الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخوان المسلمون وشعرة معاوية: حانت ساعة الحقيقة

حسين عبدالله نورالدين

2006 / 6 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لست مضطرا لتحالفات والدي. كانت هذه العبارة من أولى تصريحات الملك عبدالله الثاني التي أشارت إلى أن عهده سيشهد تغييرات جوهرية في علاقات الحكم مع حلفائه في الداخل وفي الخارج.

كانت تحالفات الملك حسين علنية وواضحة. وأبرزها كان تحالفه مع الحركة الإسلامية. أما الآن فقد اختلف الوضع. لقد حافظ الحكم الأردني طوال السنوات الماضية على شعرة معاوية مع الحركة الإسلامية بكل فئاتها سواء من الإخوان المسلمين أو غيرها من الإسلاميين المستقلين.

وقد شارك الإسلاميون في الحكم وفي الانتخابات ووصلوا إلى مجلس النواب وكانت لهم وزارات احتكروها لسنين (وبطبيعة الحال خربوا فيها وفرضوا نهجهم عليها كما حدث في وزارة التربة والتعليم). ففي أوائل السبعينات سيطروا على وزارة التربية والتعليم من خلال أمينها العام. والعاملون في الوزارة أو الذين عملوا فيها يعرفون عملية الهدم التي وقعت في الوزارة وبالطبع في المدارس والمعاهد ومن خلال تعديل المناهج وفق نظرة الإخوان. والإخوان المسلمون لا يخدمون إلا مصالحهم فقط. ويتخذون من الدين جسرا للوصول إلى السلطة. وهم عندما يكونون في مجلس النواب لم يطالبوا إلا بما كان يخصهم ويخص جماعتهم. وعند التصويت على أي قانون يمس المواطن يعتذرون ويقاطعون الجلسة ويفقدونها نصابها.

الإخوان المسلمون في الأردن أصلا يعملون في الساحة السياسية تنفيذا لمخططات منهجية هم يعرفونها ويقومون بتنفيذها على مراحل وبتمهل وبدون تسرع.

وظل الحكم في الأردن يهادن الإخوان المسلمين ليس من باب الضعف والهوان ولكن من باب المصلحة أولا وإيمانه ثانيا بان الإسلاميين في الأردن لا بد وان يصبحوا جزءً من التركيبة السياسية للبلد فكان يفتح لهم الأبواب والدروب طالما أن نهجهم سلمي وفي إطار القانون.

الآن اختلف الوضع الدولي والإقليمي وكذلك المحلي. الإسلاميون لم يختلفوا ولم يتغيروا. بل أنهم ومنذ استيلاء الملالي على الحكم في إيران اخذوا يستبشرون بالمستقبل واخذوا يستقوون بنهج إيران الجديد. ولا ننسى أنهم عند الحرب العراقية الإيرانية كانوا يصطفون مع جانب إيران ولولا تدخل الملك حسين وربما شيكات صدام حسين لكان لهم موقف آخر. لكنهم في تلك الأثناء كانوا يقومون بمهمة غريبة. مهمة التخريب في سورية. لقد كشف تلك الحقيقة الملك حسين نفسه. ولمن نسي ذلك أقول أن الملك حسين وفي رسالة تاريخية إلى رئيس الوزراء آنذاك زيد الرفاعي وبالتحديد في العاشر من تشرين ثاني نوفمبر عام خمسة وثمانين. ماذا قال الحسين عنهم في تلك الرسالة: "فجأة تتكشف الحقيقة ونتبين ما كنا نجهله ... البعض مما كانت له صلة بما كان يحدث في سورية من أعمال دموية يتواجدون في ديرتنا ويأوون إلى بيوت القلة ممن في قلوبهم زيغ المتسربلين بأردية ديننا الحنيف.... " وفي تلك الرسالة حذر الحسين "الفئة الضالة المضللة التي أساءت إلى ثقتنا فيها بأنه لا مكان بيننا بعد اليوم لغادر أو ماكر أو متآمر أو مؤتمر بأهواء الأعداء والطامعين أو مفسد يسعى للنيل من كلمتنا وعهدنا ..."

واليوم بعد أكثر من عشرين سنة على تلك الرسالة لا بد أن قواعد اللعبة تغيرت. عهد جديد في الأردن. نظام جديد في العراق، رئيس جديد في سورية، ارهاب يلبس لبوس الدين وينطلق من منطلقات فكرية تكفيرية تتطاول على الثوابت وتمارس أعمال القتل والإرهاب باسم الإسلام.

بعد عشرين عاما وبعد أن كانوا يخجلون من إعلان أهدافهم ومواقفهم ويتسترون بكل ما يمكن أن يستر عوراتهم باتوا اليوم يستقوون بالقوى الإقليمية ويتسلحون بالإرهاب الدموي ويتطاولون على ثوابت الأمة بكل غطرسة وبكل غرور.

لقد سمحت لهم السلطات الأردنية بممارسة العمل السياسي علنا في وقت كانت فيه كل الأحزاب السياسية محظورة وممنوعة. وعندما شرعت الأحزاب أقامت الجماعة حزب جبهة العمل الإسلامي كواجهة سياسية لها منذ عام اثنين وتسعين. والإخوان المسلمون عبر حزبهم حزب جبهة العمل الإسلامي يستغلون كل مناسبة وكل فرصة للنهش في المجتمع والنخر في أساساته من خلال تأييدهم لكل الأعمال الإرهابية. أحيانا يعبرون عن موقفهم علنا وأحيانا بطريقة مستترة وخفية.

