الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هذه أفكارشيطانية ؟

رمضان عيسى

2020 / 6 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


خواطر وأفكار تنتاب ثلة من البشر الذين ذاقوا عذابات الحياة ولم تُترك لهم فرصة لتذوق لحظة هناء ومتعة وسعادة ، فكانت حياتهم مليئة بالعذاب والألم والصراع .
فلحظة صمت قد تكسرها صرخة ، أوه يا الله !!! يا سميع ، يا صاحب الجبروت !!! أينك ، وأين كرسيك الذي يملأ السماء والأرض ، أجبني !!! لماذا خلقتني يا الله ، وهل أنا موجود في هذه الحياة برغبة مني أم برغبة منك ؟ إذا كان وجودي تلبية لإرادتك ورغبتك ، فمن عليه أن يتحمل العواقب ؟ أنا أم أنت ؟
كنت غارقا في الطبيعة بلا عيون ترى حروب البشر ، ولا أسمع بموت يثير الغثيان ، ولا أعيش ظلم الانسان لأخيه الانسان ، ولا أرى قدرا يخطف الطفل من امه ، ولا الحبيب من حبيبته ، ولا أرى الملوك والديكتاتوريون الظالمون لشعوبهم ، ولا أرى الأسلحة التي تدمر ، ولا أرى الأطفال الجوعى، ولا أرى مرضى ، ولا أسمع آهات المعذبين .فهل من شروط وجودي أن أُبتلى وأسمع وأرى هذه المرئيات وهذه الصوتيات ، وهل هذا ابتلاء وشرط علي لأعرفك ؟
إذا كان هذا من مشروطات معرفتك ، ما هو الذنب الذي اقترفته حتى يَقتَرنْ وجودي بهذا البلاء ؟ فلماذا لم تعفيني من كل هذه الآلام التي غلفت حياتي ولم تترك لي لحظة من هناء ولا هدوء ، لماذا ؟
اذا كنت خلقتنا من أجل أن تثبت لنا مقدرتك على الخلق " كما قلت : خلقت الخلق لأُعرف " ، أي خلقت البشر لكي يعرفوك ويعرفوا مقدرتك ...!!
قل لي ما الذي يمتعك ويرضيك ؟ هل الدعاء والصلاة والدروشة والصيام وزيارة المعابد، والتمسح بحجارتها، والانعزال في المغاور والكهوف، وإهراق دماء القرابين بالملايين، يعجبك ويثلج صدرك ، أم ان قطع الأيادي وتغليف المرأة وبَرقعتَها ، ووضع المتفجرات في الأسواق وقتل الأبرياء بلا عدد ولا تمييز، وزيادة عدد الأرامل والثكالى والأيتام والعجزة يعجبك، وعندك مكافأة لمن يفعل هذا !! والمفارقة أن عندك مكافأة أيضاً لمن قُتِلوا وجرحوا وفقدوا أحبائهم نتيجة لهذه التفجيرات ؟ قل لي هل هذا ما يعجبك ؟
إذا كان هذا ما يعجبك ويثلج صدرك، وتستمتع وأنت ترى الناس وهم يتضورون جوعا وألما ، ولن يجديهم الصراخ والأنين والآهات، ولا يمكنهم الهروب من قَدَرك الطاغي ، ولا الخروج من سجنك الرهيب ..
فعفوا، ما ذنبهم ؟ ما ذنب ان يُدفَعوا الى حياة مثل هذه ، وتُغلفهم بقدرك، ويكون النتيجة : عجزة ومشلولون، ومضطهدون ومستعبدون لمصائبهم التي أصبتهم بها ولن يستطيعون منها فكاكا .
ماذا فعلوا حتى تكون حياتهم عذاب مكثف ذو طبقات لا يخرجوا من احداها حتى يغرقوا في غيرها ؟ أهذا هو الابتلاء ، فلماذا ؟ وتقول أنك لست بظلام للعبيد ّ!!! فأنت من جعلتهم عبيدا ، وليس بعد العبودية ظلم !!!
فما دمت كامل الارادة والقوة والقدرة والسطوة ، فهل ينتابك الاحساس بالمتعة بإثبات هذه القدرة على أُناس ضعفاء ومحبطين ومغلفين بالقيود ؟ فكيف لأُناس أُوجدوا ودُفعوا لحياة وهم مقيدون بكل هذه القيود وتقول أنك منحتهم القدرة على الاختيار، كيف ؟ كيف لا يبتل في الماء من أُلقي فيه مقيداً ؟
لماذا إثبات القدرة لديك يسير في اتجاه التعذيب والتعجيز والاحباط ، لماذا لم تتجه في اثبات مقدرتك في طريق الاسعاد والفرح لتترك لهم مساحة لمعرفة رحمتك وعطفك ، ويكون ردة فعلهم الشكر وعرفان الجميل ، لماذا ؟
لماذا تجمع في يدك كل خيوط القدرة والجبروت الى جانب الرحمة والعفو والغفران ؟ لماذا كل هذا التفرد والديكتاتورية ؟ لماذا لا تكتفي بأعمال الخير والرحمة والمحبة ، وتحتفظ بها لنفسك فقط ، وتترك الحروب والدمار وتعذيب البشر الى غيرك ، الى الشيطان وحاشيته ؟ وأنت من تقوم بالمساعدة ، فيشكروك على هذه المساعدة ؟
لماذا تملك كل شيء بيدك ؟ فما دامت هذه رغبتك في التفرد وتملك المتناقضات الخيرة والشريرة فعليك أن تكون لديك الجاهزية لتسمع من الناس ولو جانب من الصراخ والآهات والدعاء والترجي لإنقاذهم من العذابات التي ابتليتهم بها ، وما اكثرهم في هذا العالم على مر التاريخ ، فالمعذبون كُثر ، وما أقل المتنعمين والسادة وما اكثر الكادحين والمعذبين !!!
أنت تقول : " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " ، والحقيقة ما أن عرفوا بعضهم بعضاً حتى تقاتلوا ، وقتل بعضهم بعضاً، واستعمر بعضهم بعضاً ، فما أن وصل الانسان الأوروبي الى الأمريكتين حتى أباد ساكنيها من الهنود الحمر وفرض حضارته على الباقين .
ولماذا أنت اله بالألوان ومتعدد المواصفات والأتباع ؟ فكل أتباع دين يعتبرون أنهم يمتلكون الحقيقة ، وأنك الاله خاصتهم ، أما آلهة الآخرين فزيف ، لهذا تجدهم يقتلون الآخرين بمتعة خالصة لأنهم في انتظار وعدك الحق لهم بالجنان وحور العين والولدان المخلدون والحياة الأبدية .
فلو قلبنا المسألة وأعطينا الانسان قدرتك وسطوتك وجبروتك ، وأبدلنا المواقع !!! وأنت خاضع أو معذب أو مقيد أو كادح أو أعمى أو كسيح أو مشلول أو جائع ، وعليك كل الحقوق والواجبات والطاعة بدون تمنع ، وإذا رفضت فالموت والتعفن والنيران التي وقودها أنت والحجارة في انتظارك !! فما رأيك عزيزي الرب ؟
أنت تقول أنك رفعت السماء ووضعت الميزان ليزن للإنسان افعال الخير وأفعال الشر وسيكون الجزاء حسب نتيجة هذا الميزان ، ف "من ثقلت موازينه ، فهو في عيشة راضية ، وأما من خفت موازينه ، فأُمه هاوية " ( سورة القارعة – ص600) .
فلو قلبنا المسألة ووضعنا ميزاناً لأعمالك الخيرة وأعمالك الشريرة التي كانت لها نتائج وخيمة على قاطني هذا الكوكب الذي هو شغلك الشاغل ومركز نشاطك ،وكأنه ليس غيرنا في هذا الكون . ولا ندري إن كانت لك أفعال مثل هذه مع سكان كواكب أخرى !!.
فماذا سيقول لنا ميزان أعمالك ؟ النتيجة واضحة ولا تحتاج لنقاش ، فالحروب والأمراض والزلازل والبراكين ، وما يقوم به أتباعك من كل الأديان ضد الآخرين ، ولكنك مطمئن لأن لا أحد يضع ميزان لأعمالك، فأنت الغيب، الغيب المطلق، فلو فعل أحد سكان الأرض جزءاً من ألف من هذه الأفعال، فلا شك ستكون أمه هاوية !!!
وتقول أنك خلقت للإنسان العقل الذي هو أداة التفكير وميزته به عن باقي الكائنات ، فهل يجب عليه أن يفكر في اتجاه واحد وهو خائف من المجهول، أم في كل الاتجاهات ؟ في الكون والطبيعة والمجتمع وكشف أسرارها ، واذا ما استنتج استنتاجات علمية عن مسببات الظواهر الطبيعية، وعن ظروف وتطور الكائنات العضوية الحية ، فهل تعاقبه لأنه فكر، واستنتج استنتاجات لا تتوافق مع اختفاء المسببات الغيبية للظواهر والتغيرات الحادثة ، فهل ستعاقبه وتحبط اعماله ، وتعتبرها أفكارا شيطانية ؟
وأخيراً ، أنا انسان ، أريد أن أعيش كإنسان ، له حرية الاختيار ، أطمح للخير للجميع ، أطمح لقيَم الحق والخير والجمال ، أطمح للسلام بين جميع ساكني هذا الكوكب ، أطمح لإله يكون عنوانا لكل هذا ، فهلا كنت هذا العنوان ؟ ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي