الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الرحمن أوميرة .... نمرُ الصومام [3/3]

الطيب آيت حمودة

2020 / 5 / 10
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


....
[ميرة ] .... وطموح قيادة الولاية الثالثة :

استشهاد قائد بمواصفات عميروش صعب تعويضه ، فإن جاء الكولونيل فيريروش لقيادة الولاية بحكم رتبته ، غير أنه رجع لتونس لصعوبات ألمت به ، وهو مازاد من طموح ميرة خلافة عميروش في منصب قيادة الولاية إعتماد على تكليف من هيئة أركان الشرق و (رسالة خطية من عميروش) [7]، وإشارة لعبد الرحمن ميرة فى أجندة الشهيد [8] ، وقد سبق لعميرش ان ترك نائبا رسميا له هو الكومندان محند أولحاج وفق محضر إجتماع علني موثق ، ومؤرخ في 4مارس 1959 [9] ، وهو ما أحدث إشكالية بين من هو أحق برئاسة الولاية الثالثة ، أهو ميرة ؟ أم محند الحاج ؟

° تشير التقارير الفرنسية أن ميرة عند وصوله لمشارف منطقة القبائل شُوهد يوم 9 أفريل 1959 في قرية [ بهاليل] واجتمع بمسؤولي دوار [ أغبالوا ] لتوضيح الإجراءات الإدارية و السياسية والعسكرية وبرفقته الكتيبتين 322 و 323 ، حيث جرّد 20 ضابط من مسؤوليتها وأعدمها جميعا بتهمة رفض الأوامر . وكان ميرة في حالة انتظار وصول كتيبة من تونس تم رصدها في نواحي بجاية . [10] .

وفي 20 /4/59 وليتمكن من ضبط الولاية الثالثة عسكريا عمد إلى ترقية المسبلين إلى جنود ووزع عليهم الألبسة وفتح لهم مراكز التدريب .
وفي اجتماع له بتاريخ 21 افريل 1959 مع ساكنة ( أقبو /تازمالت) أعلن عن رفع منح أسر المجاهدين من 750 فرنك إلى 1000 فرنك ، وتخصيص 200 فرنك لكل فقير ، وفي 20جوان انعقد إجتماع كبير في غابة ( زين ZENN ) بأكفادو لإعادة تنظيم هياكل الكفاح لوجود معضلة عملية المنظار ، أوقف محاكمات المُتهمين بالزرق ، أعفى عن 64 مجاهد من الموت كان محكوم عليهم بالإعدام إثر عملية الزوق وناقشهم وأقنعهم بالعودة إلى وحداتهم .

في ( أزرو إرحبان IRBAN ) الصخري 9 /7/59 ، بعد فاجعة حصار المستعمر لثلاث مغارات كانت تأوي الجنود ، استشهدوا خنقا بالغازات ، أصدر ميرة أمرا بمنع الإلتجاء والإختباء داخل المغارات .
° تقديري أن الولاية الثالثة عرفت تدهورا تنطيميا بعد استشهاد عميروش ، فمن جهة تعاظم الخطر الفرنسي إثر تطبيقه عملية المنظار الخطيرة ، ووجود إشكالية لبلويت ( الزرق) التي لازالت أثارها قائمة والتي سببت إنهيار المعنويات ونقص تعداد الجيش ، وتمزيقه إلى وحدات أصغر [ أفواج ومجموعات] ، وانقسام الولاية بين زعامتين شرقية (المنطقتان 1و2 تحت نفوذ الكومندان عبد الرحمن ميرة ، والغربية المنطقتان 3و4 بزعامة الكولونيل محند أولحاج ، ) وهو ما أحدث صراع وانشقاق طال أمده لمدة ستة (6) أشهر ، فتاهت الولاية بين سياسة زعيمين لكل مبرراته ، وهو ما خلق تذمرات وعصيان و قلاقل غذَّتها فرنسا بدعاياتها ، واتضح ذلك في معارضة [عميروشن الطاهر الكاتب السابق لعميروش ] و [عبد الحفيظ أمقران ]اللذان استُبعدا تعسفا وعينا للإلتحاق بالولاية الأولى ، وهو الأمر الذي أدى إلى ظهور جماعة من الوسطاء العقلاء و فيهم بعض الراداكليين الذين نادوا بعقد مؤتمر التصحيح و الإجماع ، سمي بمؤتمر الضباط الأحرار .

°°مؤتمر الضباط الأحرار 14 سبتمبر 1959 .

هيئة من ضباط الولاية الثالثة هالهم حالة الولاية والإنشقاق الذي حدث فيها إثر استقطابات بين زعيمي الولاية الثالثة ، فحضّروا لاجتماع برئاسة ( زوال علاوة).
جرى المؤتمر داخل تراب الولاية وبعلم من قائدي الولاية ، برئاسة المدعو [ زوال علاوة ] ومشاركة ضباط عسكريين مسؤولين من مختلف مقاطعات الولاية الثالثة .
أنهي المؤتمر بتقرير وُجّه لرئاسة أركان الشرق ، والحكومة المؤقتة بتونس في ثلاثة من المحاور .
أولها :
دواعي الإجتماع التي حصرها في أنهيار أساليب التسيير وتخلي قائدي الولاية عن مهامهما بأوامر وسلوكات تتنافى وقرارات الصومام وانهيار العمل التنظيمي الذي كان معمولا به ، وهو ما يستدعي علاجا متسارعا لاخفاقات الولاية و تدهورها عسكريا واقيصاديا وما رافق ذلك من هبوط للروح المعنوية عند الشعب .
ثانيها :
المطالب التي تتلخص في ضرورة احترام قرارات وتنظيمات مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 ، وقرارات الحكومة المؤقتة ، ومحاربة أوامر المحسوبية بكل أشكالها ومظهرها ، إنهاء التوقيف التعسفي وسوء المعاملة ضد العسكريين والمدنيين ووقف أوامر التصفيات الجسدية بلا محاكمة عادلة ، ايقاف مهازل التعيينات والتحويلات من جانب واحد ، ووضع حد للمارسات المؤدية لاستسلام ، ثم المطالبة بإجراء رقابة نوعية على ميزانية الولاية بدأ من مارس 1959 ( تاريخ استشهاد عميروش ) ، ومحاربة الدعاية الكاذبة الإنهزامية التي تبعث الريبة والشك بين صفوف جنودنا ، وبناء الثقة بين الشعب وثورته .
ثالثها :
وهي عبارة عن قرارات المؤتمر التي تنص على :
1)تبليغ هيئة الأركان للشرق والحكومة المؤقتة بالحالة المؤسفة التي آلت إليها الولاية الثالثة وإعلامهما بقرارات المؤتمر .
2) رئيسا الولاية [محند أولحاج] و[ عبد الرحمن ميرة] مدعوان لتوقيف نشاطهما في انتظار قرارا الحكومة المؤقتة وقيادة الأركان .

3) ضُباط المناطق مطالبُون الإستمرار في مهامهم حسب ما تمليه قرارات المؤتمر .

هذا الشد والجذب حول قيادة الولاية الثالثة أنهته برقية صادرة عن هيئة أركان الشرق مؤرخة 1 أكتوبر 1959 لتنهي جدل الصراع ، وتعين رسميا محند أولحاج كقائد للولاية الثالثة ، وتأمر ميرة وجموع ضباط ووحدات الجيش في الولاية الثالثة الخضوع لأوامره ، ... وستتأخذ إجراءات قاسية ضد المخالفين ......
من حسن الحظ أن هذه البرقية وصلت متأخرة وبعد إستشهاد عبد الرحمن ميرة [ بخمسة أيام ] ، في كمين يوم 6 أكتوبر 1959 ، وإلا لوقعت كارثة تقسيم الولاية إلى معسكرين .
°° بالرغم من فوز الكولونيل محند أولحاج بقيادة الولاية رسميا ، إلا أن التوترات والإختلافات استمرت بينه وبين الضباط الأحرار ، فلولا جهود قائد الفيلق العائد من الولاية الأولى النقيب [ بوعوينة اعميرة ] لوقعت .تصادمات دموية

حنكة النقيب[ بوعوينة اعميرة] الذي يتمتع بسمعة طيبة بين الفريقين وحكمة الكولونيل [ محند أولحاج] أنهيا أزمة الضباط الأحرار بعد اجتماع مراطوني حضره جل الضباط من الطرفين ، وتم الإعلان رسميا ( حل هذه المجموعة ) وسط تطمينات وعهود بعدم متابعتهم وملاحقتهم عن فعلهم ، وبذلك طويت أخطر عملية هددت كيان الولاية لأزيد من سنة ، بالإبتهاج ودموع الفرح ، وتبادل التحايا والقبلات إستعدادا لاستكمال المشوار مع مستعمر بدأت علامات الإنهزام تدب في كيانه بعد انشقاقات في صفوفه بين معارضين وموالين لسياسة ديغول تجاه المعضلة الجزائرية [11] .

°°استشهاد نمر الصومام .

يوم 6 أكتوبر 1959 كان يوما حزينا كئيبا ، فقد سقط [الرائد ميرة عبد الرحمن ] شهيدا في كمين جهة ( إشلاظن) و(إثمقدم ) قاصدا قرية [ مليحة ] في منخفض يلتقي فيه واديان في مكان لا يبعد سوى ب 1 كلم عن مركزقيادة أرتوا ARTOIS للجنرال شال في إطار عملية جوميل ( المنظار) ، وعلى يد جيش الفيلق الأول للفرقة الثانية للمشاة( البحرية الجوية ) بقيادة القبطان ( ألفونس تريغر) ، كاد أن يفلت وراء صخرة ، لكن إرادة الله قدرت أن يستشهد في ذلك المكان ومعه (المولود نيث عطا ) ، ومنذ ذلك الحين حمل المكان إسمه ( أسيف أميرة ) ، إنها قطعة رمزية حررها ميرة من نير الإستعمار، مات النمر مضرجا بدمائه ، أُُخرج بصعوبة من الوادي ، ونقل جثمانه على ظهر حمار مستعرضا متأرجحا يمنة ويسرة ، أحس الحمارُ بثقل المهمة فسار بتأددة وحزن وكأنه يعلمُ قيمة من على ظهره .
نقله المستعمر إلى مركز [ ثيزي نصليب] مرُورا بأثعنان ومعه رأس مرافقه يقطر دما بدون جثة ( فصلوا رأس المولود نيث عطا ) وتركوا جثته بدعوى أنها مشوهة ، ومن ثيزي نصليب نقلوه على متن مروحية إلى كبريات ثكنات أقبو لفحص جثته و التأكد منها ، حيث أكد أ حد المسجونين الأقرباء بأنها جثة ميرة لا شك ، و قدم له الرتل العسكري التحية العسكرية عرفانا بشجاعة عدوهم ، ....أعلموا الجنرال فور FAURE بالخبر ، و وعرضوه في ساحة عامة بأقبو كتشهير بنهاية الثورة ، وفعلوا ذات الشي في قريته تاغلاط ، وقد حاولوا نقله إلى [ تازمالت ] لكن شيخ بلديتها رفض ، واتجهوا به أخيرا على ظهر مروحية إلى وجهة مجهولة ..... قيل بعدها أنه مدفون في ثكنة عسكرية ببوقاعة la fayatte ، والأمر يحتاج إلى توثيق وتأكيد .

°° لا شك وأن استشهاد ميرة كان بسبب خيانة [12] صعبٌ كشفها ، فالكمائن عادة ما تتم بعد عمل أستخبارتي مكثف ، فقائد الولاية لا يتحرك إلا مدعوما بكتيبة من الجنود ، لعلها كانت متأخرة نسبيا عن الحادث أو أنها لم تحسن حماية قائدها ، (فالقبطان تريغر) أمر عساكره بالإسراع في إخراج جثماني الشهيدين قبل وصول كتيبة التحرير ، فقد حاول نجل ميرة ( طارق) ملاقاة تريغر بعد الإستقلال ،هذا الأخير رفض المقابلة لكنه أرسل له بعض الوثائق الخاصة بأبيه جردوها منه وهي عبارة عن أوسمة ووثائق مكتوبة وأوراق نقدية .
فالشهيد أصيب بقنبلة متعددة الشظايا ( lance patate) يتضح أثرها على شاربه الأيمن ، وانكسار ذراعه الأيسر ، في حين أن رفيقه تعرضت جثته لاتلاف شبه كلي لهذا فصلوا رأسه وحملوها معهم وهي تقطر دما ، أما الأربعة جنود الذين هم بعيدين نسبيا عن الحدث فقد لاذو بالفرار بعد أن تعذر عليهم المقاومة .

°° انتشر خبر استشهاد ميرة سريعا ، فكتب الجرائد الخبر على صفحاتها الأولى بالبنط العريض -كما فعلوا سابقا مع عميروش -، و ترك الحدثُ حزنا عميقا بين المناضلين و الشعب ، وكان استشهاد الأبطال هو ايذان بميلاد أبطال جدد يكملون مسيرة التحرير .
°° ،عرفانا بشجاعته وجهاده المتواصل ، قُلد بعد إستشهاده [ بوسام الشهيد] بمناسبة أول نوفمبر 1984 ، وبعدها في 10 نوفمير 1986 تم تعديل رتبته العسكرية باقتراح من وزير المجاهدين ، ورقي إلى [ رتبة كولونيل ]، وهي الرتبة المؤهلة لقيادة الولاية حسب تقريرات مؤتمر الصومام ، وفي 2002 منح له [ وسام الأثير] نظير جهاده لخمس سنوات في الثورة وسقوطه شهيدا وسلاحه بين يديه ، وضريحه لا زال مجهولا مثله مثل ضريح ( سي امحمد بوقرة) ، وضريح (عبان رمضان) في مربع الشهداء الخالي من جثمانه ... واقترح وزير المجاهدين بمناسبة غرة نوفمبر 1963 إطلا ق وصف [ النمر] على هذا البطل المغوار الذي كان بشجاعته يطلب الشهادة فنالها بعد 5سنوات من الصدام مع الإستعمار ، وسميت باسمه عدة مؤسسات ـ منها جامعة عبد الرحمن أوميرة ببجاية .

رحم الله ميرة ، و شهداء الثورة المجيدة .
-----------------------------------------------
[7] رسالة خطية من عميروش . .

[ 8] في أجندة عميرو ش فيها أمر بمراسلة ميرة دون الإشارة إلى فحوى المراسلة .
[9] محضر اجتماع اللجنة الولائية بتاريخ 4مارس 1959 عين فيها عميروش [ محند أولحاج ] نائبا له في فترة غيابه لحضور اجتماع تونس ,

[10] نفس المصدر ، بطاقة استخباراتية مؤرخة في 13 /4/ 1959 ، وقعها الكولونيل داروزات ، le colonel d’arrouzat قطاع بويرة ,
[11] أنظر جودي أتومي ، العقيد عميروش بين الأسطورة والتاريخ ، ص 146 وبعدها .
[12] حسب ما يذكره الصحفي المؤرخ Claude Paillat في كتابه Le dossier secret de l Algérie
eye-crossed-out
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