وهم في السنوات القليلة الماضية بل في الشهور الماضية بلغ بهم الأمر حد الوقاحة في التعبير عن موقفهم فاعتقدوا أن فوز حماس وبغض النظر عن سبب ذلك الفوز وظروفه، فان الطريق فتح أمامهم للوصول إلى الحكم في الأردن. عبروا عن ذلك بكل صلافة وعنجهية وغرور متجاوزين الأعراف والأخلاقيات السياسية التي تعودنا عليها في هذا البلد.

وفي كل مناسبة يتدخلون وليتهم لا يفعلون، في كل مرة يبررون الإرهاب ويركبون مطية التدخل الأجنبي. يبررون الإرهاب بأنه رد فعل على ما يسمونه استهداف الولايات المتحدة للأمة ودعمها لإسرائيل والآن يضيفون الاحتلال الاميركي للعراق إلى جانب مبرراتهم السابقة. وآخر ما تفتقت عليه قريحتهم القول أن تضخيم أعمال الإرهاب إعلاميا هو مصلحة اميركية للتعتيم على ما يسمونها المقاومة العراقية. والى هذا زادت عقلية التبرير القول انه من الصعوبة بمكان كبير الجزم ما إذا كان هؤلاء الإسلاميين أي جماعة الزرقاوي مثلا هم الذين يمارسون هذه الأعمال الإرهابية ضد الشعب العراقي. أي إسفاف هذا وأي ابتذال في تبرير الإرهاب وتوظيفه لخدمة المصالح الأنانية الضيقة؟

أما ما وقع في الأيام القليلة الماضية والتي أعقبت مقتل شيخ الذباحين الزرقاوي واعني ما قام به عصابة الأربعة أي النواب الأربعة في البرلمان الأردني الذين قدموا التعزية بالإرهابي أبو مصعب وتبرير أعماله ووصفها بأنها جهاد إسلامي فقد كان هذا العمل المخزي آخر ما في جعبتهم لكشف حقيقة حركتهم وجماعتهم.

لقد انكشفوا على حقيقتهم وبانت النوايا وما تخفي الصدور. فهم في هذه الخطوة يباركون صراحة ويؤيدون بصورة لا تقبل التأويل الأعمال الإرهابية التي يرتكبها حملة الفكر التكفيري المشوه. وتصريحات النائب محمد أبو فارس كانت بمثابة فتوى تضفي الشرعية على تلك الأعمال الإرهابية القذرة.

وقد سبق للإخوان أن برروا عمليات تفجير الفنادق وعملية العقبة ورفضوا الاقتناع بان منتمين لحماس يهربون السلاح ويخزنونه على الأرض الأردنية كما سبق لهم أن برروا ودافعوا عن خلية الجيوسي التي كانت تأتمر بإمرة الزرقاوي.

كانت زيارتهم لبيت عزاء الإرهابي إهانة لمشاعر الأردنيين ولدم الشهداء الذين قضوا في العمليات الإرهابية التي أعلن الزرقاوي علنا وبفخر مسؤوليته عنها. وفي الوقت الذي استكثر فيه النائب أبو فارس ومعه بيان حزب جبهة العمل الإسلامي إطلاق تسمية الشهداء على ضحايا الإرهاب أعطوا تلك الصفة لإرهابي محترف الذبح رذله المسلمون الأتقياء والمواطنون الشرفاء قبل أن تقتله القنابل والرصاصات.

لقد قطع الإخوان بهذه التصرفات شعرة معاوية التي كانت بينهم وبين المواطن الأردني قبل أن تكون بينهم وبين الحكم. وهنا نستذكر عبارة الملك عبدالله الثاني التي قالها في بداية عهده الميمون: لست مضطرا للإبقاء على تحالفات والدي. حان الوقت لاتخاذ الخطوة الحكيمة الجريئة ووضع الأمور في نصابها. لا بد من تحجيم الحركة الإسلامية وإخضاعها لمنطق الأشياء. فجماعة الإخوان المسلمين مسجلة أصلا كجمعية خيرية ويجب أن لا تخرج عن هذا النطاق. وإلا فيستوجب حلها واعتبارها خارجة على القانون ومن أراد العمل في السياسة من الإسلاميين فعليه بالأحزاب ومنها حزب جبهة العمل. لقد أن الأوان أن توقف جماعة الإخوان عند حدها فلم يعد مقبولا أن تظل تحمل سيف الله المسلول تسلطه على رقاب الناس وكأنها حامية الحمى وأتباعها سدنة الدين والحق. ويصدق فيها المثل الذي يقول: إذا أعطيت الفار جبنة فانه غدا سيطلب حليبا.

لقد فقدت هذه الجماعة مصداقيتها وحانت ساعة الحقيقة بالنسبة للدولة لتخليص المجتمع من فسادها وإفسادها. فهذه الجماعة لا تملك خطابا سياسيا مقنعا وإذا وضع خطابها المعلن على محك التحليل العلمي الرصين فانه سيكون ضعيفا وباهتا. وهم في سبيل الوصول إلى أهدافهم يتلونون ويظهرون أنفسهم بأنهم ديمقراطيون لان عندهم الغاية تبرر الوسيلة.

حسين عبدالله نورالدين
كاتب صحفي
عمان الاردن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي