الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الإسلام هو المشكلة ؟

عماد حبيب

2006 / 6 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لو كان الاسلام هو ما يدعوا إليه أغلب الدعاة و ما تتبناه كل حركات الإسلام السياسي التي لم تتمالك نفسها بمناسبة موت بطلها النافق أبو مصعد الكهربائي الزرقاوي و نعته لامتها المسلمة و اعتبرته شهيدا سيشفع في سبعين حيوانا من القتلة اصحابه يوم الدين، لو كان هذا هو الإسلام فهو بالتـاكيد المشكلة و ليس الحل المنشود.

مرض خطير ينخر كالسوس في عظام هذه الأمة اسمه الشرعي، بمعنى أنه يكفي أن تطلق وصف شرعي على أي شيئ و أية جريمة لتصبح مستساغة و مقبولة و يجعل من التصدي لها مخاطرة قد تكلفك حياتك. يكفي أن يطلق مجموعة من القتلة و قطاع الطريق صفة مجاهدين و محكمة شرعية على انفسهم، و يقولوا أنهم أصدروا حكما شرعيا بنحر (و لاحظو هنا كلمة نحر) أسير او رهينة لديها تنفيذا لشرع الله و يقوم الزرقاوي بذبحه و هو مدني أعزل و أسير كان يجب أن يحسن معاملته حتى لو كان من جند العدو، تكفي هذه الصفة لتجعل عدد لا يستهان به من هذه الامّة يصفق و يكبر مهلّلا لانجازات المقاومة، من عامة الناس فيحق وصفهم بالرعاع (و هذه صفة اطلقها شيخ الأزهر لكني اتبناها هنا) إلى مثقفي هذه الأمة (ان كان يمكن أن نسمي فكرهم بالثقافة) و مفكريها و منظريها (في الواقع هم لا ينظرون و لا يقدمون حلولا بل فقط يصرّون على عودتنا للعيش في قلب القرن الرابع الهجري أو ما قبله لنعبد وثنا صنعناه من نصوص ما انزل الله بها من سلطان و نعطل العقل و نطيع أولي الأمر منا)

حين نكون في سنة 2006 و مع ذلك يقتل بعضنا بعضا لأن فينا من يقول بأحقية علي في الخلافة و من يقول بأحقية عمر أو غيره بها، فنسمي الأول شيعيا ثم نكفره و الثاني سنيا ثم نكفره و نصفق لاقتتالهما و نناقش اليوم ما حدث من 1400 سنة خلت : دم عثمان و دم الحسين في رقبة من و من سيثأر لهما، نكون ليس فقط قد بلغنا مراحل في التخلف العقلي (عذرا من له وصف اقل وطئة و لكن يؤدي المعنى فليسعفني به) بل و أيضا جعلنا بما لا يدع للشك من هذا الدين الذي ندين به مشكلة بدل أن يكون حلا و منهجا لحياتنا.

الإسلام في الأصل ليس دينا، بمعنى ليس دينا كغيره بل هو الدين عند الله بألف لام التعريف، هكذا كان الأصل، كل الأنبياء من آدم و حتى عيسى كانوا مسلمين، و كل الكتب المقدسة من انجيل و توراة و زابور هي مقدسة في الاسلام و بنص القرآن و أهل الكتاب و بنو اسرائيل تحديدا هم موضوع جزء كبير و كبير جدا من نصوص القرآن الكريم. فعلى أي اساس نعتبر أهل الكتاب مشركين و كفّار ؟ لن تنقصهم الادلة الشرعية ليثبتوا لك ذلك و لكن صفة الشرعية على هذه الأدلة هي كصفة الشرعية على حكم ذبح أسير أعزل.

اختصار الاسلام الى دين كغيره بل في عداء مع غيره من الأديان يجعل منه و بالضرورة مشكلة. يقول دكتور محمد أركون ( و على فكرة وجود أمثال القرضاوي و الفرماوي و عمرو خالد على الفضائيات و غياب أمثال أركون وصمة عار في جبين هذه الأمة و نحن بالفعل ندفع ثمنها الآن) يقول أن الإسلام و خلال تاريخه لم يعرف سوى حالتين لا ثالث لهما : الجهاد و الفتنة. اليوم صارت الفتنة جهادا، و لم يرفع أحد من "العلماء" و بئس العلم الذي يحملون صوته مستنكرا صحوة الفتنة من جديد بل و ما هو أخطر من ذلك : اعتبارها جهادا، فلا "علماء السنة" (و أتكلم هنا عن الأغلبية و ليس بعض الاستثناءات طبعا) نبهوا لخطورة تكفير الشيعة (و غيرهم) و تحليل قتلهم بل بالعكس صفقوا للزرقاوي و تبنوا منهجه جهارا نهارا، و لا "علماء الشيعة" كانوا أفضل حالا و كل ما يهمهم هو ولاء اتباعهم لمرجعياتهم و ما تقوم به ميليشياتهم في الجنوب من جرائم ضد النساء و العودة قرونا الى الخلف بالمجتمع و الحضارة العراقية دمار يؤكّد أن الأسلام و بهذه الطريقة هو المشكلة. عندما نطلق عليهم صفة علماء من ألفهم ألى يائهم و يكون حظورهم في حياتنا طاغيا في حين هناك من لا يعرف فاروق الباز أو أحمد زويل مثلا لا حصرا فتلك وصمة عار أخرى و دليل أن اسلامنا بشكله الحالي مشكلة.

عندما يعمل لوبي ما على تكفير الفن و على فرض رقابة صارمة تفرغه من أي مضمون تحت مسمى الأخلاق أو الدين، و بعد أن يفشل يقوم باستدراج فنانات و فنانين لتبني منهجه بتكفير الفن و الاعتزال و التحجب، ثم و في لحظة ما، نرى عودة هؤلاء و لكن بشروط مقرفة سخيفة، حين يضع الممثل شروطا تخص النص نفسه و فكرة المؤلف و المخرج، حين تضع ممثلة معتزلة شرطا أن لا يكون هناك قبلة في الفلم أو أن لا تلمس يدها الطاهرة الشريفة يد زميلها في العمل، فأن الأمر يدعوا إلى التقيئ، لاننا سننزل بفننا و الذي هو ليس في حالة جيدة أصلا إلى أسفل السافلين، سيصبح مسخا سخيفا لدروس عبيطة في نفاق الأخلاق، أي مجتمع هذا تلبس فيه الأم حجابها و هي وسط بيتها و بين أولادها و لا تقبل ابنها أو أخاها ؟ أي مجتمع هذا سيكون خاليا من الحب و الجنس بل و من الخطيئة لو صح تسميتها خطيئة ؟ و هل تقديم أعمال على نمط مسلسلات المحجبات و الأفلام النظيفة يقدم حلا لمشاكل هذا المجتمع الذي يشكوا الكبت و الفقر أم هو دفن للرؤوس في الرمل ؟ هل تعلمون عد القنوات الاباحية المفتوحة ؟ حين تتحول الفضائية المصرية لقناة اقرأ ثانية و تتبعها غيرها، هل تعتقدون أن شباب هذه الامة ممن لم يذهب للعراق لقتل بعض العراقيين إنتقاما من الأمريكان، هؤلاء الذين يريدون أن يعيشوا و يعملوا، هل تعتقدون أنهم سيشاهدون هذه القنواة أم سيتجهون لغيرها ؟ هل اقحام (و أكررها اقحام) الدين في كل كبيرة و صغيرة و تحكمه بالفن حل ؟ أم مشكلة ؟

هذا الإسلام الذي رموزه من قال طظ في مصر (مرشد اخوان مصر) و من وعد بنصب المشانق للعفيف الأخضر و د. رجاء بن سلامة بحديقة الباساج بتونس العاصمة (ضيف الجزيرة للاسبوع الماضي راشد الغنوشي و هو المفروض من المعتدلين تماما كمهدي عاكف) و من وصفته الجزيرة برامبو عربي و اقامت عليه مناحة و أقام عليه شباب هذا الاسلام كربلاء الكترونية و هم يعلمون انه لم يقتل الا العراقيين و العزل و انه ساقط ثانوية و قاطع طريق و خريج سجون (ابو مصعب الزرقاوي) اسلام الابوات هذه و الجلابيب القصيرة و فرض الحجاب و معارك بيزنطية حول شرعية النقاب و أهلية المرأة ، هذا الإسلام يا من لازال يقرأ و يحاول أن يفهم مشكلة و مشكلة و مشكلة بل كارثة تجاوزت مرحلة تهديدها لنا و ليلة سكاكينها الطويلة قادمة لا محالة.

ملحوظة : ليلة السكاكين الطويلة هي الليلة التي تم فيها القضاء على كل معارضي النظام النازي بالمانيا قتلا و غدرا ليستقر الأمر لهتلر و البقية معروفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah