الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول النظام الطائفى فى السودان

محمد مهاجر

2020 / 6 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


-
فى اطار دفاعهم عن الحريات العامة والخاصة يعتقد بعض الليبراليين ان تدخل الدولة لفرض قوانين تحمى المواطن من نفسه, انما هى ابوية الدولة عينها. وعلى الرغم من عدم شمول وجهة النظر الليبرالية هذه, الا ان هجوم الليبراليين على النظام الابوى له ما يبرره. والسبب فى قصر وجهة نظر الليبراليين هو ان تدخل الدول الديمقراطية ياتى دائما لحماية الحريات العامة من الذى يشكلون خطرا على الحريات وليس من اجل ممارسة الوصاية الابوية.

على الرغم من التقدم الكبير فى مجال الحريات العامة والخاصة واحترام حقوق الانسان فى كثير من دول العالم الا اننا نجد ان النظام الطائفى ما زال موجودا فى عدة دول منها الهند وباكستان ودول اخرى فى الشرق الاوسط وافريقيا. ففى الهند وباكستان مثلا نجد ان استغلال افراد الطائفة من قبل زعماء الطوائف ظل سائدا, حيث توجد اعمال السخرة والاستغلال والعبودية الحديثة والسيطرة عن طريق الارهاق بالديون وغيرها. وقد عرف زعماء الطوائف كيف يحافظون على هذا النظام باستخدام كافة اشكال الاكراه ومنها النبذ من الطائفة, حيث لا يجد المنبوذ مجتمعا يتقبله.

ان النظام الابوى لراسخ الجذور فى السودان ومن اوضح امثلته الطوائف الدينية والعشائرية. ومن سمات هذا النظام الترتيب الهرمى حيث نجد زعيم الطائفة فى قمة الهرم يليه افراد اسرته ثم القادة الدينيين والعشائريين. ويتميز هذا النظام بالطاعة وعدم نقد الزعيم او تحدى اراءه وكذلك بالولاء المطلق وبالعقل الجمعى والحذر الشديد من التحديث والميل الى كبح محاولات التعبير عن الاراء المبتكرة. كذلك تسود افراده ثقافة تتقبل الاكراه والخضوع وتتجنب التمرد.

ولان زعيم الطاعة يعتبر بمثابة الاب فان له الحق فى ان يكون وصيا على افراد الطائفة. ولان الفرد يؤمن بان هذه الوصاية فى صالحه فانه ينفذ ما يؤمر به من دون نقاش. لهذا فانه يندر ان تنتقد اراء الزعيم فى العلن ويندر ان يحدث تحدى كبير من اجل الحصول على المزيد من الحريات او من اجل الترقى للافراد العاديين او اجراء اصلاحات كبيرة على النظام

لقد انشات طوائف الانصار والختمية وغيرها فى السودان مشاريعا اقتصادية درت على الاسر الطائفية عائدات مالية ظاهرة التاثير ومع ذلك كان الافراد العاديين فى تلك الطوائف يعيشون حياة المسغبة. ففى الجزيرة ابا مثلا كانت الكثير من اسر الانصار لا تجد التعليم المناسب لابناءها, ذلك التعليم الذى يؤهلهم للحصول على عمل يضمن لهم مصدر دخل يكفى اسرهم. كذلك كان الذين يعملون فى مشاريع دائرة المهدى يتحصلون على معينات غذائية واعانة مالية بسيطة لا تكفى لسد حاجاتهم الاساسية. عونا على ذلك فقد تم حرمان سكان الجزيرة ابا من ملكية الاراضى التى يسكنون فيها

ان اهم السمات التى ساعدت على نشأة واستمرار النظام الطائفى فى السودان هى الثقافة الجمعية ومركزية السلطة وسيادة الذكورة على الانوثة. لذلك نجد ان المجتمع السودانى تسوده قيم التردد من الخروج عما اعتادت عليه الجماعة او الطائفة, و كذلك قيم تفادى تحدى السلطة المركزية, وكذلك يكون الانحياز لقيم الذكورة ضد قيم الانوثة. لذلك وبرغم العيوب الكثيرة للنظام الطائفى فى السودان وبرغم التاكل البين فى بنيته الا انه صمد لفترة طويلة فى مجتمع اتسم بتفجير الثورات. وما لم تحدث ثورة تقافية حقيقية تطور من مفاهيم المجتمع فان النظام الطائفى سيستمر برغم عيوبه الكثيرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو