الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان علي الوردي تيميًا؟2/ 2

داود السلمان

2020 / 5 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


فمن الفلاسفة المسلمين الذين تكلموا عن الكليات والجزئيات هما: الكندي وبان رشد واثبتوا ذلك في كتبهما، وغير هما ايضا قال بذلك، وطالما أن لابن تيمية الفقيه قاعدة فكره قائمة على الشيء ونقيضه، وأنه يخالف الفلاسفة بكل ما يقولون به، فلا غرابة حينما يصدر عنه هذا القول، لغرض المخالفة، ليس الا. ونستدل على ما نقول هي فتاوى ابن تيمية "النارية" والتي فيها قدح واستهزاء، وتكفير وغير ذلك، بحق كل مخالف.
إن نقد أي نظرية علمية، أو فلسفية، أو منطقية، وحتى تفنيد أي فرضية أو قاعدة يستند اليها العلماء والفلاسفة والمفكرين، هي من حق أي باحث أو أي مفكر، فله ذلك، لكن بشرط أن يقوم نقده على اسس منطقية وعلمية، لا تدخل من باب الاستهزاء أو النقد بلا مبرر، أو بعصبية ومزاجية.
العلماء لا يكفّر بعضهم بعضًا، بل ينتقد بعضهم بعضًا، ويفند بعضهم بعضًا، هذا صحيح.
ومن مقارنة الدكتور الوردي بين ابن تيمية وابن خلدون يقول: "كان ابن تيمية في مسلكه السياسي مثاليًا صارمًا لا يداري ولا يراوغ. وكان ابن خلدون يجري مع التيار". (المصدر ذاته، ص 134) فالوردي هنا يريد مدح المثالية والتي وجدها - بحسب فهمه - بان تيمية، واعتبر ابن خلدون رجل منافق متغير الاهواء، ويبحث عن المناصب السياسية، وهو يطلق عليه ذلك من باب الذم.
ولا يزال الوردي يواصل مقارنته بين ابن تيمية وابن خلدون، والتي دائما ينتصر فيها لأبن تيمية في كل مرة، ويذم المسكين ابن خلدون، مما يظهر تأثره الواضح بهذا الرجل، والمعروف عن الوردي هو عالم اجتماع من الوزن الثقيل وله آراء ممتازة اسخط بها الكثير وارضى بها الكثير، والبعض يعتبره رجلا منصف، وقد قرأت كل كتبه تقريبا، وهو يخوض في غمار الاجتماع اكثر من خوضه في دهاليز الفلسفة، وحتى لو عد بحثه هذا من وجهة نظر اجتماعية، فما قاله بحق ابن تيمية أنه بعيد كل البعد عن الواقع الذي تحدث به الوردي وعن المنطق الذي استخدمه، بمعنى آخر اراد الوردي أن يظهر اعجابه بالرجل لذلك رفع من شأنه، حتى وان كان على حساب العلم وعلى حساب منهج البحث، بحسب ما فهمته، واتمنى أن اكون على خطأ وحتى لا اظلم الرجل.
ويختم الوردي حديثه حول ابن تيمية بالقول: "اكاد اعتقد أن ابن تيمية وضع في محاولته هذه اساسًا للمنهج الاستقرائي الواقعي الذي نجده واضحا لدى ابن خلدون. ولو اتيح للحضارة الاسلامية أن توصل نموها وازدهارها بعد هذه الفترة التي ظهر فيها ابن تيمية وابن خلدون، لربما رأينا المنهج الاستقرائي يتطور اكثر مما رأينا على يد هذين المفكرين العظيمين". (المصدر نفسه، ص59)
وهذا الكلام واضح من الوردي بأن فيه تخبط وعدم استقرار ذهني بقول فاصل يسلك به موقفه بلا رتوش.
وهذا هو تعزيز موقف الوردي من يموله الفكرية واعجابه بهذا الفقيه بحيث رماه بسهم التفلسف فأصاب منه مقتلا.
وهذا تقليد لمن سبق الوردي من بعض الكتاب والباحثين، من الذين تطرقنا لهم سابقا في مقالات بخصوص هذا الموضوع، واعني به مصطفى عبد الرازق وامثاله من المهوسين بابن تيمية.
نعم، وقد ظهر الذي يبحث عنه الوردي، وهو نظرية جديدة في علم المنطق، وكانت بعنوان "الاسس المنطقية للاستقراء" للمؤلف والمفكر والباحث محمد باقر الصدر، وعلى ما اعتقد أنه صدر في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم.
وجاء في المقدمة: "كل استدلال تجيء النتيجة فيه اكبر من المقدمات التي ساهمت في تكوين ذلك الاستدلال...ومن اجل هذا يعتبر السير الفكري في الدليل الاستقرائي معاكسًا للسير في الدليل الاستنباطي الذي يصطنع الطريقة القياسية، فبينما يسير الطريق الاستنباطي- وفق الطريقة القياسية- من العام الى الخاص عادة، يسير الدليل الاستقرائي- خلافا لذلك – من الخاص الى العام".
وقد اطلعت على هذا الكتاب لكنني لم اقرأه بعد، واتمنى أن اقرأه كي اتعرف على مضمونه عن كثب، وارى ما في طياته من معارف وعلوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله وإسرائيل.. جهود أميركية لخفض التصعيد | #غرفة_الأخبا


.. مساع مكثفة سعيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل قتلت لونا الشبل؟


.. بعد المناظرة.. أداء بايدن يقلق ممولي حملته الانتخابية | #غرف




.. إسرائيل تتعلم الدرس من غزة وتخزن السلاح استعدادا للحرب مع حز