدوا أنفسهم بدون معيل ، سكن قار أو رزق جار . ظل الحسن الثاني يرفض بشدة إنشاء دور للمسنين :
[ في اليوم الذي سنفتح فيه أول دار للعجزة في المغرب ، سيكون مجتمعنا في طور الانقراض....]
يحكى – والعهدة على الراوي – أن أبناء إحدى القرى إذا بلغ الكبر أب أخذه إبنه الى جرف هاوية ورماه من عل . ودأب الأبناء على العادة . ذات يوم حمل شاب أباه الى عين المكان ليلقى الكهل مصير سابقيه . عندما بلغا حافة الموت / الإعدام بكى الشيخ بحرقة فظن الشاب أنه ببكائه هذا يستعطفه ليعفو عنه ، ولكن الأب خاطبه ( إنما البكاء على حالك عندما يحين دورك ) . وقع الكلام في قلب الإبن وقوع الخنجر في القلب فنزعت الغشاوة عن الأعين . أعاده الى القرية متحديا سلطة الجماعة/ القبيلة . من يومها عاش الآباء في كنف أبنائهم سالمين . أوليس إيداع كبار السن ( أمهات وآباء ) في دار المسنين قتل رمزي لآدميتهم وأشد هولا من فعل أهل القرية . على الأقل آباء القرية وعند بلوغ قعر الهاوية تخرج أرواحهم ويستريحون الى الأبد من عقوق الأبناء ...
في فرنسا بعد رفع الحجر الصحي تدريجيا ( ابتداء من 11ماي ) هناك أصوات تدعو الى تمديد الحجر الصحي لكبار السن . إيمانويل ماكرون الذي أعلن عن هذه الفكرة تراجع عن تصريحاته لأنه لا يتمنى " التفرقة بين المواطنين " .
قد تكون مثل هذه الدعوات نابعة من الخوف على هذه الشريحة .خبراء الصحة والفيروسات منذ البداية أكدوا على هشاشة كبار السن أمام جبروت كورونا . والواقع أن ضحايا كورونا من المسنين خصوصا في دور الرعاية الصحية . وهذا لم يمنع أن شيوخا وعجائز تمكنوا من قهر المرض وتعافوا ، وبالمقابل نكل بأطفال صغار و شبان أصحاء . والثابت أن الفيروس قتل الناس من جميع الفئات العمرية ، الجنسية والعرقية والدينية ...وطبقات المجتمع . من المؤلم أن نسمع أن إيطاليا التجأت قهرا الى طب الحروب . تختار من يستحق الحياة ؟ وشاع أن بعض المسنين تطوعوا للموت لإنقاذ أرواح شابة وهذا نبل منهم ، وإن كان حرمانهم من الحياة لا أخلاقيا البتة .
في مجتمعنا وقبل كورونا كنا إذا سمعنا أن الميت كبير السن ارتحنا وهان علينا الموت واستطعنا ونحن نشيعه أن نسير خلف النعش ونحن نتبادل أطراف الحديث وربما بالغنا وتبادلنا نكتا أو طعنا في سيرة الهالك .
لن يقتلنا كورونا قبل آجالنا ولكن الأخذ بأسباب النجاة من موجبات الشرع ومن خاف نجا . كبار السن يضحون من أجل الأبناء ، كنت دائما اسمع أمي عقب كل صلاة تتضرع الى السماء ( اللهم أمتني قبل أولادي ) ....
| ميدلت أول أيام الصيام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين