الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هرطقات كورونية

الحسين افقير
كاتب مغربي .

(Houcine Oufkir)

2020 / 5 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هل من مات بسبب كورونا يمكن أن نعتبره شهيد ام ماذا ؟ ام ان شيوخنا الأشاوس عجزوا عن كبح لسانهم السليط والطويل الذي يخوض في كل شيء، حتى اختصاصات الطب الحديث وأعظم المنظومات الصحية في العالم صمتت، ما هي حكاية جند من جنود الله التي نسمعها صباحا مساء على مواقع التواصل الاجتماعي، هل إذا كان حقا هذا الوباء جند من جنود الله، فلماذا يا ترى يصيب حتى المسلمين، ويغزو أقدس وأطهر بقعة على الأرض، ام أن هذه الجنود أصابها السعار، وأصبحت تخطيء وتضرب يمينا ويسارا، ولم تعد تفرق بين المؤمنين والكافرين، كيف يقبل العقل البشري في هذا العصر بأن كورونا جند من جنود الله، وبأنهم جاؤوا من أجل تطهير الأرض من المفسدين حسب كلام بعض الشيوخ .
منذ الإعلان عن هذا الوباء وإدراجه ضمن خانة الجائحة من طرف منظمة الصحة العالمية، حتى بدأنا نرى خرجات بعض من يدعون العلوم الشرعية، ونسمع العشرات الفيديوهات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يدعون بالموت على الآخرين (الكفار) ويهللون ويكبرون فرحين بهذا الوباء أو الأصح في نظرهم جنود من الله ، جاؤوا لنصرتهم.
هل فعلا هذا الوباء جند من جنود الله ، وأنه جاء ليذكرنا بأنه هنالك خالق في الأعالي غاضب على تصرفاتنا وأفعالنا، وأن هذا الفيروس اللعين ما هو إلا عقاب من الله ضد كل من طغى وتجبر وأهمل صلواته الخمس، وذهب بعض الشيوخ الاجلاء ان ربطوا سبب ظهوره في الصين بأن الصين اضطهدت مسلمي الإيغور ومضايقتهم لهم ومنعهم من ممارسة شعائرهم ، وأن هذا الفيروس الذي ظهر بين ظهرانيهم هو عقاب من الله ضد السلطات الصينية انتقاما لما حدث لجماعات مسلمي الإيغور ، لكنهم نسوا أن هناك في الصين الآلاف من المسلمين العرب يعملون في الصين، وهناك الآلاف من الطلبة يدرسون في الصين ، معتبرين ان هذا الفيروس لا يدخل إلى الدول المسلمة التي تصلي ليل نهار ، لكن ما إن بدأت تظهر عشرات الحالات في بعض دول المسلمين حتى إنقلب رأي الشيوخ في هذا الفيروس وتم تكيف جريمته من جند من جنود الله إلى ذكرى للمسلمين ليعلنوا التوبة والاستغفار من الأعمال التي اقترفوها طيلة حياتهم ، واستشهدوا بقول الله تعالى في كتابه العزيز" وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر" (31) سورة المدثر.
المشكلة أننا حينما نعجز عن فهم بعض الظواهر نلتجئ إلى الدين ونعتبره هو سوبر الحلول ، وحسب فيديو بثه أحد الدعاة الإسلاميين على حسابه في موقع “فيسبوك”،يقول: “فيروس كورونا إنذار للبشر، فهؤلاء الصينيون يرتكبون أنواعا فظيعة من المجازر بحق هذه الفئة المستضعفة من المسلمين، حيث يحاصرون مليون شخص من فئة الإيغور وينتهكون أعراضهم، ويمارسون ضدهم إبادة جماعية في وضح النهار، في وقت عجزت فيه أمة المسلمين عن نصرتهم”.
وأضاف: “فيروس كورونا هو جُند من جنود الله (وما يعلم جنود ربك إلا هو)، فاليوم يتساقط الناس بسببه كأنهم حشرات. هم (السلطات الصينية) حاصروا مليون مسلم فإذا بهم محاصرين بأكثر من خمسين مليون شخص بسبب هذا الفيروس، الذي يجتاحهم ولا يجدون له دواء لأنه أمر الله الذي لا راد لحكمه. (ولله جنود السماوات والأرض)، فالله عنده جنود منهم الملائكة والفيروسات والمصائب، وإذا أراد أن يسلطها على ظالم فلن يرده شيء في الأرض ولا في السماء، حيث دمر قوم عاد بالريح وثمود بالصيحة و أغرق قوم فرعون بالماء، وهو الآن ينصر الإيغور ضد السلطات الصينية الظالمة بفيروس كورونا”.
إذا أخذنا كلام الداعية على محمل الجد هل كل ما قاله صحيح، لكن لنرى نقيضه وهو قول الأستاذ أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، أن ما يقال بأن فيروس كورونا جند من جنود الله " فكر ضلالى مرضى" وفهم خاطئ للنص القرآني، حيث أن الكثيرون قد يفهمون النص القرآني من ظاهره.
وقال الدكتور أحمد عكاشة، أن لكل داء دواء وأن مثل هذا الفهم الخاطئ عن ان فيروس كوورنا ابتلاء مجرد كلام يقال للعامة ليس له أساس من الصحة.
وأوضح أنه من الضرورى استخدام العقل في فهم النص القرآني وهذا يسمي تنوير الدين.
وأشار إلى أن ثقافتنا المصرية بنيت على العقاب وليس الثواب، فنحن ننظر لعقاب الله ونار جهنم وليس الثواب وهو الجنة، وهذا جزء من تربيتنا، موضحا أن دين الإسلام هو دين تفاؤل وحياة وسعادة.
ومن خلال كلام الداعية وقول الطبيب النفسي نستشف بأن الإنسان هو أصل الشرور وأن الله رحيم بعباده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تعتزم فتح مكتب لها في بغداد • فرانس 24 / FRANCE 24


.. نحو مليوني شخص يؤدون شعائر الحج رغم ارتفاع درجات الحرارة




.. مظاهرات تضامنية مع أهل غزة ضد العدوان الإسرائيلي في مدن أورو


.. خليل العناني: هناك حالة استنزاف واضحة لأمريكا لأنها داعم رئي




.. حجاج بيت الله ينفرون إلى مزدلفة بعد وقوفهم في صعيد عرفات حتى