الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن الكرد لسنا إلا “دخلاء عملاء”!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 6 / 11
القضية الكردية


لفت انتباهي العبارة التالية في بوست للأخ “نوري شوقي كوراني” بخصوص بيان الشخصيات السورية التي ترفض التفاهمات الكردية الكردية حيث أورد على لسان أحد المعلقين قائلاً؛ “بالمختصر أحدهم في إحدى الردود يقول سوريا للجميع وما في شي للأكراد بسوريا”! إن العبارة السابقة ورغم اختصارها فهي تلخص ثقافة المنطقة وللأسف حيث اعتبار الآخر ملغياً تماماً في أيديولوجياتنا، فالعربي السوري يعتبر سوريا وطناً له وحده ليس فقط كجغرافيا سياسية، بل كذلك كحقوق وامتيازات ومكاسب وأن الآخر -وهنا الكردي تحديداً لبروز دوره السياسي في هذه المرحلة- ليس إلا غريباً مهاجراً وهو (العربي) الأصيل ابن البلد والآخرين دخلاء، بل وعملاء أيضاً حيث استقبلونا في بلادهم وجغرافيتهم نحن الكرد المهجرين المهاجرين من وراء الحدود والجبال وبعد أن آوونا بتنا نطالب ببلدهم وطناً لنا وبالتالي فمن الطبيعي أن نسمى بالدخلاء والعملاء وفق النظرية التي روّجت لها القوموية العربية بنسختيها الناصرية والبعثية وجاء الإخوان ليضيفوا على ذاك الخطاب العنصري القوموي قضية كفرنا وزندقتنا في تدوير وإعادة للتراث الإسلامي العنصري دينياً وقومياً!

وهكذا اكتملت دائرة الموت حول الكردي “الدخيل العميل” الذي يحاول دائماً “استقطاع جزء من الوطن وإلحاقه بدولة أجنبية” فبالتالي من الطبيعي وفق الخطاب المؤسس لأيديولوجيا قوموية بعثية متزاوجاً مع إرث ديني يكفر الآخر أن نكون “الزنادقة العملاء” بنظر هؤلاء (الوطنيين السوريين الأصلاء) وأن لا يكون لنا إلا الموت بحيث نجد توافقاً على هذه القضية من كل تلوينات السياسة في الثقافة العربية السورية، أي من اليمين لليسار ومن البعثي للإخواني حيث وللأسف كلهم يحملون نفس الثقافة أو ربما يمكننا القول؛ بأن تلك الثقافة العنصرية هي الأصل وما التسميات والأيديولوجيات المتعددة بين الليبرالي والاشتراكي والبعثي إلى الإخواني إلا تلوينات وتفريعات على الأصل وأي زخة مطر أو سياسة تذهب بتلك الألوان ليخرج لنا “معدنه الأصلي” وما هو كامن تحت القشور والألوان المتعددة ولذلك لا أستغرب أن أجد في بيان واحد كل تلك التيارات المتعددة حيث في نظر هؤلاء جميعاً، نحن الكرد، لسنا إلا مهاجرين لا يحق لنا شيء وإن كان لا بد، فإن صندوق البوية ينتظرنا أو كرسون بمطعم مع تقديري للمهنتين والعاملين بها.

ولذلك نجد كثيراً ترديد هاتين العبارتين في الخطاب السوري لكل تلك التيارات السياسية حيث في نظرهم لا يمكن للكردي أن يكون أكثر من ذلك ابتداءً من مفهومهم لمسألة الموالي وصولاً لمفاهيم الرفيق والمواطن، أما أن يصبح الكردي وزيراً ورئيساً ومشاركاً ومواطناً متساوياً في الحقوق فيعتبر ذاك نوع من الصدمة الدماغية لهم وما لا يتقبله العقل والمنطق -أقصد منطق الأشياء بحسب التأسيس الثقافي الأيديولوجي للخطاب العربي بشقيه الديني والقومي- قلت الديني وليس فقط الاسلامي لنؤكد على أن المسيحيين العرب في نظرتهم للكرد لا يختلفون عن المسلمين العرب وللأسف حيث الاثنان لهما نفس النظرة الاستعلائية وإن ميشيل عفلق أو خطاب الكثير من المسيحيين السوريين بخصوص الدور الكردي ورفضهم لهذا البروز والفاعلية في قيادة الحراك السياسي في سوريا والمنطقة -وبالأخص في المناطق الكردية أو كما يسمونها بمناطق ذات الغالبية الكردية- لا يأتي عن عبث، بل عن تأصل وتشارك سوسيوثقافي عربي مشترك يجتمع عليه الاسلامي والمسيحي، الشيعي والسني وما نجده في كل من سوريا والعراق تجاه الكرد ومشاركتهم السياسية في بلد ديمقراطي اتحادي فيدرالي إلا انعكاساً لتلك العقلية الشوفينية التي تجد في الكرد دخلاء وعملاء للغرب والأمريكان ويجب قتلهم جميعاً أو على الأقل أن يبقوا عبيداً لدى أسيادهم العرب.

للأسف هذه الفكرة؛ فكرة أن الكرد “دخلاء عملاء”، متجذرة في الثقافة العربية ولا يمكن أن تتغير بسهولة، كون هناك إرث ثقافي أيديولوجي يقف خلفه ليس فقط مع التيارات القومية الراديكالية خلال فترتي الناصرية والبعثية، بل تمتد حتى إلى الجذور السحيقة التي جعل من غير العرب موالي وعبيد في الثقافة الاسلامية وبالتالي سنحتاج لوقت ربما يكون طويلاً لتغيير تلك المفاهيم وإن ذلك يتطلب جهوداً مضنية من الجميع وبدايةً من الكرد؛ بأن يقدروا على الاستمرار في اثبات الذات كشريك سياسي فاعل وذاك يتطلب توحيداً للمواقف والصف من خلال امتلاك برنامج ورؤية سياسية يحدد المطالب ويقدم كمشروع وطني لحل كافة القضايا وعلى رأسها القضية الكردية وبالاعتماد على دعم الأصدقاء من القوى الدولية من خلال التأكيد على رعاية مصالحهم المتقاطعة مع مصالح شعبنا، كون لا أحد يقدم خدماته مجانياً للآخر ويبقى كذلك لبعض النخب الثقافية العربية التي تخلصت لدرجة ما من إرثها الثقافي العنصري، بأن تساهم في التأسيس لأسس حضارية ثقافية وطنية جديدة وذلك من خلال تقديم خطاب تنويري ولكن والأهم هو بقاء رعاية دولية لهذه الشراكات الجديدة في هذه البلدان التي تتأسس فيها حياة سياسية جديدة على أسس المواطنة والدولة الاتحادية الفيدرالية الديمقراطية حيث من دون الرعاية تلك سنتحول لميليشيات متصارعة متناحرة وكأننا في غابة وللأسف بحيث يعيد البعض لأذهاننا مقولة “رمي اليهود في البحر”، لكن هذه المرة سيكون رمي الكرد قبل اليهود!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة تزداد جحيماً بسبب ارتفاع


.. السيسي: لم تتردد مصر في إغاثة الأشقاء الفلسطينيين وصمدت أمام




.. أخبار الصباح | -العمال البريطاني- يفقد تأييد الأقليات العرقي


.. اللاجئون السودانيون في تشاد يعانون نقص الخدمات الأساسية




.. مراسل العربية أسامة الكحلوت: الجيش الإسرائيلي يحاصر عددا كبي