الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لسنا بحاجة لأصنام جديدة!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 5 / 30
القضية الكردية


للأسف شعوبنا تربت على ثقافة القيادة -ولا أريد القول على ثقافة القطيع- حيث تجد بأن هناك محاولات حثيثة دائماً للبحث عن شخصية كاريزمية للقيادة وإلا فإن التشتت والضياع والانقسام سيكون سيد المشهد الحياتي والسياسي وانطلاقاً من هذه الذهنية وجدنا بروز شخصيات قيادية في كل مرحلة بين شعوبنا، بل أحياناً نلجأ لوضع شخص ربما يفتقد للكثير من (خصوصيات القائد) -وفق معاييرنا الخاصة لكل مجموعة بشرية طبعاً- في موقع ربما يكون ليس له وعلى مقاسه الكاريزمي وإن المقولة المتداولة والتي تطالب بوضع حجر في صدر البيت إن لم يكن هناك كبيراً أو المثل الشعبي القائل؛ “من لا كبير له لا تدبير له” ليسا إلا تعبيراً عن بحثنا الدائم عمن يقودنا كقطعان بشرية “ثورية” للإطاحة بقائد آخر تحول لمستبد وبالتالي وضع الجديد الثوري مكانه ليتحول هو الآخر بفعل الزمن والتآكل الأخلاقي إلى مستبد وديكتاتور جديد نحتاج لقوى وقائد ثوري جديد لخلعه ووضع الثوري مكانه وهكذا دواليك.. إن ما دفعني لكتابة الأسطر السابقة هو محاولة البعض وضع كل الأمل ب”القائد الجديد”؛ السيد مظلوم عبدي وكأنه هو المخلص أو المهدي الكردي الروجآفاوي ومن دونه ستكون النهاية الحتمية لأي مشروع سياسي كردي وطني.


ربما يفهم البعض بأن هذه موجهة لشخصية أجمع عليها مختلف كردنا في روجآفاي كردستان وأقصد شخصية السيد مظلوم عبدي، لا أبداً فأنا بدوري أجد في شخصية الأخ عبدي تلك الكاريزما الوطنية المخلصة والمتواضعة التي تحاول قدر الإمكان توحيد الصف الكردي في مرحلة تتطلب ذلك بأقصى سرعة وأنا من الذين حاولوا دائماً وسيحاولون مساعدة هذا التوجه إن كان هناك السيد عبدي أو دونه، لكن ليكن بعلمنا جميعاً؛ بأن الجنرال -كما سماه ترامب- هو جزء من منظومة سياسية عسكرية كبيرة وليس متفرداً بقراراته أو عزف منفرد في جوقة موسيقية “كلُ يطبل على هواه”، بل هو نغم منسجم مع جوقته ورفاقه ولا يتفرد بقراراته، بل لا يمكن للأخ عبدي أن يكون صاحب رأي مخالف لمؤسسته السياسية والعسكرية وخاصةً لمنظومة تعرف بأنها تعمل وفق عقلية أقرب ما تكون بعقلية "الدولة العميقة" حيث هناك مركز للقرارات السياسية والعسكرية وأن خروج أي شخصية عن خطها السياسي سيحكم على نفسه بالموت والفناء ليس بالمعنى المادي ضرورةً، بل على الأقل بالمعنى المجازي حيث سينتهي دوره سياسياً وعسكرياً!


وهكذا فإن القضية لا ملائكة (مظلوم عبدي) ولا شياطين (آلدار خليل)، كما يريد بعض الأخوة التسويق لها في الشارع الكردي، بل كل من السيدين عبدي وآلدار جزء من منظومة سياسية وعسكرية لهما أدوارهما، كما للآخرين أدوار أخرى مكملة لبعضها من حيث الوظيفة والهدف المرسوم كخطط سياسية استراتيجية يعمل الجميع على تطبيقها وإنجاحها .. بالمناسبة هذا ليس دفاعاً عن أحد أو تقليلاً من شأن أحد، بل هي قراءتي لهذه المنظومة السياسية وعقليتها وآليات عملها التنظيمي حيث وبحكم معرفتي بها، فلو كان قد خرج أي من السيدين عبدي أو خليل عما رسم لهما لكان قد غاب عن المشهدين السياسي والعسكري من زمان وهنا أود أن أوضح بخصوص تصريح السيد آلدار خليل في مقاربته خلال حواره على روناهي من قضية التفاهمات الكردية لأقول؛ بأن الرجل لم يخرج عن "السيستم" أو الخطة والمنهجية السياسية لمنظومتهم الفكرية حيث كلنا ندرك بأن الإدارة الذاتية المنبثقة عن الفكر الأوجلاني جزء من مشروع سياسي قائم على مفهوم “أخوة الشعوب” و”الأمم الديمقراطية” وليس مشروعاً قومياً وفق المنهجية الكردية الكلاسيكية وبالتالي من الطبيعي أن يطالب أن لا يكون التوافق الكردي على حساب المكونات العرقية الأخرى في روجآفا وبنفس الوقت لا أعتقد بأن الآخرين وضمناً المجلس الوطني ضد تلك الرؤية حيث الجميع يدرك بأن نجاح التجربة وسلامة المنطقة يفرض تشاركاً سياسياً بين الجميع.


وبالأخير علينا جميعاً أن ندرك ونعي تماماً؛ بأن المرحلة التاريخية تتجاوز مفاهيم النظم السياسية القديمة والتي عبر عنها أتاتورك، إبان قيام الجمهورية التركية والتي لخصها ب”قومية واحدة، لغة واحدة، علم واحد” وكذلك “القائد الأوحد” -صحيح هو لم يقلها، لكنه فعلها وطبقها- وبأن المرحلة الحالية تتطلب تعاوناً من الجميع؛ أقوام وشعوب ولغات وأعلام وأحزاب وأديان وطوائف ومذاهب وشخصيات وجماعات مختلفة حيث وكما لا يمكن أن تعود سوريا لما قبل عام 2011 زمن الحزب الواحد والقائد والقومية الواحدة، فإن روجآفا وهي تمثل سوريا المصغرة، لا يمكن أن تكون لشعب واحد وقائد واحد وحزب واحد وأن التفاهم الكردي الكردي هو الحلقة الأولى في التفاهم الشعبي المكوناتي بين مختلف الأطياف والأعراق والقوميات والأديان التي تشكل الطيف الروجآفاوي.. ونأمل أن نستوعب هذه الحقيقة تماماً؛ بأن زمن الأصنام والديكتاتوريات باتت من الماضي مع ديمقراطية مواقع التواصل الاجتماعي التي سنحت للجميع فرص متكافئة للتعبير، بدل ثقافة المنابر التي كانت محتكرة لرجال الدين والسياسة في خلق كاريزمات وزعامات مستبدة ديكتاتورية.. نعم ديمقراطية ثورة المعلومات أسقطت آخر الأصنام فلا أصنام جديدة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرا الجزيرة ترصد معاناة النازحين من داخل الخيام في شمال غ


.. قلق بين اللاجئين والأجانب المقيمين في مصر بعد انتهاء مهلة تق




.. أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم في العاصمة كييف.. واعتقال


.. احتجاجات في الشمال السوري ضد موجة كراهية بحق اللاجئين في ترك




.. السودان.. مبادرات لتوفير مياه الشرب لمخيمات النازحين في بورت