الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الشجرة التي تغطي بقية من غابة

محمد الطيب بدور

2020 / 6 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لأن قضايا المجتمع ترتبط بشكل منظومي و كذلك مؤسساته الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الاعلامية ، و لأن صانعي السياسات في كل المجالات تقريبا يتغاضون عن التمفصل الضروري حتى لا تنهار إحداها فتجر بقية النسيج الى انهيارات متتالية ، فإن مستويات التحليل لتشخيص الأزمات الحادة يكون هو الآخر مجانبا لنظرة شاملة تبحث أصول المشكلات و ترتيبها و التوليف بينها.
في الواقع لم يعرّ واقع الصحة البنى التحتية و نسيج الرعاية الصحية و استراتيجيات السياسات الصحية فحسب ، فكثيرة هي الأصوات التي نادت بضرورة الاستفاقة لوضع الصحة من أولويات المجتمع منذ الشعور بالغبن و العجز عن العلاج الذي يكفل الحياة تبعا لتداخل و تعقيد مسالك الاستفادة من الخدمات الصحية و انتشار سوق لنهب مقدرات الناس و الاستغناء عن طواقم و خبرات لم تعد تجد في البلد غير
التحقير و التدجين و الرضا بالدون .
بإمكانك أن تحصر القول بوجهة نظر أحادية الجانب و تسهب في تشريح المجال الصحي كما يكون الحال عندما يتعلق الأمر بالتعليم أو النقل أو غيرها من المجالات الحيوية و لكن بعض الأسئلة التي يمكن أن تسلط الضوء لنفهم كيف وصلنا الى هذا المستوى من التداعي في جميع المجالات .
ــ ما علاقة الصحة كمجال حيوي يهم حياة الناس بالتعليم و البحث و دور المجتمع ليظل أولوية قصوى ؟
هل في موازنات الدولة ما يشير صراحة غيرالخطابات السياسية الى الاستثمار في صحة الناس لصالح المجالات الأخرى ؟
ــ أين تكمن العطالة في جعل الصحة مفهوما يتعلق بالبيئة ينسجم مع نظرة معينة مع التناول العلمي و ثقافة الانضباط الى الخبرة و التجربة العلمية ؟
ــ أي اعتبار لمواكبة المستجدات الطبية في غياب استراتيجيات التكامل بين الموارد و مخرجات التعليم الجامعي و بنى تقنية عالية و مخابر البحث التي تدعم الاستقلالية و السبق و التوقي ؟
ــ كيف تشتغل الآلة السياسية من حيث :
ـ وضوح الرؤية أو عدمها بخصوص الرعاية الصحية للجميع و على أي أساس ؟
ـ أي ثقافة و مآلات صحية في مناخ تسييس الكثير من الخدمات و رهن مستقبل الصحة بتوجهات متضاربة و لوبيات تتحكم في كل مفاصل الحياة ؟
ـ أي خطاب صحي في علاقة بثقافة تعلي من شأن الحسم العلمي داخل النسيج المجتمعي في ضوء خطابات السلعنة و التخلف و الشعوذة و تسطيح الفكر ؟
ـ أي مقاربات تعليمية منذ بداية الدراسة تهيىء الجيل الى نظرة شاملة للصحة بما في ذلك التربية على الاكتشاف و الاستشراف و خدمة الرفاه الصحي كحد أدنى لإنسان إيجابي يؤدي دوره المجتمعي دون خوف على مصيره و مصير أبنائه و بقية النسيج المترابط من المجتمع ؟
أسئلة قد تفتح تحليلا منظوميا في زمن الكورونا ، و لكن سنتساءل أيضا ، هل عرّت هذه الجائحة هشاشة كل المنظومات و المناعة المزيفة ؟ يكفي أن نعد ما يتوفر من مخزون غذائي و حجم العوز و دخول لوبيات الاحتكار و النهب و نقف على أزمة قيمية حادة تعكس الكسر الذي أصاب في مقتل أخلاقيات الكثير من المهن ، أزمة كان من المتوقع أن تحصل حسب المراقبين المتابعين لشأن مجتمع تتقاذفه التجاذبات حول أهداف أنانية لم يكن من نتائجها غير تهرئة التعليم و الصحة و المزيد من الفقر و الجريمة ..
قد نشهد استفاقة حينية حيث ترتب أولويات المجتمع لكن ليس الى درجة الكسب ..فآلة توزيع ما يحقق الحياة الكريمة ليست بيد من يفتقرون لوسائل تحقيقها و إنجازها ... ربما ننسى الحجر الصحي الذي قرب الأسرة في سجن الخوف و الرعب ، ربما تعودنا رؤية من يستميت في الحصول على ذرة سميد يسد بها رمق أطفال ، ربما لم ننزع الى الآن قناع النفاق و لم نعرّ الى الآن زيف جلادينا ..و خور سياسات تسوقها الأهواء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين