الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صَيرفي الأفكار _ عن مغالطة التوسل بالأكثرية

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)

2020 / 5 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


( صَيرَفِيُّ الأفكار _ عن مغالطة التوسل بالأكثرية )

قلم #راوند_دلعو

[[[ الانتشارية الواسعة مؤشر دقيق على نجاح المرض و فاعلية الجراثيم و الفيروسات المسببة له في الفتك و الإتلاف ... فها هي تتكاثر و تنتشر بسرعة مخيفة ... ! ]]]

هذا هو جوابي إليك عزيزي المتأدلج الذي اضطجعت و تشفترت علينا متفاخراً بأن عقيدتك هي الأكثر و الأسرع انتشاراً في العالم ! فقد تكون عقيدتك مثل الجرثوم من حيث الضرر و الانتشارية ! فعلامَ تتفاخر ؟

و سأعلنها في أذنك واعية صريحة .... إن وجود ملايين الناس الذين يشاطرونك نفس الأفكار و العقائد لا يعني و لا يقتضي و لا يدل على أنك تحمل فكراً صحيحاً مطابقاً للحقيقة ... بل حتى لو اتفق كل البشر على تبني عقيدتك ، فلا يشكل ذلك دليلاً يقينياً على صحة ما أنت عليه ... إذ قد يكون فكرك مرضاً فتاكاً و بحاجة إلى العلاج بالكيماوي و المبيدات الحشرية ... !

نسمي هذه الطريقة المبنية على الاستدلال بكثرة عدد الأتباع بمغالطة التوسل بالأكثرية أو عربة الفرقة أو الحجاج الجماهيري !

#الحق_الحق_أقول_لكم .... إن صحة الفكرة من عدمها لا علاقة له بعدد المعتنقين و الأتباع ....

ففي حالة الديانة المحمدية مثلاً ... لطالما تدخل السيف و الإرهاب و الجنس و المال و شتى صنوف الإكراه في عملية إخضاع الناس و اللعب عليهم و من ثم تغيير الديموغرافيا البشرية لصالح تشكيل غالبية محمدية من البشر في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا و آسيا الوسطى ...

و كذلك الأمر في حالة الديانة المسيحية ، إذ لطالما مورس الإرهاب الكنسي حول العالم منذ مطلع عصر الكشوف الجغرافية ... حيث قرر الكاهن المسيحي الكاثوليكي وقتئذٍ اقتباسَ فنون و أساليب الإرهاب الجهادي التوسعي من جماعة محمد ... فنشر بذلك الكاثوليكية في العالم الجديد و أباد شعوباً كاملة في قارتي أمريكا و أوقيانوسيا لنحصل على غالبية كاثوليكية في هذه الجغرافيا !

و في المقابل ... بقي أتباع المنهج العلمي التجريبي أقلية قليلة في أوروبا المسيحية و ذلك لمئات السنين خلال القرون الوسطى ، حيث حاربتهم الكنيسة و تفننت في اضطهادهم و إبادتهم و وصفهم بالزندقة و الهرطقة ! ... فهل كونهم أقلية في تلك الحقبة يجعل مِن منهجهم العلمي التجريبي مخالفاً للحقيقة بينما منهج الغالبية الكهنوتية الكاثوليكية مطابقاً للحقيقة ؟

ثم دارت الأيام ، و تحررت أوروبا بفضل أصحاب المنهج العلمي التجريبي ( كوبورنيكوس و غاليليو و أتباعهم ) ، فاكتشف الناس أن منهجهم التجريبي هو السبيل الوحيد لاكتشاف الحقيقة بالرغم من أنهم أقلية في ذلك الزمان !!!

و هنا نجد أن عدد أتباع فكرة ما ، لا يدل على صحتها أو عدم صحتها !

فتخيل معي عزيزي القارئ أن يجتمع محمدي مع مسيحي و هندوسي في جلسة حوار ...

سيقول المسيحي : نحن ملياران ، و بالتالي نحن على حق إذن ، لأننا الغالبية !

و يجيب المحمدي على الفور : كذبت بل نحن أكثر !! فالإحصائيات الزائفة تصدر من دولكم الغربية المسيحية التي تتحيز لكم فتقلل أعدادنا و تكثر أعدادكم !! نحن على الحق !

يقاطعهما الهندوسي : بل نحن نمتلك الحقيقية ... لأننا بمئات الملايين !

ثم يأتي البوذي و الشنتو و الكونفوشيوسي و و .... الخ

إنها مغالطة التوسل بالأكثرية .... كل من هؤلاء لديه مئات ملايين الأتباع ! فمن يمتلك الحقيقة ؟

الجواب : لا أحد من هؤلاء يمتلك الحقيقة ! و إنما أصحاب المنهج العلمي التجريبي ... و قد كانوا أقلية لا تذكر ! فهم الذين امتلكوا المنهج الأقرب لنظرية المعرفة الحديثة التي أحدثت الثورة العلمية.

و من هنا نجد أن صحة الفكرة من عدمها لا علاقة له بعدد الأتباع ... فالعدد تابع للظروف السياسية و العسكرية غالباً ...

فلو هُزم المحمديون بعد موت محمد لكان عدد المحمديين اليوم صفراً ... ( و لاسترحنا من رب هذه الطائفة الإرهابية بشتى مذاهبها ) !

و لو هُزِم المسيحيون في معركة بواتييه لكان عددهم صفراً ...

و لو فشلت الثورة البلشفية في روسيا لكان عدد الشيوعيين صفراً ... و هكذا ...

و من هنا ، علينا أن نتقبل الحقيقة التي تؤكد على أن ظروف البشر السياسية و العسكرية و التاريخية هي التي رسمت خريطة كوكبنا الديموغرافية و وزعت السكان بهذه الطريقة اليوم ... نعم إنها الظروف السياسية و العسكرية و ليست قوة الأفكار و رصانتها من الناحية المنطقية.

و قبل أن أنهي شذرتي هذه أحب أن أنوه إلى نقطة ضعف أخرى في مغالطة التوسل بالأكثرية أو الحجاج الجماهيري ، و هي أنها زئبقية متغيرة ... أي أنها تتغير بتغير الزمان و المكان !

فلو تحاور محمدي مع مانوي في القرن السابع الميلادي ( المانوية هي الديانة التي كانت تسود الشرق الأوسط في القرن السابع الميلادي ) لكان الاستدلال بالعدد في مصلحة المانوي ... لأن الغالبية السكانية كانت لمصلحته مقارنة بالمحمدية حديثة العهد.

أما لو تحاور محمدي مع مانوي اليوم ، فسيصب الاستدلال الزائف بالعدد في مصلحة المحمدي و ذلك بسبب شبه انقراض للمانوية و تلاشي أتباعها !!

لو تحاور محمدي مع هندوسي في القرن الرابع عشر الميلادي لصب الاستدلال الزائف بالعدد في مصلحة الهندوسي ... حيث كانت الهندوسية تتفوق على المحمدية من حيث عدد الأتباع ... أما اليوم فتتفوق المحمدية ...

و كذلك الكاثوليكي ... لو حاور محمدياً سنياً في القرن الثالث عشر الميلادي لصب الاستدلال بالعدد في مصلحة المحمدي السني ... أما اليوم فيصب في مصلحة الكاثوليكي !!!

أما المحمديون الشيعة فلا أمل لهم ، فهم دائماً أقلية مقارنة بالغالبية السنية !!!

و هنا نجد مدى هشاشة و سطحية و زئبقية الاستدلال بعدد الأتباع.

الخلاصة :

في ضوء ما سبق ... إذا أردت الحكم على فكرة ما ... فلتتجاهل عدد معتنقيها أثناء وزنها بميزان المنطق و الدليل ...

زِن فكرتك بتجرد تام عن عدد أتباعها و معتنقيها ... فالمنطق السليم النابع عن العقلانية الحرة هو الصّيرَفِيُّ الوحيد للأفكار ... يكشف زيفها و يفصل غثها عن سمينها ...

و في النهاية لا يصح إلا الصحيح ... !

هامش :

نسخة إلى جماعة المليار ونص.

و جماعة المليارين !

و السبع مليارات!

و جماعة نحن الأكثر انتشاراً !

و جماعة تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم المنظمة العالمية لحقوق اللاجئين !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس


.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت


.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا




.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية