الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيد في زمان كورونا

الحسين افقير
كاتب مغربي .

(Houcine Oufkir)

2020 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ...... بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
يخاطب المتنبي العيد متسائلًا عن الحالة التي عاد فيها، لو كان بيننا المتنبي اليوم في زمن كورونا ماذا كان سيقول ، هل كان سيبقي على نفس البيت ام انه سيضيف إليه كورونا التي فعلت فعلتها فينا، ككل مناسبات هذا العام، يجيء العيد استثنائيا تنقصه عادات كثيرة لكن تضاف إليه نكهة جديدة.
وقد أغلقت أغلب المساجد أبوابها بسبب وباء كورونا ولن تستقبل المصلين صباح العيد. الصلاة ستكون من البيوت عوض الذهاب الى المساجد، كل شيء تغير ، عيد كيف جاء ، مجيئه هذا العام استثنائيا ليس كباقي الأعياد السابقة ، فيما يتأهب اخواننا المسلمون لاستقبال عيد الفطر ولسان حالهم يقول بأي حال عدت ياعيد في زمن كورونا؟ فبين الصلاة في البيوت ووضع الكمامات والتباعد الاجتماعي وغياب الزيارات بين العائلات، سيكون عيد الفطر الذي من المتوقع أن يكون في نهاية الأسبوع قد حل في ظروف استثنائية فرضتها جائحة كورونا التي خلفت أكثر من 300 ألف وفاة حول العالم. ولسان حال المتنبي خير وصف لهذا البعد عن العائلات في بيته الشعري.
مّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيدًا دونَهَا بِيدُ
يتأسف المتنبي على بعد أحبته عنه، وكذلك نحن نتأسف لتباعد الاجتماعي المفروض علينا والواجب أن نعمل به تفاديا للعدوى، متمنين لو أن هذا العيد بعيد عنا ضعف المسافة التي بينه وبين أحبتنا الكرام وعائلتنا واخواننا، لأننا هذا العام غير مسرورين بهذا العيد مع بعد أحبتنا عنا. ولا زيارات عائلية في أغلب البلدان وأطفال كثر محرومون من اللعب مع أقرانهم ومن "العيدية" ومن تقبيل جبين والديهم والجدات.
ومهما كانت الظروف صعبة فلا بد من الفرحة، تحقيقاً لشعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، ولا ينبغي أن تمنع إجراءات التباعد الوقائي من صلة الأرحام في أيام العيد، فهي المناسبة السنوية التي يجب ان نتسامح مع من أساءوا إلينا نفعوا و نصفح عنهم ، ونصل ما انقطع من حبال المودة، ونرقع ما انفتق من ثوب المحبة، حيث وفرت وسائل التواصل الحديثة بدائل الذهاب شخصيا والتعايد يكفي من بيتك أن تعايد عائلتك من هاتفك الذكي الذي وفرا عنا عناء التنقل وطول الطريق، لكن تبقى زيارة العائلة نكهة لا مثيل لها، ، وغرف المحادثات المرئية سهلت علينا ذلك، ما نستطيع أن نؤدي به الغرض،
إنه العيد السعيد الذي جاء بعد عبادة فيها مشقة ومتعة، وصدق ابن القيم الجوزية: «وليس المقصود بالعبادات والأوامر المشقة والكلفة بالقصد الأول، وإن وقع ذلك ضمناً وتبعاً في بعضها، لأسباب اقتضته لا بد منها، هي من لوازم هذه النشأة، فأوامره سبحانه، وحقه الذي أوجبه على عباده، وشرائعه التي شرعها لهم هي قرة العيون ولذة القلوب، ونعيم الأرواح وسرورها، وبها شفاؤها وسعادتها وفلاحها، وكمالها في معاشها ومعادها، بل لا سرور لها ولا فرح ولا لذة ولا نعيم في الحقيقة إلا بذلك».
فكيف هو العيد في زمن كورونا، العيد من الناحية النفسية حالة من السرور يشعر بها المؤمن نتيجة استجابته لأمر ربه، ويقتضي الأمر الانتقال من حال إلى آخر، ولقد صدق المتنبي بقوله :

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيدًا دونَهَا بِيدُ

بهذين البيتين الشعريين يلخص المتنبي حالنا في هذا القرن كأنه يعلم ما نحن مقبلين عليه من مصاعب ومطبات، املين ان يرفع الله عنا هذا البلاء وعلى جميع الأمم بكل مشاربها بدون تمييز.














ويستفهم إن كان هذا العيد قد جاء بأمر جديد مختلف عما مضى وسبق أم أنه جاء بالهموم والمتاعب التي اعتاد عليها المتنبي من قبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصري والأمة الإسلامية بحلو


.. تكبيرات العيد في الجامع الازهر في اكبر مائدة إفطار




.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء


.. 41-An-Nisa




.. 42-An-Nisa