الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية1/ 3

داود السلمان

2020 / 6 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقدمة
لا الشك أن البيئة التي يعيش فيها الانسان، لها تأثير مباشر على حياته وافكاره، وعلى تكوين شخصيته كذلك، وبناء ثقافته، وهذا التأثير يأتي على نمطين معيين: الاول هي البيئة نفسها، من مناخها وتضاريسها، وجوها الخاص؛ كالحراجة، واليبوسة، أو الجفاف، أو الرطوبة، وغيرها. فمثلا الانسان الذي يعيش في الاماكن الباردة، الشمالية، هو ليس كالإنسان الذي يعيش في المناطق الجنوبية أو الوسط. والتأثير يأتي على حالته النفسية، فيلقي بظلالها على نفسيه مباشرة؛ كأن يصبح حاد المزاج أو بالعكس. والتأثير الثاني، هو تأثير المجتمع الذي يعيش فيه الانسان، فالمتجمعات متفاوتة فيما بينها، خصوصا المجتمعات العربية الاسلامية، فهي مختلفة جدا عن المجتمعات الغربية؛ لخصوصيات هذه المجتمعات. فينهل ذلك الانسان من ثقافتها ويقتبس من حضارتها، ويأخذ من بيئتها كل ما يجده شاخصا أمامه، فتترسخ كل تلك القضايا في ذهنه، وتختزن في فكره، ولا يستطيع بعدئذ أن يغادرها أو ينكرها أو ينبذها، كأنها آيات سماوية نزل بها الوحي.
فقليل هُم الذين غيروا تلك الافكار والاطر، ونبذوا تلك الثقافة، بعد جهد جهيد من البحث والمطالعة، والصراعات النفسية، والنقد والتمحيص والفرز، والتأمل في تلك القضايا التي تعلمها من دون أن يسأل عن صحتها أو عن باطلها، أنْ رأى فيها باطلا، بل يأخذها كمسلمات لا يتسرب اليها الشك والريبة. ومن هؤلاء الذين عنيناهم في هذه المقدمة هو عبد الله القصيمي.
وقسمنا البحث الى اربعة مراحل:

مرحلة الطفولة قاسية
عبد الله بن علي النجـدي القصيمي(1907م- 1996م - 1416هـ). وُلد في "قرية خب الحلوة الواقعة إلى غرب مدينة بريدة في نجد في المملكة العربية السعودية، والده الشيخ علي الصعيدي الذي انتقل إلى خب الحلوة من منطقة حائل، عرف عنه تزمته الديني وانتقل إلى الشارقة لزيادة علومه الدينية، بالإضافة للعمل التجاري".
وعاش القصيمي حياة فقر وحرمان وبؤس، منذ باكورة حياته، بعد فراق والده لوالدته في ظروف غير واضحة المعالم، وانقطاع أخبار والده عنه مدة طويلة، حيث انفصلت عُري الابوة عنه، وهو في اشد الحاجه اليه، خصوصا في هذه السن (العاشرة)، فعمل أجيرًا ليعيل نفسه وهو في كنف اخواله، ثم بدأ رحلة البحث عن والده الذي انتقل إلى بعض مناطق الخليج حتى حصل تم الوصول اليه، والتقى بوالده بعد رحلة بحث شاقة تكبد خلالها المصاعب والمتاعب، ونال ما نال من شظف الحياة وقسوتها.
ومثل تلك الظروف التي مرّ بها القصيمي لا أحد يدرك حجم آلامها إلاّ الذي يعيشها، حيث لها تأثير واضح على نفسيته وعلى شخصيته، اذ قد يشعر بالضياع وبمستقبل ضبابي. ومثل هذه الظروف التي تمر على الانسان وهو في هذه الحياة المبكرة، عالجها علماء النفس وبينوا تأثيرها على نفسية الطفل الذي هو في هذه السن المبكرة، ولو بعد حين، فالتأثير سواء كان سلبي أم ايجابي.
كان والد القصيمي رجل متشدد، متعصبا في دينه، وفي عاداته التي كسبها من محيطة الملغوم بالأفكار الدينية المبنية على الكراهية وعدم قبول الآخر؛ وما كان منه إلاّ أن يزق تلك الافكار والمعارف الدينية لولده عبد الله زقا، وهي عبارة عن معلومات في الدين وفي الفقه وفي اقوال المشايخ التي تعلموها هُم بدورهم من الكتب الفقهية المشددة، والتي يعوّل عليها ذلك المجتمع، فضلا عن حفظه للقرآن. وكان الفتى عبد الله ذكيا سريع الحفظ، ثاقب الفكر، يتلقف كل ما يسمعه من ابيه ومن غيره تلقف المغناطيس لبرادة الحديد: من ثقافات ذلك العصر. ووالده يراقبه عن كثب، ليرى مدى استيعاب ولده، مما جعل منه متشددا كأنه نسخة مصورة منه.
فارق والده الحياة وعبد الله لم يبلغ الحلم بعدُ، فما كان من إلاّ أن يشد الرحال بهدف تلقي العلم والمعرفة في عدة بلدان عربية ومنها العراق. ففي العراق "تابع القصيمي تعليمه في مدرسة الشيخ أمين الشنقيطي، في منطقة الزبير التابعة للبصرة في جنوب العراق، ثم التحق بالمدرسة الرحمانية بنفس المنطقة، ومن ثم رحل إلى الهند ومكث فيها عامين، عاد من الهند إلى العراق والتحق بالمدرسة الكاظمية ثم رحل إلى دمشق، ومن دمشق إلى القاهرة حيث كانت بدايته الحقيقية هناك".
وانتهى به المطاف إلى جامعة الأزهر، وهو يحمل في جعبته تلك الافكار التي أخذها عن والده، المتمثلة في تعاليم محمد عبد الوهاب وأفكار ما يسمى بالسلف الصالح، كتعاليم ابن تيمية التكفيرية المتعصبة، وسار بها الى مصر، وكانت تلك الافطار والاطر غير منسجمة مع رجال الدين والمشايخ في مصر عموما، ورجال دين الازهر على وجه الخصوص، حيث الفكر الوهابي هناك لم يكن متغلغلا بعد حينذاك، فالأفكار والتعاليم والدروس معظمها تقريبا يطفو عليها تعاليم الشيخ محمد عبده شيخ الازهر في حينه، ثم تلميذه الشيخ محمد رشيد رضا، وغيرهما.
فتم قبوله في الازهر، كطالب علم يتلقى العلوم حاله حال الآخرين، الذين جاؤوا من كل حدب وصوب لأخذ العلم والمعرفة الدينية، فوجد أن كثيرا من العلوم الدينية التي يدرسها الازهر لطلابه لا تنسم انسجاما تاما مع الدروس التي تعلمها من والده، ومن مجتمعه ذاك في ارض بلاده.
هنا، بدأت مرحة جديدة تطرأ على أفكار ورؤى عبد الله القصيمي؛ وهي ما نعدها مرحلة تاريخية مهمة في حياته، نقلته بدورها الى مراحل أخرى تباعا أكثر تطورا، فقلبت حياته الفكرية والايمانية رأسا على عقب، وهذه المرحلة هي:








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة