الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاريخ والموروث الثقافي..تأسيس ممنهج لتحييد العقل وتغييب الوعي لدى الإنسان

عبدو اللهبي

2020 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قديماً كانت الناس تجعل من الطغاة أنبياء ورسل وربما آلهة .. كانت القوة هي المحرك الفعلي للتاريخ ..وعامل ديناميكي في تطوير الفكر والحياة الإجتماعية والسياسية وفقاً لعامل الغلبة والتسلط والإستحواذ ..هذه الظروف أدت بطبيعتها إلى خلق بيئة موائمة وخصبة لمثل هذه الأفكار ..نتجت عنها مراحل تاريخية مظلمة وخانقة،
ونتاجات ثقافية ودينية وموروثات فكرية كلها متورطة ومشكوك فيها وفي نظافتها من إمدادات قوى الإستبداد، وتزوير رجال القوة والمال على مر العصور والتاريخ..
الإيمان المطلق بنظافة مابين أيدينا من تراث هو منطق العقل الغبي والخانع..
فحين نقراء الموروث التاريخي قرأة منطقية وعقلانية،نرى أن الأحداث المقدسة كانت تتطور وتتبدل وفقاً للأزمنة والأمكنة ومكامن القوة للراوي..
ولا علاقة لها بمصاحبة الحقيقة..وكل الدساتير البشرية والمقدسات أُنتجت في لحظة تاريخية حرجة للعقل والإنسان،تخدم مصلحة تلك الفئة من الناس في ذلك الزمان والمكان..
ونحن في هذا العصر لسنا ملزمين ولا مجبرين بالأيمان بكل منتوجات التاريخ والموروثات الثقافية التي بين أيدينا نقدسها قداسة الأعمى، ونمارسها كفعل القطيع..
بل نحن ملزمين بإعمال أزميل النقد والتهذيب فيها، وقرأتها قراءة تصحيحة وتهذيب مسارها ونصوصها، وتقديمها بما يواكب روح العصر وحداثته..
هذه أمور ستسهم في خلق جيل أكثر وعياً ومسؤلية في التعامل مع التراث والتوفيق بين الماضي والحاضر، والإرث التاريخي والمعاصرة..
إن الأيمان بمبدأ كل شيء متغير ولا وجود لشيء ثابت..مبداء أساسي لفهم ماحولنا وإدراك المتغيرات والأحداث وفهمها بالشكل الصحيح..
دوماً تتكون نظرات الوعي لدى الإنسان من الفلسفة والعلوم المعرفية، فتدفق المعارف والقراءات الى المخ، يعطي إشارات بمعالجتها ودراستها وإعطاء الرأي المنطقي فيها..
لذلك من غير المعقول أن تثق بعقلك وقدرتك في تشخيص الحقيقة، وأنت لم تقراء الكثير من المعارف او تخوض في صراع المدارس الفلسفية وتجهد عقلك في البحث والتفكير على المدى الطويل..اذا ماتؤمن به على أنه حقيقة، هو وهمٌ كبير يعشعش في رأسك توارثته من أهلك ومحيطك الإجتماعي ولا علاقة له بالحقيقة والوعي..
لذلك من الإنصاف النظر الى الأشياء بعمق، ومنح نفسك وعقلك الكثير من الوقت للتأمل والتفكير قبل الحكم على الأشياء وإعطاء الرأي المباشر فيها..
فتاريخنا البشري مليء بمشاهد من اللصوصية والتزوير..وعلى هذا أصبحت علاقتنا نحن البشر أيضاً..
وبقيت تلك الأفكار محتفظة براهنيتها إلى يومنا هذا.. وهكذا أصبحنا شعوب نمارس الهيمنة ضد كل شيء ..ونخلق المستبد في كل شيء ونقدسه .. في التاريخ والأدب والفكر والدين والحياة والسياسة..
شعوب مرتهنة بالتراث، وبعيدة عن أي مساعي إنسانية وقيم أخلاقية مشتركة بين جميع البشر..
يرى الفيلسوف هيدجر أنّ الإنسان يُقذف إلى واقع لم يشارك في بنائه، ويرغم على الإمتلاء بمعلومات لم يكن له يد في أختيارها وصناعتها..لهذا السبب أرى أنه من الضروري الأيمان بطريقة فلسفية بأن كل الحقائق والمعارف التي ورثناها هي خاطئة الى أن تثبت صحتها.. فالفلسفة هي أن ترى العالم مقلوباً، اي أن تنظر الى الأشياء والمعارف والموروثات من زاوية مختلفة وتدرس الظواهر والأسباب التي أنتجت هذه الثقافات والمعارف الموروثة..
بهذه الطريقة الوحيدة يمكننا الوصول الى نتائج مرضية ومنطقية لنا ولمجتمعاتنا، تسهم في تعزيز الوعي والثقافة ودعم الروابط الإنسانية المشتركة التي حجبتها عنا ثقافاتنا وموروثاتنا المليئة بالإشارات العنصرية والتحقيرية لمجتمعات بشرية معينة او ثقافات أو أديان مختلفة..
فنهضة الشعوب والأفراد تكمن في أيمانهم العميق بقبول النقد والرأي والرأي الآخر وتعزيز حرية التعبير وقبول الإختلاف ودعم قنوات التغيير ومد يد السلام لكل الناس بإختلاف أشكالهم ومعارفهم ومسمياتهم، وأن نكون على مسافة قريبة بين جميع الأفكار والمجتمعات..،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah