الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم الالكتروني والمدرس المتميز

زياد سالم القراني

2020 / 6 / 12
التربية والتعليم والبحث العلمي


جاءت كورونا بكل جديد من الأفكار في مختلف مناحي الحياة، والتعليم هو اهم جزء منها ليحتل الحديث عن التعليم الالكتروني الكثير من المبالغة في نظرنا كي يكون محل المدرس لقيادة العملية التعليمية ،. فمهما بلغت التكنولوجيا وتقنيات التعليم الالكتروني من مستويات التطور و الذكاء فأنها تقف عاجزة تعويض المدرس الكفء بإنسانيته و مشاعره و حدسه التربوي و قدرته على فهم طلابه و التفاعل معهم. فالمدرس الناجح ينتقل من مستوى نقل المعارف و المهارات – الذي يتساوى فيه كل من الإنسان و الذكاء الاصطناعي، بل و يتفوق فيه هذا الأخير- إلى مستوى الإلهام، ذلك الشيء الروحي الخفي الذي تعجز التكنولوجيا عن محاكاته، و لعل في تجاربنا الشخصية خير دليل على ذلك، فالكثير منا مازالوا يتذكرون مدرسين – و إن كانوا قلة – تأثروا بهم بشكل كبير و غيروا حياتهم إلى الأفضل بفضل قدرتهم على خلق السحر في نفوس طلابهم.
الانسانية والإلهام إذن هو ما يميز المدرس في مواجهة التكنولوجيا و التعليم الالكتروني ، لكنه ليس العامل الوحيد، فاعتماد الحلول الرقمية لا يؤدي إلى تعطيل دور المدرس، بل إن دوره يزداد أهمية في بيئة تعج بالتكنولوجيا التي تحتاج إلى مدرس كفء يعرف متى و كيف و لصالح من سيوظفها .
المدرس يلعب دور المايسترو كقائد للغة الروح الذي في غيابه تعجز أفضل الآلات الموسيقية و أغلاها عن عزف لحن متناسق يصل الروح بالجسد ، بل و تتحول معزوفاتها إلى نشاز يُؤدِي الأذن أكثر مما يطربها ، و يحضرني في هذا الإطار قول Katelyn Donnelly ... أن للتكنولوجيا أثرا كبيرا في تقوية و تعميق الأشياء التي نتعلمها، موضحة أن سبل التعليم الرقمي الموجودة في السوق تجعل من الصعب إدراك أيها أكثر فائدة للمدارس و الطلاب، ما يدعم و يؤكد الدور المركزي للمدرس في هذا المجال.
القرن الواحد والعشرين اظهر لنا جيلاً نشأ و تربى في بيئة تكنولوجية بامتياز، بيئة مليئة بالوسائط المتعددة، والعناصر الجاذبة للانتباه والتفكير و تكاد تسيطر فيها وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الإنسانية. بيئة تجذب اطفالنا الى ان يفكر في العيش تحت تأثير الواقع الافتراضي أكثر مما يعيش في العالم الحقيقي.. ويبرز هنا المدرس المتميز في واقع هذه حيثياته كدور مركزي و هام أكثر من أي وقت مضى، فالمدرس الخبير ببيئة عيش طلابه و المتمكن من التكنولوجيا التي باتت تُسير أدق تفاصيل حياتهم، هو فقط من يستطيع رسم حدود في المكان المناسب بين العالم الافتراضي و الآلي الذي تجرنا إليه التكنولوجيا لتحاول أن تجردنا من إنسانيتنا، و بين العالم الواقعي بعلاقاته الاجتماعية و الدفء الأسري بمشاعره و أحاسيسه التي لا يمكن محاكاتها في العالم الإفتراضي. فالإنسان في آخر المطاف اجتماعي بطبعه انساني بعلاقاته مع الوجود و لا يمكن أن يكون غير ذلك،
د زياد سالم القراني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وإيران.. من سيصمد أكثر أمام التوترات الداخلية والخار


.. بريطانيا: سوناك يبدأ حشد دعم الناخبين لانتخابات عامة في 4 يو




.. ماكرون يصل إلى كاليدونيا الجديدة في زيارة تهدف لإعادة الحوار


.. مقتل 12 شخصا على الأقل في جنين جراء عملية للجيش الإسرائيلي




.. مشروع إصلاح الإعلام العام في فرنسا.. نحو -بي بي سي فرنسية-؟