الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية أخرى للحجر الصحي ,

عائشة التاج

2020 / 5 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لنر الحياة هنا والآن بمرآة أخرى غير تلك التي برمجنا عليها الإعلام وباقي أدوات خلق رأي عام يتناسق مع غايات المتحكمين في عالم الوباء وتداعياته بمختلف درجاتهم ,,,,,واهدافهم بل غاياتهم المركبة والمعقدة ايضا
قد لا نختلف بأن أغلب سكان العالم كانوا في حالة من الهستيريا يتراكضون من أجل العمل والسفر ومختلف الأنشطة بطريقة يكون فيها الوقت جد حاسم وتحتل فيها الصحة والراحة والتواصل بين الناس مكانة جد هامشية ,
اليوم العالم في حالة شبه جمود بل ركود ، يمشي مثل السلحفاة زاحفا على بطنه ,,,,,,,لعله يستمر في الحياة ولو قليلا قليلا ,,,,,,,
البيوت التي كانت تفرغ حمولتها البشرية نحو المجال العمومي ،تبتلع اليوم كل أفرادها ،تحضنهم بل تكاد تطبق عليهم أذرعها عناقا حارا ,,,,,فتزداد المودة بين الانسان والمكان الذي يحتويه
يفرغ العالم الخارجي أو يكاد إلا من عدد قليل جدا يواصل عملية الزحف على بطنه ركوعا للوباء وصانعيه ,تمتشق وسائل وأدوات الزجر والترويع لفرض الحصار على الناس ،أغلب الناس متلذذة باستعراض عضلاتها التي كونتها خارج سياقات الحروب ومشتقاتها وها هي الفرصة اليوم سانحة لترويض الشعب واستعمال هذه الآليات وتجريب هبتها ,,,,,
لا شيء غير ادبيات الوباء ومشتقاته العلاجية والاعلامية والقانونية والتحسيسية ، لغة واحدة لا تقبل أي شريك ولا اختلاف حتى في اللهجة ومن يخرق القانون و حتى طريقة الكلام عنه فالزجر ينتظره وفق ما تفتقت عليه عبقرية السجان هنا أو هناك ,,,,
اوحدها الطبيعة تختال في راحتها البيولوجية من وطإ أقدام البشر غير المهذب في الغالب
البحار والشواطيء و الحدائق والحقول والشوارع الكبرى والطرق السيارة تتنفس الهواء مل رئتيها ،تتنفس بعمق هواء نقيا لا يفسد صفاءه دخان المصانع ولا القطارات ولا السيارات ولا غبار العربات حتى ,,,,,ويبدو ان الحيونات ارتاحت بدورها من ترصدات بني البشر وراحت تنعم بالفضاء المتاح لها وحدها وللمقربين منها فقط
وحدها الورود تطلق عطرها الربيعي ولا احد هناك ليشمه ويتفاعل مع انبثاقها الجميل دهشة واستمتاعا وهذا هدر لا ريب فيه ،فالجمال يحتاج لمن يتذوقه فلتنتظرنا وتحمي اخضرارها ونضارتها لحين ,
وقد يكون السمك ارتاح بدوره من كمية البواخر التي كانت تطارده وتمنع عليه السباحة والتكاثر في أعماق البحار على سجيته أو هكذا يتخيل لي
تستعيد الاسرة حميميتها وربما شيئا من التواصل المفقود والمفتقد ضمن زوبعة الركض المستمر نحو الشيء واللاشيء حتى
وحيث ان الشيء لا يستقيم الا بميزان فالحميمية قد تغدو بدورها نقمة اذا طال امدها وتحول لاحتكاك ينتج جروحا علائقية قد لا تندمل في القريب العاجل أو لا تندمل أبدا ,,,,,,,
ولئلا يحدث هذا فالحجر اجراء وقائي مادام بالقسطاس فلا افراط ولا تفريط ,
ما تجاهلته قوانين الحجر وإجراءاتها ،تلك الأبعاد الاجتماعية والنفسية للحجر ، ذلك أن أصحاب القراترات الكبرى والسريعة ليس لهم وقت للتفاصيل وما بين التفاصيل قد تعيش الشياطين ,,,,,

عدا ذلك من المؤكد او المرجح على الاقل ان كل فرد محجور عليه ،وجد في هذا الحجر فرصة للحوار مع ذاته إلى هذا الحد أو ذاك ,,,,فالزمن سلحفاتي الآن ويسمح بالغوص في أغوار الذات لمن لا يخاف ذلك ,,,,سوف يكتشف باتأكيد أنه قلما يتحاور مع نفسه وينصت لحاجياتها وأناتها وصمتها ,,,,,
الحجر فرصة للتأمل في الذات وفي عالمه الخارجي الذي قد يتسع أو يضيق بمستوى الإدراك والاهتمام فيتحول لتأمل في الكون برمته وتغدو الرحلة روحية بامتياز لمن يستمتع بهذا النوع من الرحلات الرائعة
هنا يتضاءل وقع الحجر والوباء ،فتغدو العزلة فسحة نفيسة جد ممتعة وتزداد متعة مع توفر أدوات التحليق الروحي الموسيقية أو الفكرية لتساعدك على قليل من الفهم ,,,,أو السعي إليه ,
قد تتعدد الأنشطة بتعدد هويايات كل فرد محجور عليه ،وهكذا استعادت الكثير من النساء علاقتها الحميمية مع الطبخ وتفاصيله واستعاد البعض علاقته بالكتاب أو أية هواية خلاقة ألم تكن المقاهي تبتلع جزءا هاما من وقت الكثيرين ؟؟
لغة التباعد الاجتماعي لن تمر دون أن تخلف بدورها ارتباكا ملحوظا في العلاقات الاجتماعية ، ذلك أن استدماج الخوف من الآخر المفترض انه حاملا للفيروس وللعدوى بشكل مسبق ستعمق من مزيد من التفكيك العلائقي ولو على المدى القريب أو المتوسط
تختفي الاستقبالات والضيافات التي لن تستقيم الحياة بدونها و ينطوي كل منا على ذاته الفردية او العائلية الصغيرة ,,,,
الزمن اليوم زمن التفككات والوحدات الميكروسكوبية كما شاءها مسيرو هذا العالم بترساناتهم المختلفة في شئون الترهيب والترويع وبث الهلع وتفتيت الجسد الإنساني ,, فوق سطح كرة أرضية تلقت بدورها عنف هؤلاء فاختلت الكثير من موازينها ,,,,
و مع ذلك رب ضارة نافعة ، الكون أفسح وأعمق و اجمل من أن يتحكم فيه شياطين الإنس المرضى بهلع الاحتكار والتملك ووباء التسلط ,في أبشع تمظهراته ,,
الكون خزان هائل من الموارد والخيرات المادية والمعنوية التي قد تعلن عن نفسها حيث لا يدري هؤلاء المتنطعون ,,,,,فكرم الخالق أكبر مما يتصور أصحاب المقاربات الكارثية والمولولين والمبشرين بالمجاعات والحروب ومزيد من الأمراض والأوبئة والمشاكل ووو
فلنعتبر ما يحدث مجرد دورة من دورات التغيير الكوني ،ستجرف ما تجرف ، لكنها لن تمر دون أن تترك وراءها دروسا بليغة لمن يحسن التعلم والاستفادة والاستنتاج
و ضمن هذه السيرورة يحدث التغيير وبإمكاننا أن نساهم فيه بنوعية وعينا وحضورنا واختياراتنا ,,,,
لسنا مجرد ضحايا بل قد نكون شركاء في الاتجاه الذي نسعى إليه إذا خرجنا من سلبيتنا ,,,,واستثمرنا مواردنا الذاتية والموضوعية احسن استثمار ,
فلننتصر للحياة تفاؤلا وطيبة وقيما بناءة
لا لتفتيت البشرية ، لا لتفتيت المجتمعات ،لا للتخويف والترويع والتشاؤم
سيمر هذا الوباء كما مر سابقوه وسيبقى الإنسان إنسانا منتصب القامة والقيم مهما حدث ,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات