الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تاريخ الشذوذ (1)

داود السلمان

2020 / 6 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الفصل الاول: لمحة تاريخية
جرت عادة الباحثين أنهم حينما يكتبون عن الشذوذ الجنسي ويحاولون تسليط الضور على هذه الجائحة التي تعرض لها الإنسان منذ القدم وجعلته يصبح اقرب الى البهيمة منه الى الانسان المستقيم، فيربطون كل ذلك بقوم لوط النبي فنازلا، ثم يسردون الاحداث التي جرت بعد ذلك وكيف وتطوّرت على مدى التاريخ الطويل.
ثم يفلسفون هذه الظاهرة التي تفشت في كل المجتمعات، وليس مجتمعا دون آخر، منذ اول بذرة سامة نبتت في ارض ذلك الواقع حتى وصلت الى مجتمعاتنا الحالية، ولن تنتهي هذه الظاهرة الوحشية ولا سوف تتوقف في يوم من الايام، وذلك لأسباب كثيرة قد نتعرض الى لها في مباحث أخرى من هذه الدراسة.
والحقيقة العلمية هي غير هذه التي سار على نهجها الباحثون، فلا توجد لدينا مصادر تاريخية أخرى معتبرة نعتمد عليها كي نرسم، ومن خلالها، لوحة صارخة من دون رتوش تجسد حقائقنا وتنسجم مع تاريخنا، غير الكتب السماوية والمصادر الدينية وتفاسير المسلمين واقوالهم، وهم يشرحون قصة قوم لوط، وكيف تفشت بهم هذه الظاهرة، عند وصولهم للآية التي ذكرت ذلك. فيغوصون في الشرح بإسهاب، وكيف أن الله خسف بهم الارض، وانتقم منهم شر انتقام!. وهذه المصادر لا تكفي للوصول الى كنه الحقائق العلمية التي عادة ما يبحث عنها الانسان، ويروم الارتشاف من معينها، وخصوصًا الباحث المدقق، الذي يريد وايصال الحقيقة للناس جميعًا، والحقيقة هي ضالة البشر.
واللِّواط من الناحية اللغة هو اللُّصوق، ولاطَ الرجلُ لِوَاطاً ولاوَطَ ، أَي عَمِل عَمَل قومِ لُوطٍ أي وطء الدُّبُر، وسُمي لواطاً لالتصاق اللواطي بالملُوطِ به، أو لأنه فعل قوم لُوط.
وفي مفردات الراغب: "وقولهم تلوّط فلانٌ اذا تعاطى فعل قوم لوط".
فاللواط بمعنى آخر هو الاتصال الجنسي بين ذكرين، وهو نوع من أنواع الممارسات الجنسية الشاذَّة التي تسبب أضراراً بالغة الخطورة على الصعيدين الفردي و الاجتماعي، كما يذكر ذوي الاختصاص.
وهو بمنطق اليوم مرض نفسي له مخاطر جمة على الانسان وعلى المجتمعات، وخصوصًا المجتمعات المحافظة، وخطورته تكمن في هدم القيم الاخلاقية النبيلة، وتعزز في روحية المجتمعات التدني والانحلال، بالتالي تفضي الى اضمحلال الروح الانسانية الخالصة، بل والى القضاء على الانسان نفسه داخليا.
وتكمن خطورته على الانسان جسديًا ونفسيًا، فمن الناحية الجسدية حيث تتكالب عليه الامراض المختلفة، عن طريق الجهاز التناسلي، ولعل اخطر هذه الامراض هو مرض الايدز، هذا المرض الذي حصد آلاف الاشخاص وربما ملايين من مختلف بلدان العالم. ومن الناحية النفسية فأنه يجعل النفس منقبضة منكسرة مهانة ذليلة، يشعران، الفاعل والمفعول، بتأنيب الضمير، فضلا عن الحالة الدونية التي يحسها من قبل الناس المحيط به، وهي نظرة ذل لا تفارق الفاعل والمفعول.
وربما يسأل القارئ الكريم: هل ثمة علاج مُجدي للمبتلى بهذا الداء الوبيل؟.
فنقول: نعم، وسنتطرق اليه في فصول مقبلة من هذه الدراسة.
وبحسب الاساطير، إن الشيطان هو الذي اغرى قوم لوط وجعلهم يمارسون هذه العادة الشاذة. فهم اولا من عرف بها فالتصقت بهم، ثم انتشرت بشكل كبير وواسع، الى أن اصبحت منشرة في كل اصقاع العالم.
يذكر نعمة الله الجزائري في كتابه "قصص الانبياء" حكاية تذكر قصة اللواط التي قام بها قوم لوط، وهي حكاية اقرب للأسطورة منها الى الواقع اذا لم نصنفها كأسطورة بالفعل.
يقول: كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم الله فطلبهم إبليس الطلب الشديد، وكان من فضلهم وخيرتهم أنهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم.
فلم يزل إبليس يعتادهم، فكانوا إذا رجعوا خرب إبليس ما يعملون فقال بعضهم لبعض: تعالوا نرصد هذا الذي يخرب متاعنا، فرصدوه فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان والقوا عليه القبض.
فقالوا له: أنت الذي تخرب متاعنا مرة بعد اخرى؟، فأقر بذلك، فاجتمع رأيهم على أن يقتلوه.
فبيتوه عند رجل، فلما كان الليل صاح فقال له: مالك؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل