الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نسيان الله الإنسانى

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2020 / 5 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو أن الله أو كاتب القرآن مثل التوراة كان ينقل كلمات الآيات التى أعطاها لجبريل الذى يشتغل فى البريد السريع، فأخطأ الصفحة فى اللوح المحفوظ فى قصة موسى لكن الواقع يقول بأنها آفة النسيان التى تصيب البشر وهى من أعراض القصور العقلى لدى الإنسان.
من علامات نسيان الله الإنسان للقصص التاريخية أستعرضت فى مقالى السابق موقفين واليوم أضيف لهم موقفين أخرين، وتذكيراً للقارئ بالموقفين السابقين أوردتهم هنا حتى يتواصل القارئ مع ما سبق من أحداث ويتابع الجديد فى هذا المقال.
النسيان الأول:
سورة طه 17 – 23
يوجه الله الحديث إلى موسى بقوله: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ--- (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ--- غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ--- (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ--- (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ--- (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ--- سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ--- (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ--- جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ--- (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَىٰ--- فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ--- (24
النسيان الثانى:
سورة الأعراف 105- 108
وَقَالَ مُوسَىٰ--- يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَىٰ--- أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَىٰ--- عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108
النسيان الثالث:
هذا الكلام قاله فرعون لموسى فى سورة الشعراء وفى سورة طه:
قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35 الشعراء
) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ--- (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى (58) طه
النسيان الرابع:
وهو نفس الكلام لكن على لسان الملأ أى خاصة فرعون:
) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰ---ذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ--- فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110 الأعراف
) قَالُوا إِنْ هَٰ---ذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ--- (63 طه
***
بالنسبة لحادثة النسيان الأول والثانى لله فقد طرحناها فى المقال السابق ولم يعترض عليها أحد، مما يؤكد ويثبت أنه بالفعل حسب الكلام المكتوب ونصه المحفوظ فإن الله معرض للنسيان مثل البشر!

الآن نأتى لحادثة النسيان الثالثة:
قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35 الشعراء
من العرض القصصى لسورة الشعراء يقدم موسى لفرعون عرضاً ثميناً بأن يأتى بشئ مبين، مما جعل فرعون يستقبله بالترحاب ويجعله من الصادقين لو صدق فى فعله، لكن من السرد القصصى يقوم موسى بإلقاء عصاه فإذ هى ثعبان مبين لكن الفرعون أكتشف بشرية الأشياء التى يصنعها موسى وينسبها إلى الله رب العالمين، فيلتفت الفرعون للملأ حوله ويقول لهم: إن هذا لساحر عليم! يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون؟

أكتشف فرعون من فوره أن هذا ساحر عليم ولا علاقة له بآلهة فى السماء أو على الأرض، وأن موسى يريد أستخدام سحره ليخرجهم من أرضهم ولم يكن غريباً على فرعون أن شخصاً مثل موسى يقوم بأعمال الخداع السحرية، لأن لديه بين شعبه السحرة كثيرين وقد تنقصهم الخبرة لكن أعدادهم كثيرة، لكن الشئ الملفت للنظر أن تلك الأقوال كانت على لسان فرعون ذاته فى النص القصصى كما هو مكتوب بسورة الشعراء.
وللتأكيد على أن قائل هذا النص هو فرعون جاءت سورة طه لتروى لنا القصة مرة أخرى وطريقة أخرى، لكن كتكملة لنص سورة الشعراء حيث يقول فرعون فى سورة طه:
قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ--- (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى (58 سورة طه.
فى الآية 57 تتفق مع سورة الشعراء وأنها على لسان فرعون الذى يتوعد موسى بقوله: فلنأتينك بسحر مثله...!
هنا مرة أخرى تأكيد من الفرعون على أن يبارز موسى بسحر مثل الذى أتى به، وهذا الكلام المكتوب على لسان الله فى التوراة وأعاد كتابته فى القرآن يعنى أنه كاتب واحد أو إله واحد أو سيد أو رب واحد، لكن الملاحظة التى لا أريد المرور عليها مرور الكرام هى أن كاتب قصة موسى وبنى إسرائيل فى التوراة وفى القرآن متفقين على حقيقة مهمة جداً وهى إن ما قام به موسى هو مجرد عمل لساحر عليم وليست معجزة لرب العالمين!!
فى سورة الشعراء وسورة طه تطابق سردى منطقى وأتفاق على العمل الذى قام به موسى هو مجرد عمل من الأعمال السحرية، ولم يتدخل الله ليقول أو يثبت أن موسى لم يقم بأعمال سحرية بل قام بأعمال إعجازية أو صنع معجزات، بل سكت وصمت الله أو كاتب تلك النصوص فى التوراة والقرآن وهذا فى حد ذاته إقرار بصحة الأعمال التى أتى بها موسى والتى سمح بها الله لو كان حقاً يوجد وراء موسى أحداً بهذا الأسم!

كما ذكرت أن الفرعون هو القائل بهذا الكلام الوارد فى سورة الشعراء وسورة طه، لكن العجيب أن الله نسى أنه قال وكرر نفس الكلام فى سورتين مختلفتين وعلى لسان فرعون ليقوله ويكرره ويكتبه بأعتباره كلامه منزل من السماء ولكن لان الله أو الكاتب ينسى فقد وضع الكلام على لسان الملأ أى رجال فرعون كبار القادة والكهنة وغيرهم، تعالوا معى لنقرأ النسيان الرابع لرب العالمين!

النسيان الرابع:
) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰ---ذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110 سورة الأعراف
) قَالُوا إِنْ هَٰ---ذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ--- (63 طه

وكما هو واضح أنه نفس الكلام الذى وضعه الله على لسان فرعون فى الآيات السابقة، لكن هذه المرة نسى تماماً ذلك ووضعه على لسان آخرين والأقرب للمنطق وواقع الحدث أنهم كانوا الملأ أى رجال فرعون!

نستكمل فى المقال القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سامى من الفايسبوك
ميشيل نجيب ( 2020 / 5 / 17 - 21:09 )
الأستاذ/ سامى من الفايسبوك
سلام وتحية,
موضوع المقال واضح وما سبقه من مقالات يتكلم عن السحر الذى يصنعه موسى بأسم إلهه، كما تروي التوراة والقرآن القصة والتناقص والتعديلات التى تتضارب من سورة إلى آخرى، وطرحت الأسئلة: من المسئول عن هذه الأخطاء الله أو محمد أو جبريل أو بقية كتبة القرآن والتوراة؟
أخى الأستاذ/ سامى دانيل, لو لديك إجابة عن أحد الأسئلة التى تبحث مقالاتى عنها، سأكون شاكراً لك جهدك وتعبك فإيقاد شمعة تنير لى ظلمة الماضى والحاضر.
أرجو أن يكون مقالى واضحاً الآن وأنتظر كل تعليق يبين أخطاء المقال أو ثغراته أو حسناته فيما أصاب وفيما أخطأ!
وأرحب بتعليقات الجميع
شكراً


2 - سر على الدرب
على سالم ( 2020 / 5 / 19 - 07:12 )
انت رائع وسر على الدرب واخرج الكوارث والمصائب , القافله تسير والكلاب تنبح

اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا