الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرخٌ نَبَتَ الرّيشُ بجناحيْهِ

فتحي البوزيدي

2020 / 6 / 3
الادب والفن


لا أحبّذ حلاقةَ حزن يسقط
من رأسي إلى كتفيّ.
سنوات الصّبر تخضع للقياس
بطول شعري..
بألمٍ أشعثَ صار يشبه لوالبَ نحاسيّة بلغت ظهري.
أخبرني الطّبيب أنني ربما عشت أيّاما ثقيلة أنهكت عمودي الفقريّ.
"عِرْق الأسى"
(مهووس أنا بالمطابقة بين اللّفظ و المعنى
أفضّل هذه التّسمية عن
"عرق النّسا".)
ساقك تشبه خشبةً تُدَقّ فيها
مساميرُ..
أوتادٌ تثبّتُكَ مثلما تثبِّتُ خيمةَ لاجئ في جرح أرضه.
أظنّ إذن أنّ الأشجار تتألّم أيضا من طول الوقوف على ساق واحدة.
بنفس مازوشيّة الأشجار ,
أتلذّذ أثر أسنانك الأماميّة على قضيبي.
بنفس مازوشيّة الأشجار ,
لا أحبّذ حلاقة الحزن.
أمّا أنتِ
تريدين اقتلاع الشّيب من قلبي
لأصير طفلا,
و أصغرَ من فرْخِ حسّونٍ بين يديكِ.
لفراخ العصافير حنين إلى حبّات القمح من مناقير الأمّهات .
لي أيضا حنينٌ إلى أصابع أمّي تقتلع الشّوك من جسدي النّحيل.
كنت أصغر من فرخٍ يوم سقطتُ بين أشجار صبّارٍ تسيّج كوخَنا العاري.
أكواخ الفقراء عوْرةٌ يحرسونها من عيون جار إقطاعيّ يتلذّذ بنكاح
القشّ..
التّراب ..
الطّين..
الطّوب .
ما زلت فرخا لا أتقن الطّيران رغم أنّي بلغت من العمر "عرق الأسى" .
لهذا السّبب وحده
أثارني معطفٌ من ريش ترتدينه.
لهذا السّبب
أظنّ أنّني صرت أطير كلّما فتحتُ معطفكِ ..
علّقتُ حزني على غيمتين بلا حمّالة صدرٍ .
أنتِ
لا تحبّين تسييج غيمتيْكِ مثلما يسيّج الفقراءُ أكواخَهم.
أنا
لا أحبّذ حلاقة حزني,
غير أنّي صرت فرخا ينبت الريش بجناحيْه كلّما اقتلعتِ الشّيب من قلبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض


.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا




.. الفنان أيمن عزب : مشكلتنا مع دخلات مهنة الصحافة ونحارب مجه