الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهمة جعل الاسلام انسانيا وليس ديمقراطيا.

مالوم ابو رغيف

2006 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدوا ان رجال الدين المسلمين يسيرون عكس عقارب الساعة، باتجاه يعاكس الزمن ويخالف التطور. ففي الوقت الذي تناقش الشعوب الغاء عقوبة الاعدام كونها عقوبة بربرية تستند على مبادئ وردود افعال لم يكن تطورالانسان الفكري والحقوقي يساعد على ايجاد بدائل عنها، يشغل رجال الدين المسلمون انفسهم بمناقشة مسائل غاية في البداهة فيما اذا كانت العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة حرام ام حلال، واذا كان ذبح الانسان يتوافق مع ما نص عليه الشرع اما لا، واذا كان التمثيل بجثة الانسان بعد حز رقبته وسلخ جلده من لحمه وعظمه يجوز او لا يجوز. وكان المسألة بغاية التعقيد فلا يمكن الوصول لحل لها دون مناقشات مستفيضة وبحوث عميقة في الشرع وفي القوانين وفي كتب السرة والحديث ثم الرجوع الى القرآن والتفاسير المختلفة لتبرير الفتاوى التي تجيز او لا تجيز المفخخات والاغتيالات وعمليات الذبح وتقطيع الاوصال.
ولكي يقنعوا الاخرين بصحة قراراتهم واحكامهم، فانهم لا ياخذون التغيرات والتبدلات التي طرات على الحياة، كشكل واسلوب ومعنى وهدف، ولا على الانسان وعلى تفكيرة وطريقة حياته وعمله وعلاقاته مع الاخرين، ولا يستندون على الاكتشافات العلمية والتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي شملت الانسان والحياة والبيئة والمحيط. ولا يقيسون احكامهم وفتاويهم الظلامية بالنظريات العلمية الاجتماعية والنفسية والتربوية وبالانظمة الحديثة. يتركون كل هذا الكم الهائل من ما توصل اليه الانسان من علم وتكنلوجيا ودراسات ويعودون القهقرى الاف السنين الى الوراء ليقيسوا مجمل النشاط الانساني الحالي بظروف تختلف اختلافا كليا ولا تتشابه ولا تتطابق مع اي وجه من اوجه الحياة الحاضرة .

يبذل بعض المتنورين جهدا غير قليلا من اجل اصلاح الدين وجعله متوافقا مع سير التطور السياسي. النية حسنة والهدف نبيل ، فيقولون بعدم تعارض الدين مع الديمقراطية والانتخابات ونشر الحريات. هذا الطرح الذي يحاول بعض العلمانيين واللبرالين تبنيه، يتبناه ايضا الاسلام السياسي مع اختلاف النية بالطبع. ومثل ما ان الاسلام المعتدل يمهد التربة لكي تكون صالحة لزراعة بذور الارهاب فأن هؤلاء العلمانيين واللبراليين، من دون قصد، يمهدون الاجواء لاستحواذ الاسلام السياسي على السلطة والتحكم بمصائر الناس. بينما المهمة التي يجب ان ينهظ باعبائها المثقفون والمفكرون هي كيفية جعل الاسلام انسانيا في احكامه وفي نظرته للحياة . كيفية تحويل الاسلام من الاحتكام الى الشرع والشريعة التي فسدت وانتهت صلاحيتها لطول فترة التعليب الى تغليب العقل والمنطق والبحث العلمي والاجتماعي، وليس ديمقراطيا، فالديمقراطية اسلوب في الحكم يتعارض مع التفكير الديني بشكل مطلق، الدين هو طاعة عمياء مبنية على مبدأ نفذ ولا تتناقش فهناك دائما من يتولى الامر عنك. العملية التوفيقية بين الدين والديمقراطية لا يمكن ان تستمرالى ما لا نهاية، فلا بد من الاصطدام مع جوهر الدين الدكتاتوري .
اي فكر لا يمكن ان يكون ديمقارطيا ان لم يكون فكرا انسانيا، يؤمن بالتعايش السلمي بين الناس وبين الطوائف والاديان، لا يفرق بسبب الجنس او اللون او اللغة او الفكر. فهل يمكن تصور فكرا وحشيا مثل الفكر الاسلامي المعاش ان يكون فكرا ديمقراطيا يقبل بالاخر ويتعايش معه.؟
هل يمكن ان يكون ديمقارطيا من يؤمن ان اغلب اهل النار هن النساء، من يؤمن ان العقاب الوحشي في الدنيا هو تكفير عن الذنوب، من يؤمن بالجلد والذبح والقتل والرجم والتعزير من يحرم كل شئ لم يكن موجودا في الماضي.؟
ان من يحاول ان يجعل من الدين فكرا ديمقراطي او لا يتعارض مع الديمقارطية كانه ينفخ في قربة مثقوبة. ومن يصور لنا ان لا تعارض بين الديمقراطية والدين، فهو اولا معترف بهزيمته امام قطعان المعممين وثانيا يخدع نفسه والناس فليس من جرثومة تفتك بالديمقراطية وتنخر في اساسها غير الدين ورجاله.

يقول ابن تيمية الذي يستند عليه الوهابيون والسلفيون في فتاويهم وفي مجمل احكامهم، اذا ما تعارض العقل مع الشرع فان الغلبة تكون للشرع وليس للعقل، وترك المعقول الذي يتناسب مع المنطق لصالح اللامعقول الذي يتطابق مع شرع. وينقلون عن الامام علي بن ابي طالب قوله بأن لو كان الدين بالرأي لكان مسح باطن الخف افضل من مسح ظاهرها. بالطبع هذا الرأي لا يختص به الوهابيون فقط بل كل مدارس الاسلام ومذاهبه، فما يامر به الله وما يقول به القرآن هو الذي يجب العمل به واتباعه حتى لو تعارض كليا مع العقل.
الله والقرآن هما رجل الدين ،فلا يوجد مرجع غيره فهو حر في تفسيره وتأويله وفي رسم صورة الله حسب رغباته ومصالحه، فلا توجد صورة عامة للاله الا من خلاله. ليس الله من ينفخ في جسم رجل الدين من روحه فيصيره ويلهمه انما رجل الدين من ينفخ في الاله فيمنحه صورة تعكس اطماعه وملامحه ونزواته ومصالحه واطماعه.
هناك نوع من العقود بين الدولة والمؤسسة الدينية السنية التابعة لها، يمكن ان نطلق عليه العقد السياسي. فللمؤسسة الدينية الحرية في اخضاع الناس والسيطرة عليهم ومحاربة اي نظرية سياسية او اجتماعية او اي عمل ادبي نثري او شعري او فني مقابل اسنادها للدولة والتطبيل لنوع الحكم المتسلط الدكتاتوري ورفد الحاكم المطلق بالفتاوى والاحكام والمببررات التي تخدم بقائه وتسيده.
المؤسسة الشيعية لا يناسبها هذا الاسلوب، فلقد نمت وولدت من رحم المعارضة للدولة، اي دولة، فابتكرت الولي الفقيه في ايران، والفقيه غير المعلن بالعراق. واصبحت الدولة تستجدي رضى رجل الدين وليس رجل الدين هو الذي يستجدي رضى الحاكم. واصبحت السياسة ما ينطبق مع وجهات نظر الفقية حتى لو كان النظام يدعي الديمقراطية كما هو الحال في العراق، فمن الصعب التصور ان الحكومة العراقية الحالية تسير بعكس ارشادات السيد السستاني او من ينوب عنه.
لذلك في العراق ، عندما سقطت الدولة وانهار نظام القمع الدموي البعثي، انهارات المؤسسة الدينية السنية ، وجدت نفسها ضائعة من دون سند ولا دعامة. فهذه المؤسسة، مؤسسة محابية تابعة تعتاش وترتزق على الدولة، او انها احد ادواتها لتمرير سياستها. وعندما تجد نفسها خارج الدولة فانها تحاول ان تفرض نفسها بالقوة عليها وتفتي بكفرها ثم محاربتها باي شكل تقرره، الى ان تُبرم صفقة بينهما تكون دائما ضد مصالح الناس وشروط حياتهم.
بن لادن عندما كان تابع للحكومة السعودية كان يبرر حكم ال سعود، فهم واجبي الطاعة حسب نظرية ولي الامر السنية، لكن عندما طلبت الولايات المتحدة الامريكية من السعودية كبح لجامه، ثار على نفس الدولة التي انجبته وزرعت فيه كل هذا العنف، مع ان الامر لم يتغير عن ما كان في السابق، فالسعودية كما كانت دمية بيد الامريكان، وولاة الامر هم انفسهم والواهبية كما هي، نظرية البداوة والغزو وتكفير الجميع والارهاب واحتقار المرأة..
لكن لماذا يميل الناس الى ما يتعارض ومفاهيم العصر ومعاييره ويتبعون اللامعقول الذي يتناقض مع انسانيتهم ومصالحهم ويتعاكس مع مداركهم مهما كانت.؟
لماذا يتبعون تعاليم رجل الدين اكانت دعوة للحرب او للسلام عندما لا يكونان في الوقت المناسب.؟
لماذا هذه المكانة العالية والمرموقة لرجل الدين الذي لا يجيد غير حفظ الكلام والحواديث وترديدها والتزمت ولاصرار على صحة تصورات الماضي التي اُثبت الواقع بطلانها وخطلها.؟
السبب هو الدولة نفسها، بند من بنود العقد غير المعلن بين المؤسسة الدينية وبين الدولة.
.فالدولة تخضع الناس لسلطة رجل الدين عبر مؤسساتها الاعلامية والثقافية والتوعوية،مثل ما يخضع رجل الدين الناس لجبروت الدولة بواسطة فتاويه واحكامه. وهنا ليست المسألة التصديق او عدمه بل الخضوع لكلا الطرفين.
لذلك على المتنورين ان يقضوا على النزعة الطفيلية للمؤسسة الدينة، نزعة التطفل والارتزاق على ومن السياسة وفك هذا الارتباط التاريخي بينهما،بين الدولة والدين الاسلامي، مثل ما نجحت الدول الغربية في انقاذ الناس من براثن رجال الدين، واصبح الدين مسألة شخصية، حرية اختيارية، فمن شاء ان يؤمن ومن شاء ان يكفر، ولا اكراه في الدين.
في الغرب لم يجري تجميل الدين وتزويقه او دمقرطته، بل انسنته، وتطويعه في ذهن الناس ليلائم شروط العصر ومتطلباته، وحر من رفض التغيير وظل اسير الماضي ومأسيه، متخبطا في برك التراث الراكدة الموحلة فليغرق وحده فالناس في شغل عنه وعن الهه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و


.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف




.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله


.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446




.. 162-An-Nisa