الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنساب الشريفية والمرابطية حقيقة أم زيف ؟ ( ج1)

الطيب آيت حمودة

2020 / 5 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


منذ أن فطمت ترسخ في ذهني أنني من [ امرابضن الأشراف ] فاكتسبت ذلك الإسم تقليدا دون أن اعلم كنهه واتجاهه ، بنضج الإنسان وازدياد الثقافة وانفتاح أفقها ، والتشبع بروح الإسلام الصافي الخالي من الشوائب البشرية الملونة للأشياء ، دعاني إلى البحث في حقيقة الظاهرة (المرابطية ) (الشريفية ) ، وهل فعلا هناك في الإسلام أشراف وآخرين لا شرف لهم ، فاكتشفت أمورا لم تكن ذات بال ، وليعذرني أصدقائي بما سيصل إليه البحث من [منغصات] قد تخدش قناعاتهم التي انغرست في ألبابهم واعتمدوها في خطابهم

°°°البدايات التاريخية للشرف في بلاد الأمازيغ.

تذكر حوليات التاريخ بأن [ثلاثة] من أحفاد عبد الله الكامل بن محمد بن الحسين سبط رسول الله قصدوا بلاد المغرب الإسلامي فارين من المسودة العباسية إثر مجزرة بني العباس ضد العلويين الهاشميين في معركة فخ [1] قرب مكة عام 786م ،
هؤلاء الثلاثة الهاشميين هربوا لبلاد الأمازيغ الذين كانوا لهم البطانة والعصبية ، ... فأضرحتهم لازالت قائمة و مقدسة عند الأمازيغ ، فضريحا [إدريس الأول ] و[جعفر ] في زرهون ، وسوس بالمغرب ، في حين أن ضريح سليمان ، الثالث منهم في ضواحي تلمسان ( عين الحوت ، شتوان) .
هؤلاء الأفراد حلُّوا ببلاد الأمازيغ كمهاجرين في حاجة إلى حماية ورعاية ، فكون لهم البربر لسذاجتهم دولا تحمل أسماءهم ، فكانوا البطانة والعصبية ، وزوجوهم بناتهم ، و كونوا لهم [ إمارات] و[دول] بحكم أنهم من نسل الرسول الأكرم ، .... من آل البيت ... من ولد فاطمة بنت الرسول .

°°من طبيعة الأجداد الأمازيغ ( البربر ) إكرام الضيف والتبرك بالقادمين من الشرق حبا في الإسلام ، فهم عادة لا يترددون في تنصيب هؤلاء الأجانب كحكام عليهم ( لدرء خصومات قبلية فيما بينهم ) وهي ظاهرة تحتاج إلى دراسة سوسويو ثقافية ونفسانية عميقة .

°° يحدثنا التاريخ كيف أن (عبد الرحمن بن رستم ) الخارجي وابنه عبد الوهاب ومعهما جارية ، أسس بهم الأمازيغ دولة ذائعة الصيت توراث حكمها أحفاد عبد الرحمن تسمى ( الدولة الرستمية )، ويحدثنا التاريخ كذلك كيف تمكن [ الداعية عبد الله الشيعي ] الذي رافق حجاج كتامة وتمكن من تكوين دولة بسواعد أمازيغ كتامة في جبال جيجل الحصينة ، سميت في التاريخ باسم (الدولة العبيدية الفاطمية )، وكيف أن إدريس الأكبر الذي فر من المسودة العباسية رفقة راشد الأمازيغي نحو جبال الأطلس المغربي وزوجه الأمازيغ بكنزة الأوربية وأسسوا باسمه دولة الأدارسة ، .... وكيف فر (عبد الرحمن الداخل )المكنى (بصقر قريش) الأموي نحو أخواله الأمازيغ الذين كانوا له البطانة بسيوفهم في إحياء حكم بني أمية في الأندلس بعد أن سقط في دمشق لحساب أبناء العباس .

°°° المرابطون الأمازيغ على خشبة مسرح الأحداث .

°°ويُحدثنا التاريخ كيف وضع (عبد الله بن ياسين الجزولي ) الأمازيغي الذي توفي في حدود 1059 أسس دولة دينية بتكوين زاوية ، مدرسة ، لتعليم الطلبة القرآن وعلوم الدين ، فتكون بمرور الوقت عصبة منهم تزايد عددها مشبعين بروح الجهاد ومزودين بثقافة دينية بعد أن تفرغوا لذلك في مرابط تأويهم على حدود السنغال ( وأطلق عليهم إسم المرابطين ) تيمنا بالأية الكريمة
:( يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَ(رَابِطُواْ) وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الآية 200 آل عمران .
ففي تفسير بن كثير أن الآية نزلت في قوم يُعمرون المساجد ويصلون الصلاة في أوقاتها ، ثم يذكرون الله فيها فعليه أنزلت (أصبروا ) أي على الصلوات الخمس ،( وصابروا) أنفسكم وهواكم ، ( ورابطوا) في مساجدكم ( واتقوا الله ) فيما عليكم ، لعلكم تُفلحون .
فرابطوا بمعنى أحبسوا أنفسكم في مساجدكم ، والرباط هو الخلوة أو المدرسة أو الزاوية التي خصصت للإشتغال بأمر الدين دراسة وتطبيقا ، أو (لأنهم ربطوا انفسهم وحبسوها عن الشهوات وكفوا عن علاوتها ومنعوها من ارتكاب لذّاتها ،واشبهوا بالمرابطين ، وأطلق عليهم هذا الإسم ،أو سموا به من حيث أنهم يحافظون على الصلوات ، وأنهم مهما فرغوا من صلاتهم انتقلوا للتي بعدها ، كما أنهم لا شغل لهم غير ذلك ) .

°° فتلك المرابط أنتجت جحافل من الطلبة الصنهاجيين الملثمين الأمازيغ المستعدين لتغيير الوضع الديني ، هم الذين غزوا الشمال فأسس زعيمهم يوسف بن تاشفين فيما بعد دولة المرابطين ، فالحركة المرابطية في الأصل هي حركة دينية أمازيغية ، انطلقت من روابط جنوب المغرب على تخوم السنغال واتسع أثرها إلى أن وصل حدود تونس الحالية .

°°من خلال هذا الطرح يتضح أن ظاهرة الشرف في بلاد المغرب الإسلامي لها بعدين ، بعدٌ محلي مرابطي ، وبعد خارجي وافد هو الشريفي ، أو الشرفا ، أو الشرفاء .
وهو ما سأحاول بسطه في مقال قادم .

-------------------------------------------------------------------------
[1] معركة فخ دارت في 11 يونيو 786، بين قوات الدولة العباسية، بقيادة سليمان بن أبو جعفر، من أبناء الخليفة المنصور، وأنصار تمرد العلويين في مكة بقيادة الحسين، حفيد الحسن بن علي. تمكن الجيش العباسي بسحق تمرد العلويين عند وادي فخ بالقرب من مكة، وأُعدم الحسين برفقة الكثيرين من العلويين. فر أحد العلويين، إدريس بن عبد الله، إلى المغرب، وأسس الأسرة الإدريسية.
.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما حقيقة هبوط طائرات عسكرية روسية بمطار جربة التونسية؟


.. ليبيا: ما سبب الاشتباكات التي شهدتها مدينة الزاوية مؤخرا؟




.. ما أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت وفاة الرئيس الإيراني؟ •


.. نتنياهو: المقارنة بين إسرائيل الديمقراطية وحماس تشويه كامل ل




.. تداعيات مقتل الرئيس الإيراني على المستويين الداخلي والدولي |